وصلت الفيضانات المدمرة التي تسببت في فوضى في شمال الهند إلى قصر تاج محل الشهير، في حدث نادر يحذر الخبراء من أنه قد يصبح ظاهرة منتظمة، إذ تؤدي أزمة المناخ إلى طقس أكثر قسوة يشهده كوكب الأرض قبل أي وقتٍ مضى.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الثلاثاء، أن مياه الفيضانات من نهر «يامونا» تصطدم بجدران المعلم التاريخي ومناطق الجذب السياحي الرئيسية.
كما شوهدت حديقة تقع خلف تاج محل مغمورة بمياه الفيضانات.. ومع ذلك، قالت هيئة المسح الأثري للهند، التي تحافظ على الموقع التراثي، إنها ليست مهددة بالفيضانات الحالية.
وقال الخبراء إنه من النادر أن تصل مياه الفيضانات إلى الجدران الخارجية للقصر الذي شيد بالقرب من مدينة أجرا في ولاية أوتار براديش الشمالية في القرن السابع عشر على يد إمبراطور موغال تكريماً لزوجته التي توفيت أثناء الولادة.. ويزور الموقع ملايين السياح كل عام.
بينما تحدث الفيضانات بانتظام في المنطقة خلال موسم الرياح الموسمية في الهند من يونيو حزيران إلى سبتمبر أيلول، يقول الخبراء إن تغير المناخ يزيد من تواترها وشدتها.
والهند، أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، هي واحدة من أكثر البلدان تضرراً من أزمة المناخ، وفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والتي من المحتمل أن تؤثر على 1.4 مليار شخص في جميع أنحاء البلاد.
أعلى مستوى على الإطلاق
قالت السلطات الأسبوع الماضي إن نهر «يامونا»، أحد روافد نهر الغانج، وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، ما أدى إلى عمليات إجلاء جماعية، وقد أبلغت الولايات الشمالية عن عشرات الوفيات جراء الفيضانات الغزيرة.
قال مسؤولون إن نهر «يامونا»، الذي يتدفق على بعد نحو 855 ميلاً (1376 كيلومتراً) جنوباً من جبال الهيمالايا عبر عدة ولايات، ارتفع مستوى المياه فيه إلى 208.57 متر (نحو 684 قدماً) بدءاً من يوم الخميس الماضي.
قالت السلطات الهندية إن عدة أجزاء من شمال الهند، بما في ذلك أجرا، لا تزال معرضة بشدة لخطر الفيضانات في الأسابيع المقبلة بسبب استمرار هطول الأمطار الغزيرة وتصريف المياه من القناطر.
لطالما حذّر العلماء من الآثار الضارة لتغير المناخ، الذي أدى إلى موجات شديدة من الطقس المتطرف غير المنتظم مثل حرارة الصيف الحارقة التي تلاها هطول أمطار غزيرة، ما أدى إلى فيضانات وانهيارات أرضية كارثية في معظم أنحاء آسيا.
انهيار مناخي
قال عالم المناخ في ناسا، بيتر كالموس، لشبكة CNN، «لا توجد علامة أقوى على حدوث انهيار مناخي»، في إشارة إلى إنذارات الظواهر الحالية التي تحدث مثل واقعة «تاج محل».
وأضاف، «ينبغي أن تكون الفترة المتبقية من هذا الصيف بمثابة جرس إنذار كبير، فكل شيء يزداد سوءاً من الآن وكل صيف سيكون أسوأ مما كان عليه من قبل؛ لا تزال أرواح المليارات في خطر».
لقد عانى «تاج محل» بالفعل بسبب سنوات من تلوث الهواء والحشرات وحشود السياح التي دمرت ضريحه الشهير وتسببت في تحول أجزاء من الخارج إلى اللونين الأصفر والأخضر.
وفي الوقت نفسه، تواجه العشرات من مواقع التراث العالمي مخاطر الفيضانات والتعرية مع اشتداد وتواتر الطقس المتطرف، فقد وجد باحثون أن الجداريات والتماثيل البوذية القديمة للكهوف على طول طريق الحرير في الصين، والتي يعود تاريخها إلى القرن الرابع، معرضة «لتهديد مباشر» من هطول الأمطار الغزيرة الناجمة عن تغير المناخ، وحذروا من أن الأعمال الفنية في بعض الكهوف تظهر بالفعل علامات التدهور وأن بعض القطع الأثرية قد تختفي في غضون سنوات قليلة.. أيضاً في كوريا الجنوبية دمرت الأمطار الغزيرة عشرات مواقع التراث الثقافي، حسب ما ذكرت إدارة التراث الثقافي في البلاد يوم الثلاثاء.