وجّه 13 من أبرز قادة العالم خطاباً مفتوحاً نشرته صحيفة «ذا غارديان» يوم الأربعاء للحث على التحول إلى الاقتصاد الأخضر والوصول إلى أهداف التنمية المستدامة ودعم النمو الاقتصادي في البلدان منخفضة ومتوسطة التنمية.
وشارك في هذا الخطاب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء المملكة المتحدة ريشي سوناك والرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
بالإضافة إلى رئيسة وزراء باربادوس ميا موتلي، ورئيس البرازيل لولا دا سيلفا، ورئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل، ومستشار ألمانيا أولاف شولتز، ورئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، ورئيس كينيا ويليام روتو، ورئيس السنغال ماكي سال ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا.
وجاء خطاب القادة كالتالي:
«نعمل بجد لتقديم الأفضل للبشر وكوكب الأرض، فقد أدت الصدمات المتعددة والمتداخلة إلى ضعف قدرة البلدان على معالجة بعض القضايا كالجوع، والفقر، وانعدام المساواة، والتغلب على التحديات، والاستثمار في مستقبلها.
كما تقف ديون البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل عقبة في طريقها نحو التعافي الاقتصادي، إذ تحد من قدرتها على النهوض باستثمارات أساسية طويلة الأجل.
نحن نعمل بجد لمحاربة الفقر وعدم المساواة، بعد أن انزلق ما يقدر بـنحو 120 مليون شخص إلى براثن الفقر المدقع خلال السنوات الثلاث الماضية، وما زلنا بعيدين عن تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول عام 2030.
لذا يتعين علينا الاستمرار في العمل على إتمام استراتيجيتنا لزيادة رفاهية البشر في كل مكان.
نريد نظاماً يُمكننا من تحديد مواطن الضعف المتزايدة المتعلقة بمخاطر المناخ، والتي من شأنها إضعاف خطط البلدان للقضاء على الفقر وتحقيق نمو اقتصادي شامل، إذ سيؤدي تغير المناخ إلى كوارث أخطر وأكثر تواتراً، وسيؤثر ذلك بشكل أكبر على الفئات الأكثر فقراً في جميع أنحاء العالم، فهذه التحديات لا تستثني أحداً وتشكل مخاطر وجودية على المجتمعات والاقتصادات.
نريد أن يقدم هذا النظام المزيد من الفائدة لكوكبنا، فالانتقال إلى عالم ذي انبعاثات صفرية وتحقيق أهداف اتفاقية باريس يمثلان فرصةً مثالية لبدء حقبة جديدة من النمو الاقتصادي العالمي المستدام، ونعتقد أن التحولات البيئية العادلة يمكنها المساهمة في التخفيف من حدة الفقر ودعم التنمية الشاملة والمستدامة لجميع شعوب العالم دون استثناء، وهذا يتطلب استثمارات طويلة الأجل وواسعة النطاق لضمان قدرة جميع البلدان على اغتنام هذه الفرصة، نحتاج أيضاً إلى نماذج اقتصادية جديدة تعترف بالقيمة الهائلة للطبيعة البشرية، مستوحاة من إطار عمل (كونمينغ مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي التاريخي).
نرى أن الحد من الفقر وحماية كوكب الأرض هدفان متقاربان، يجب أن نعطي الأولوية للتحولات العادلة لضمان أن يتمكن الفقراء والفئات الأكثر ضعفاً من جني فوائد هذه الفرصة بالكامل، بدلاً من تحمل النتائج السلبية وحدهم، كما ندرك أن البلدان قد تحتاج إلى اتباع مسارات انتقالية متنوعة تتماشى مع هدف خفض الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، كلٌ بحسب أوضاعه الداخلية، إذ من المستحيل تحقيق التغيير ما لم يتم توفير التضامن والفرص الاقتصادية اللازمة والوصول للنمو المستدام اللازم لتمويل هذا التغيير.
وباعتبارنا قادة الاقتصادات المتنوعة في كل ركن من أركان العالم، فلدينا تصميم على صياغة إجماع عالمي جديد، وسنعتمد على مبادئ قمة باريس لإنشاء ميثاق تمويل عالمي جديد يومي 22 و23 يونيو حزيران، والذي سيمثل لحظة سياسية حاسمة هدفها استعادة مكاسب التنمية المفقودة في السنوات الأخيرة، والإسراع بوتيرة التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك التحولات العادلة.
نحن واضحون بشأن استراتيجيتنا وهي: الوفاء بالتزامات التنمية والمناخ، وتماشياً مع خطة عمل أديس أبابا، ندرك أننا بحاجة إلى الاستفادة من جميع مصادر التمويل، بما في ذلك المساعدات الإنمائية الرسمية والموارد المحلية والاستثمارات الخاصة.
يجب أن يبدأ تحقيق هذا التوافق بالالتزامات المالية الحالية، كما يجب تحقيق أهداف التمويل الجماعي للمناخ في عام 2023، وسنسعى لتحقيق طموحنا العالمي بجمع 100 مليار دولار، 78 مليار جنيه إسترليني، من المساهمات الطوعية مع تخصيصها للبلدان الأكثر احتياجاً.
لا ينبغي لأي بلد أن ينتظر سنوات من أجل تخفيف عبء الديون. لذا نحن بحاجة إلى تعاون أكبر بشأن الديون تستفيد منه البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ويبدأ هذا بالوصول إلى قرارات حاسمة بشأن الحلول المطلوبة لرفع ثقل الديون عن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
ويأتي على قائمة أولوياتنا مواصلة الإصلاح الطموح لنظام بنوك التنمية المتعددة الأطراف، ونطالب بنوك التنمية بزيادة القدرة التمويلية وتعزيز رأس المال الخاص.
على الرغم من أهمية الموارد المالية، فإن هذا الإصلاح يتعلق بما هو أكثر من المال، إذ يتحتم علينا تقديم نموذج تشغيلي فعّال يعتمد على نهج تقوده الدولة.
نحتاج أيضاً إلى تضافر جهود بنوك التنمية مع الوكالات العامة الأخرى وصناديق الثروة السيادية ومؤسسات التمويل الخاص والمجتمع المدني لتحقيق تأثير أكبر.
سنعمل على تعزيز نقل التكنولوجيا، والتدفق الحر للمواهب العلمية والتكنولوجية، والمساهمة في بناء اقتصاد شامل ومنفتح وعادل وخالٍ من التمييز والانحيازات.
سنعمل على تعزيز أجندة الاستثمار المستدام والشامل في الاقتصادات النامية والناشئة، بناءً على القيمة الاقتصادية المضافة، ما يتطلب تحديد مقاييس جديدة لتحديث أدوات المساءلة لدينا.
ستبقى الموارد المالية العامة ضرورية لتحقيق أهدافنا، مع البدء في تقوية أدواتنا المالية الموجودة بالفعل (مثل المؤسسة الدولية للتنمية)، لكننا نُقر بأن تحقيق أهدافنا الإنمائية والمناخية سيتطلب إيجاد مصادر تمويل جديدة ومبتكرة ومستدامة، مثل إعادة شراء الديون، وتعزيز مشاركة القطاعات المزدهرة بفضل العولمة، وفتح المزيد من أسواق ائتمان الكربون.
فتوفير مجموعة من الأدوات المالية يعزز قدرة ومرونة الدول، لذا نعتبر هذا الأمر أولوية لنا، فنحن بحاجة إلى شبكة أمان عالمية، هدفها زيادة القدرة على التكيف، والتخفيف من آثار تغير المناخ، لا سيما في حالة وقوع الكوارث.
سيعتمد تحقيق أهدافنا الإنمائية على زيادة تدفقات رأس المال الخاص، وهذا يتطلب حشد موارد مالية يوفرها القطاع الخاص، تماشياً مع ميثاق مجموعة العشرين مع إفريقيا، كما يتطلب أيضاً تحسين بيئة الأعمال، وبناء القدرات المناسبة.
بشكل عام، يحتاج نظامنا إلى خفض تكلفة رأس المال من أجل ضمان التنمية المستدامة، بما في ذلك من خلال دعم التحول الأخضر في الاقتصادات النامية والناشئة.
يدور عملنا معاً حول التضامن والعمل الجماعي لتقليل التحديات التي تواجه البلدان النامية وتحقيق جدول أعمالنا العالمي.
سنواصل العمل من أجل إحراز التقدم المطلوب، والاستفادة من اللقاءات الدولية المهمة، بما في ذلك قمم مجموعة العشرين في الهند والبرازيل، وقمة أهداف التنمية المستدامة ومؤتمرات المناخ، بدءاً من مؤتمر (كوب 28) في الإمارات العربية المتحدة هذا العام.
وسنسعى إلى تعزيز الإجراءات المطلوبة للوفاء بالتزامنا بأهداف التنمية المستدامة، من أجل ازدهار بلداننا وشعوبنا وكوكبنا».