وفقاً لبيانات البنك الدولي، بلغ حجم النفايات الصلبة التي أنتجها العالم عام 2020 نحو 2.24 مليار طن (أي ما يعادل 0.79 كيلوغرام لكل شخص يومياً)، وحذّر البنك من زيادة حجم المخلفات بأكثر من 70% لتصل إلى 3.88 مليار طن سنوياً بحلول عام 2050 نتيجة ارتفاع أعداد السكان وزيادة التوسع الحضري على مستوى العالم.
ومع الزيادة المطّردة في حجم المخلفات، لم تعد الوسائل التقليدية كافية للتخلص من المخلفات الهائلة التي ينتجها العالم سنوياً، وأصبح العلماء والشركات في سباق مع الزمن لإيجاد حلول مبتكرة للحد من حجم المخلفات والحفاظ على البيئة، الأمر الذي ساعد على ظهور العديد من الابتكارات الثورية على مدار السنوات الأخيرة لخفض كمية النفايات الناتجة عن الأنشطة البشرية، بدءاً من أدوات المائدة القابلة للأكل حتى الملابس المصنوعة من قشور الروبيان.
أدوات الطعام صالحة للأكل
في محاولة للحد من النفايات الورقية والبلاستيكية، بدأت بعض الشركات بصناعة أكواب وملاعق و ماصات وأطباق يمكن تناولها بعد استخدامها، دون الحاجة إلى إعادة تدويرها.
وتظهر هذه المنتجات المصنوعة من مواد مثل القمح والأرز والسكر في الأسواق بنكهات مختلفة، كما ظهرت أنواع مبتكرة من أكواب القهوة المصنوعة من الشوفان والحبوب، التي يمكنها إضافة نكهة مميزة لمشروبك المفضل.
ورغم أن هذه المنتجات قد تصلح لتناول العديد من الوجبات، فإنها حتى الآن لا تغني عن استخدام أدوات المائدة المعدنية التقليدية، إذ لا يزال يؤخذ عليها ضعف قوامها وعدم انتشارها في الأسواق على نطاق واسع.
فطر يأكل البلاستيك
هناك العديد من المواد البلاستيكية التي لا يمكن إعادة تدويرها، وتمثل تهديداً بيئياً عالمياً بسبب طول مدة تحللها التي قد تصل لألف عام في بعض الأنواع، لكن اكتشاف العلماء أحد أنواع الفطر التي يمكنها أكل البلاستيك قد يغيّر المعادلة بالكامل.
اكتشف العلماء أن الكائنات الحية الدقيقة يمكن أن تؤدي دوراً حيوياً في تخليص الكوكب من النفايات البلاستيكية، إذ إن أكثر من 90 نوعاً من البكتيريا والفطريات لديها القدرة على المساعدة في تحلل البلاستيك.
ويمكن لهذا النوع من الفطر أن يعيش على البلاستيك وحده دون أكسجين، معتمداً على استهلاك مادة البولي يوريثين، وتحويلها إلى مادة عضوية، ما يجعله المرشح المثالي لتنظيف مدافن النفايات.
ملابس ذاتية التنظيف
صناعة الأزياء لها نصيب أيضاً من الإضرار بالبيئة، فمن جهة نحتاج إلى غسل الملابس التي نرتديها بشكل متكرر، ما يؤدي لإهدار الكثير من الماء، ومن جهة أخرى تدخل بعض المواد البلاستيكية في صناعة بعض أنواع الملابس ما يسهم في تفاقم مشكلة النفايات البلاستيكية.
لكن العلماء اكتشفوا أن إدخال بعض المواد النحاسية أو الفضية الدقيقة بين ألياف المنسوجات قد يؤدي إلى إزالة الأوساخ تلقائياً بمجرد التعرض لأشعة الشمس.
وتعمل هذه المواد النانوية على امتصاص الطاقة الشمسية، التي بدورها تبدأ بإثارة ذرات المعادن، ثم تكسير الأوساخ على القماش، وكل هذا في ست دقائق فقط.
وإذا أثبتت هذه المواد الرائدة التي طورها الباحثون الأستراليون فاعليتها، فقد لا تحتاج إلى غسل ملابسك بالماء، بل يكفي تعريضها لبضع دقائق لضوء الشمس لتنظيفها واستعادة رونقها.
ورق مصنوع من الأحجار
تمثل صناعة الورق 40 في المئة من إجمالي الأخشاب التي يتم قطعها من الأشجار عالمياً، بحسب بيانات الصندوق العالمي للطبيعة، وبينما تتضافر جهود العالم لمكافحة إزالة الغابات، ظهرت شركة «كراست» بفكرة مبتكرة تبشر بثورة في هذا المجال.
تصنع «كراست» الورق دون خشب أو ماء أو كلور أو أحماض، ما يقلل ثلثي البصمة الكربونية لهذه الصناعة التي تعد المتهم الأول في قضية إزالة الغابات، وذلك عن طريق استبدال الأشجار بالأحجار المعاد تدويرها وتحويلها إلى منتجات بسيطة وعملية أكثر متانة من الورق التقليدي.
ملابس من بقايا المأكولات البحرية
تنتج صناعة المواد الغذائية ما يصل إلى ثمانية ملايين طن من قشور السلطعون والكركند والروبيان، والعديد منها إما يُلقى مرة أخرى في المحيط، أو ينتهي به المطاف في مكبات النفايات، بحسب شركة «توم تيكس» الناشئة المتخصصة في مجال المواد الحيوية.
لمعالجة تلك المشكلة، سعت الشركة الطموحة لاستغلال هذه النفايات لصناعة نوع مبتكر من الجلود المصنوعة من البوليمرات المستخرجة من قشور المأكولات البحرية، والذي أطلقت عليه اسم «الشيتوزان».
وعلى عكس معظم الجلود الصناعية الموجودة في الأسواق، لا يستخدم هذا النوع من الجلود أي معالجات كيميائية، كما أنه ينتج ملابس خالية تماماً من البلاستيك.
ولا يقتصر الأمر على هذه المحاولات المبتكرة، بل يواصل العلماء والباحثون جهودهم لإيجاد حلول «خارج الصندوق» للتعامل مع مشكلات التلوث المستعصية التي أنهكت كوكب الأرض، ما يعزز الأمل في حياة أفضل في المستقبل.