تعرّف تقنية تحلية المياه بعملية إزالة الملح والملوثات من مياه البحر لإنتاج المياه العذبة وتمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 48 في المئة من الإنتاج اليومي للمياه المحلّاة في العالم، وفقاً لتقرير صادر عن بي إن سي إنتليجنس (BNC Intelligence).
ووصل حجم الإنفاق على مشاريع تحلية المياه المخططة أو قيد التنفيذ للعام الحالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى نحو 39.3 مليار دولار وفقاً للتقرير.
وتتصدر السعودية دول المنطقة والعالم في إنتاج المياه المحلاة بحجم يتجاوز 11.5 مليار متر مكعب، تنتج معظمه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة (SWCC) التي تديرها الحكومة.
ولمواجهة استدامة الطلب المتزايد على المياه قال طارق الغفاري، وكيل محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة لشؤون الأبحاث والمشاريع الابتكارية، لـ«CNN الاقتصادية» إن المملكة «قطعت خلال الخمسين سنة الماضية شوطاً كبيراً في هذا المضمار وإن قسم البحوث والابتكار التابع لها استطاع ابتكار تقنيات أثبتت جدواها الاقتصادية» لا سيما أن أكثر من عشرين براءة اختراع متخصصة في مجال تحلية المياه سُجلت العام الماضي، على حد قوله.
تقنيات متطورة لتحلية المياه
يحتاج نحو 800 مليون شخص حول العالم إلى المياه العذبة وفق منتدى الاقتصاد العالمي، وتتوقع الأمم المتحدة زيادة الفجوة بين العرض والطلب على المياه العذبة إلى ما نسبته 40 في المئة بحلول عام 2030.
وتُعد المياه الضحية الأولى للتغيرات المناخية كالجفاف وموجات الحرارة والفيضانات والعواصف على حد قول جوهان روكستروم خبير في معهد بوتسدام الألماني للأبحاث حول تأثيرات التغير المناخي.
من هذا المنطلق يعول الكثير من الخبراء على الدور الريادي لدول الخليج عامة والمملكة على وجه الخصوص في تحلية المياه وتصدير الخبرات إلى دول الجوار المعرّضة بدورها للتغيرات المناخية.
ويقول الغفاري إن للملكة باعاً طويلاً يناهز الخمسين سنة من الخبرة في مجال تحلية المياه سواء المالحة من بحر الخليج أو البحر الأحمر أو المياه الجوفية المتوفرة بما يتلاءم ورؤية المملكة 2030 والسعودية الخضراء.
كما نجحت المؤسسة في أن تكون من بين أوائل الشركات عالمياً في تقليل استهلاكات الطاقة التي تراجع معدلها من 3.5 إلى 2.27 كيلوواط للمتر المكعب.
تقنيات تمكّن التصدير
وكشف الغفاري أن مؤسسته تبنت تقنية الطابعة الثلاثية المؤسسة مؤخراً لتساعد كذلك في التقليل من استهلاكات الطاقة بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة.
وأشار إلى تطبيق تقنيات النانو بشكل كامل سواءً من حيث تشغيلها على المحطات التجريبية أو على التوجه التجاري، وركز على أن الاستخدام الأمثل لهذه التقنية يقوم على فصل المعادن الأحادية والثنائية لاستخلاص المعادن بنقاوة عالية جداً تمهيداً لاستغلالها في الصناعات الدوائية والبتروكيماويات والعسكرية وغيرها.
التحديات البيئية
تواجه تقنيات تحلية المياه تحديات بيئية جمّة، فتكلفة بناء المحطات واستخدامها لا تزال عالية، وتتطلب كمية هائلة من الطاقة لتشغيلها، وفي الوقت نفسه، تنتج مواد كيميائية سامة وكميات كبيرة من النفايات المالحة الضارة بالحياة البحرية والبيئة، فضلاً عن انبعاثات الغازات الدفيئة إذا كانت تعمل بالديزل.
وأوضح الغفاري أن نسبة استهلاكات الطاقة تشكل بين 60 و70 في المئة من التكاليف التشغيلية وأن المؤسسة العامة لتحلية المياه استطاعت خفض معدلات استهلاكها للطاقة من 3.5 كيلوواط للمتر المكعب إلى 2.5 كيلو واط.
وأضاف أن الاستدامة ضمن أولويات المؤسسة التي تعتمد على حوكمة إنتاجها باستخدام تقنيات متعددة لاستغلال المياه والمعادن القيمة بشكل كافٍ.