تقع محافظة الإسكندرية المصرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتجذب العديد من الزوار سواء من داخل مصر أو خارجها، لكن هذه المدينة الزاخرة بالثقافة والحضارة وتغنى بحبها العديد من الفنانين في أنحاء الوطن العربي، على وشك الاختفاء كغيرها من العديد من المدن المهددة بالغرق خلال سنوات؛ بسبب التغير المناخي، فهل يمكن لمؤتمر الأطراف « كوب 28» الذي تستضيفه الإمارات في نوفمبر تشرين الثاني أن يشكل بارقة أمل لإنقاذ تلك المدن من خلال مكافحة ظاهرة التغير المناخي؟

تسبب ظاهرة التغير المناخي الاحترار، وبالتالي ارتفاع مستويات البحر، مع ذوبان الجليد، ويعود ارتفاع منسوب المياه إلى مزيج من المياه الذائبة من الأنهار الجليدية، والصفائح الجليدية، والتوسع الحراري لمياه البحر مع ارتفاع درجة حرارتها.

في مؤتمر الأطراف «كوب 26» الذي أقيم في مدينة غلاسغو الإسكتلندية، منذ عامين، وجّه بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، تحذيراً مخيفاً بشأن اختفاء العديد من المدن الساحلية، منها الإسكندرية في مصر، وميامي في الولايات المتحدة، وشنغهاي في الصين.

وقال جونسون آنذاك «أربع درجات حرارة أخرى ونقول وداعاً لمدن بأكملها مثل ميامي، والإسكندرية، وشنغهاي، جميعها ​​ستضيع تحت أمواج البحر»، مؤكداً أن الوقت حان للتصدي للتغير المناخي.

رحلة مؤتمرات المناخ تصل محطة «كوب 28».. العالم يتحرك لإنقاذ الأرض من الاحترار

ما المدن المهددة بالغرق في العالم؟

كشف تقرير لمنتدى الاقتصاد العالمي عن المدن المهددة بالغرق والتي يتجاوز عددها العشرة، علماً أن بعض المدن تغرق بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر التي تتعدى ببطء على سواحلها، بينما تغرق أخرى بسبب الضخ المفرط للمياه الجوفية الذي يؤدي إلى تغيير في الضغط والحجم ما يتسبب في غرق الأرض، لكن لماذا اختار جونسون هذه المدن الثلاث دون غيرها للتعبير عن مخاوفه؟

  • الإسكندرية

منذ عام 2017، حذرت الإذاعة الوطنية العامة الأميركية، من غرق محافظة الإسكندرية المصرية، بسبب تآكل سواحلها لحساب البحر، وبالتالي بدأت الشواطئ في الاختفاء رويداً رويداً، مع ارتفاع منسوب البحر.

وأضافت أن منسوب البحر الأبيض المتوسط يمكن أن يرتفع بنسبة قدمين بحلول عام 2100.

من جهتها، توقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة في تقرير خلال 2023، أن مستويات البحر العالية في الإسكندرية -التي اعتبرتها من أكثر المناطق عرضة لتبعات تغير المناخ- قد تصل إلى نحو 68 سنتيمتراً بحلول 2050، ما يؤدي إلى إغراق أجزاء من المدينة، ويتسبب في تسرب المياه المالحة إلى المياه الجوفية، لذلك أصبحت ضمن المدن المهددة بالغرق.

  • ميامي

ترتفع مستويات سطح البحر في ميامي في ولاية فلوريدا الأميركية، بمعدلات أسرع مما هي عليه في مناطق أخرى من العالم، ما قد يؤدي إلى حدوث فيضانات وتلوث مياه الشرب وإلحاق أضرار جسيمة بالمنازل والطرق.

ووفقاً لمكتب خدمة الأرصاد الجوية في ميامي خلال 2023، فإنها من المدن المهددة بالغرق، نظراً لأن البحار آخذة في الارتفاع ولا يمكن أن يؤثر ذلك على ساحل جنوب فلوريدا فحسب، بل على المناطق الداخلية أيضاً، بينما أشارت إلى أن منسوب البحر ارتفع بالفعل بنحو 3 ملم في السنة.

وتوقعت مقاطعة ميامي أن يرتفع مستوى سطح البحر بحلول عام 2040، بمقدار من 10 إلى 17 بوصة على مستوى عام 2000.

  • شنغهاي

سجلت مستويات سطح البحر على الساحل الصيني أعلى مستوياتها على الإطلاق للعام الثاني على التوالي في 2023، إذ ارتفعت بسرعة أكبر من المتوسط العالمي وشكلت تهديداً خطيراً على المدن الساحلية مثل شنغهاي.

قال مسؤول بوزارة الموارد الطبيعية إن مستوى سطح البحر في الصين في عام 2022 كان 94 ملم أعلى من المستوى الطبيعي.

يأتي أكثر من نصف الناتج الاقتصادي للصين، و45 في المئة من سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة من المناطق الساحلية.

على مدى العقود الأربعة الماضية، تسبب ارتفاع مستوى سطح البحر على طول الساحل الصيني في آثار طويلة المدى، بما في ذلك تآكل النظم البيئية الساحلية وفقدان مسطحات المد والجزر.

دور «كوب 28» لحل قضايا التغير المناخي

كشف الرئيس المعين لمؤتمر «كوب 28»، سلطان الجابر، يوم الخميس، عن خطة المؤتمر الهادفة إلى تجنب ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض لأكثر من 1.5 درجة مئوية، وذلك عن طريق استهداف نتائج تفاوضية تلبي أكبر الطموحات.

وقال الجابر «نحن في منتصف الطريق بين باريس وعام 2030، إلّا أن العالم لا يزال بعيداً إلى حد كبير عن الهدف المنشود، والحقائق توضح أن الخطوات التدريجية التي اتخذت حتى الآن لمعالجة أزمة المناخ لا تلبي الحاجة الملحّة لاتخاذ إجراءات سريعة، لذلك، أدعو الجميع إلى التخلي عن الأساليب التقليدية المعتادة، والعمل معاً لاتخاذ إجراءات فعالة وحاسمة للوصول إلى نتائج تحقق تطوراً جوهرياً».

و ارتفاع درجات الحرارة، أوضح الجابر أن خطة عمل «كوب 28» تستهدف الحفاظ على إمكانية تجنب ارتفاع درجة الحرارة العالمية لأكثر من 1.5 درجة مئوية، ومن أجل ذلك تسعى رئاسة المؤتمر إلى تحقيق أعلى التطلعات مع اعتماد جدول زمني أيضاً، مشدداً «علينا إزالة الحواجز التي تبطئ التقدم، ومعالجة الانقسامات التي تعوق تحقيق أي تقدُم جوهري، إننا بحاجة إلى أن ينضم إلينا كل من يلتزم بحل المشكلة، لنتمكن من تقديم الحلول المناسبة لأن الجميع يتأثر بها».

وكان الجابر نوَّه خلال مشاركته في منتدى « تحفيز التمويل المناخي» المنعقد في المملكة المتحدة إلى الحاجة الملحّة لزيادة التمويل المخصص للمناخ من مليارات إلى تريليونات الدولارات؛ من أجل تحقيق الأهداف العالمية الخاصة بالمناخ والتنوع البيولوجي والتنمية المستدامة، قائلاً «إن تغير المناخ مشكلة عالمية تتطلب استجابة عالمية فعلية، وعلى جميع المؤسسات المالية الفاعلة العمل ضمن إطار جديد من التعاون والتكاتف لتمكين التمويل المناخي بالقدر اللازم والنطاق المنشود وبالسرعة التي يحتاج إليها العالم».

وكانت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا» أوضحت أن منسوب البحار ارتفع بنحو 98.5 ميلميتر منذ عام 1993، أي منذ ثلاثين عاماً، ليصل إلى أعلى مستوياته في 2023.