ترتفع درجة حرارة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعدل ضعف المتوسط العالمي بسبب تغيّر المناخ، لكن بحلول عام 2050 يمكن أن تكون أكثر دفئاً بمقدار أربع درجات مئوية إذا استمرت المنطقة على المسار نفسه، بحسب ما يذكره تقرير صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي.
ويقول التقرير إن المنطقة عُرضة بشدة للصدمات المناخية مثل ندرة المياه والجفاف وارتفاع مستويات التلوث والنفايات المزمنة، مضيفاً أن لدى الآثار غير المباشرة لتغيّر المناخ القدرة على تهديد سبل عيش البشر وصلاحية الحياة البيئية.
وتتخلف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن نظيراتها العالمية، مع دورها الفعّال في تدفقات الطاقة العالمية، إذ تحتوي المنطقة على ما يقرب من نصف احتياطات النفط العالمية وتنتج نحو 30 في المئة من النفط العالمي.
وتتحمل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسؤولية واضحة لقيادة جهود إزالة الكربون في الطاقة التقليدية، إذ إن العديد من أكبر اقتصادات المنطقة تعتمد على إنتاج الهيدروكربون من أجل النمو، بحسب التقرير.
وأضاف أنه في العامين الماضيين، فإن المسؤولين عن 60 في المئة من انبعاثات الكربون بالمنطقة تعاهدوا صافي صفر كربون، وهي بداية قوية.
آثار التغيّرات المناخية
يقول التقرير إن الآثار المترتبة على هذه الظروف المتصاعدة مثيرة للقلق، مثل الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك تزايد موجات الحر في منطقة الشرق الأوسط والجفاف والفيضانات لتصبح ظواهر متكررة وأكثر كثافة.
وأضاف أن هذه الآثار تؤدي إلى موجات حر أكثر شدة ولفترة أطول، ما يؤدي إلى زيادة الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ.
وفي عام 2022 وحده، شهدت المنطقة نزوح 14 مليون شخص بسبب هذه الأحداث الكارثية، ومن المتوقع أن ينخفض توافر المياه إلى أقل من 547 م 3 نصيب الفرد سنوياً بحلول عام 2050، وفقاً للتقرير.
وبحسب مارون كيروز، مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن المنطقة يمكن أن تتعرض لعواقب متعددة من شح المياه بحلول عام 2050، إذ سيتسبب بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة 14 في المئة.
ويضيف لـ«CNN الاقتصادية» أن هذا يأتي بجانب تأثيره على الزراعة والتصحر، ما يؤثّر في الإطار الاقتصادي للمنطقة ككل.
وبدأ المواطن في منطقة الشرق الأوسط يشعر مؤخراً بتغيّرات المناخ ومدى تأثيرها على حياته مع معاناته من ظاهر تغيّر المناخ بدءاً من تجفيف بعض الأنهار في عدة دول إلى العواصف الرملية والفيضانات مثل فيضان ليبيا، بحسب كيروز.
فرصة منطقة الشرق الأوسط لخفض الانبعاثات
يقول التقرير إنه في حين يُنظر إلى إزالة الكربون على أنه تكلفة أو مخاطرة إضافية، فهو يوفّر أيضاً فرصة هائلة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تتمتع بإمكانية وصول وفير إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب مساحات واسعة من الأراضي غير المستغلة، ما يمكّنها للتحول للطاقة المتجددة ومشروعات الهيدروجين الأخضر.
وسيكون من شأن هذه المسارات الجريئة أن تسهّل عمل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للانتقال إلى اقتصاد خالٍ من الكربون وتساعد على تلبية الطلب الدولي المتزايد على الطاقة منخفضة الكربون.
وبحسب كيروز، فإن الحلول المطروحة يجب ألّا تناسب الدول الثرية، ولكن تتوسع لتكون صالحة للدول قيد النمو.
وتقدمت بعض دول الخليج في التزاماتها بتصفير انبعاثاتها سواء بحلول عام 2050 أو 2060، لكن على المستوى القطاع الخاص التزمت 12 في المئة من الشركات العاملة في المنطقة بتصفير انبعاثاتها مقارنة بـ47 في المئة بالشركات في دول شرق آسيا، بحسب كيروز.
ويقول إن استضافة الإمارات قمة المناخ كوب 28 هي دليل على التعاون بين القطاعين العام والخاص في المنطقة.
وتتوافق إجراءات الاستدامة بشكل جيد مع الأهداف الوطنية الأوسع لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للتنويع الاقتصادي والتوطين، وبالتالي تحفيز نمو الأعمال، بحسب التقرير.
ويقترح كيروز أن تسحب دول المنطقة الدعم الحكومي المقدم للمنتجات الملوثة للبيئة والتي تقدر بنصف تريليون دولار، لتقدمه للمواطنين في صورة دعم مباشر لتكنولوجيات ومصادر الطاقة البديلة.
ويقول التقرير إن السعي وراء الحلول المناخية في المنطقة هو أمر ضروري ليس مجرد ضرورة بيئية، بل استراتيجية فرصة لدفع عملية إزالة الكربون وتوليدها آفاقاً اقتصادية كبيرة في المستقبل القريب مستقبل.