في الوقت الذي تسعى فيه دول العالم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والمناخ من أجل مستقبل أفضل، تتضور البلدان الفقيرة جوعاً في ظل انعدام الأمن الغذائي والأزمات الاقتصادية والحروب.
وتظهر دول مثل اليمن وسوريا والسودان على رأس قائمة البلدان التي تواجه عقبات كبيرة في طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي تدعو لها الأمم المتحدة، وبخاصة الأهداف المعنية بالقضاء على الجوع والفقر.
على سبيل المثال، يواجه السودان أزمة غذاء متفاقمة، وهذا ما أكده المواطن السوداني محمود فاروق الذي قال لـ«CNN الاقتصادية» إن «الأمن الغذائي هو المشكلة الأكبر بالنسبة للسودانيين في الفترة الحالية، خاصة في ظل الحرب المستمرة منذ 15 أبريل (نيسان) حتى الآن».
وإلى جانب انعدام الأمن الغذائي والحروب، فإن نقص الطاقة والكهرباء يمثّل جرس إنذار إضافياً يهدد قدرة تلك الدول على تحقيق الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في توفير موارد الطاقة النظيفة بأسعار معقولة.
وفي هذا الصدد، ذكرت لُجين سليمان، من سوريا، أن أزمة نقص الكهرباء أجبرت الشعب السوري على اللجوء إلى حرق الحطب من أجل التدفئة في الشتاء (ما يسهم في زيادة تلوث الهواء)، في حين ظل يعاني طوال الصيف من الرطوبة وارتفاع درجة الحرارة دون توافر أي وسائل للتبريد.
أولويات الشعوب وأهداف الاستدامة
تغيرت أولويات شعوب الدول الفقيرة والنامية كثيراً على مدار السنوات الماضية مع تزايد الأزمات الاقتصادية والحروب التي دفعت ملايين الأشخاص حول العام للسقوط في براثن الفقر والجوع.
وبحسب ما ذكر المواطن اليمني ماجد الوشلي الذي عاصر هذه الأزمات في بلاده لـ«CNN الاقتصادية» فإن «الأولويات المُلحة للشعب اليمني في ظل الأزمة والصراعات القائمة هي توفير متطلبات العيش الرئيسية من ماء وغذاء ومأوى، وضمان الأمن والاستقرار، وتوفير الرعاية الصحية».
ووافقته لُجين التي شهدت الحرب في مدينة حلب وعانت من تداعيتها، قائلة، «خلال 12 عاماً من الأزمة تغيّرت أولويات الشعب السوري بشكل كبير، حالياً أقصى ما يريده المواطن الذي يعيش في البلاد هو كيفية التحصُل على قوت يومه».
ولا يبدو أن هناك حلاً وشيكاً لهذه المعاناة، إذ أكدت منظمة الصحة العالمية أن البلدان الفقيرة ستظل الأكثر عُرضة للتأثر بتلوث الهواء والماء، ولا يمكنهم الإفلات من ذلك؛ بسبب نقص الموارد المالية، متوقعة أن يكون هناك أكثر من تسعة ملايين حالة وفاة مرتبطة بالمناخ كل عام بنهاية القرن.
تغيّر المناخ يزيد الطين بِلَّة
ظهر أثر تغير المناخ بوضوح خلال الأشهر الماضية على الأراضي الزراعية في أنحاء العالم، في حين تأثرت البلدان الفقيرة على وجه خاص، لتتفاقم الأزمات الاقتصادية هناك.
ففي اليمن، انخفضت الإنتاجية الزراعية، وواجهت البلاد نقصاً في المحاصيل الموسمية التي يعتمد عليها سكان الريف، ما أدى إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية، كما تعرضت أجزاء من أراضي السودان للجفاف، وأصبحت شبه قاحلة بسبب أزمة المناخ، ويزداد الوضع سوءاً في خضم الصراع الدائر هناك.
وقال محمود فاروق، من السودان، إن المواطنين السودانيين يعانون من نقص الأمن الغذائي، ويكافحون لتوفير الموارد الغذائية لأطول فترة ممكنة، خاصة في المناطق الزراعية، التي تأثرت كثيراً بموسم هطول الأمطار هذا العام.
وأضاف نشوان عبدالله من اليمن، «الآن نحن نعيش ما لم يعشه أجدادنا ولم يروه، في لحظة ما يحدث إعصار مُدمر، وفي لحظة تنهار السدود وتحدث الزلازل، هذا كله يرجع سببه للتغير المناخي».
ومع ذلك، من المستبعد أن تهتم الشعوب الفقيرة بهذه التغيرات المناخية وسط ما تعانيه من ويلات على العديد من الأصعدة الأخرى، وهو ما عبّرت عنه دنيا عبدالله، من اليمن، بقولها «لسان حال اليمن يقول أنا الغريق، فما خوفي من البلل؟»، في إشارة إلى أن تغيّر المناخ لن يحظى كثيراً باهتمام الشعب اليمني الذي يصارع قضايا أخرى أكثر أهمية.
أهداف التنمية المستدامة والأمم المتحدة
ونظراً للعلاقة المباشرة بين هذه القضايا وأهداف التنمية المستدامة الـ17 التي تدعو الأمم المتحدة لتحقيقها بحلول 2030، فمن المتوقع أن تطرح على جدول اجتماعات المنظمة هذا الأسبوع.
تنعقد قمة الأمم المتحدة لعام 2023 بشأن أهداف التنمية المستدامة يومي 18 و19 سبتمبر أيلول، وسط آمال بأن تسفر القمة عن خطوات حقيقية لتغيير الوضع الذي تعيشه البلدان الفقيرة والنامية كل يوم.