في جنوب الأقصر، حيث يلتقي أخضر الوادي مع أصفر الصحراء أو الحاجر مثلما يسمونه أهالي صعيد مصر توجد مزنة، وهي مصنع صغير لإنتاج السماد الحيوي.

يقف موسى خليل، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لمزنة وسط فريقه بقميص أسود يشبه زي مارك زوكربيرغ مؤسس ميتا، مفتخراً بما أنجزه في شركته الناشئة الصغيرة في إنتاج الأسمدة الحيوية.

الفكرة بسيطة، وتكمن في أخذ مخلفات غرف إنتاج الوقود الحيوي التي بدأت تنتشر في الأراضي الزراعية التي تحيط بالمدينة المصرية القديمة، ثم معالجتها لتحويلها إلى سماد عضوي.

35 مليون طن حجم المخلفات الزراعية في مصر

ولكن مزنة الصغيرة تستطيع إنتاج 250 ألف لتر من السماد العضوي شهرياً، ونجحت بعد أربعة أعوام فقط، بحسب خليل، الذي قال في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إنه يوجد في مصر «أكثر من 35 مليون طن مخلفات زراعية يُتخلص من أغلبها بطرق خاطئة، إذ تُلقى على جانبي النيل أو تُحرق بجوار الترع والطرق، وهو ما يسبب مشكلات صحية وبيئية، في مزنة نجمع المخلفات الزراعية ونقوم بإعادة تدويرها لإنتاج أسمدة عضوية سائلة».

نوب ومو وواج هي الأسماء التجارية لمنتجات مزنة الأكثر انتشاراً، وكل منها يعمل بشكل مختلف على نمو النبات، فبعضها يعمل على تقوية البذور، والبعض الآخر يغذي الثمار أو النمو الخضري.

بحسب خليل، تساعد الأسمدة العضوية على زيادة المحصول بنسبة 25 في المئة، كما تسهم في توفير خمسة في المئة من الماء الذي يستخدمه المزارعون في ري الأرض، ولكن الأهم هو تقليص استخدام الأسمدة الكيماوية.

الأسمدة العضوية تنجح في زيادة الإنتاج بنسبة 25%

يقول النوبي إبراهيم، الذي يزرع أرضه الواقعة في قرية المريس على الضفة الغربية من نهر النيل بمحافظة الاقصر، في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إنه بدأ استخدام الأسمدة العضوية قبل نحو عام، مشيراً إلى أنها ساعدته على زيادة الإنتاجية بنسبة 25 في المئة، كما أنه قلص استخدام الأسمدة الكيماوية بنسبة 70 في المئة، قال «أستخدم الآن الأزوت فقط وهو لازم لتقوية الزراعات في مصر».

يستخدم أغلب المزارعين في مصر الأزوت بسبب توقف الترسيبات الطينية لنهر النيل منذ بناء السد العالي بأسوان في منتصف القرن الماضي، وبدأت طفرة استخدام الأسمدة الكيماوية في مصر في منتصف سبعينيات القرن العشرين، وتزامن هذا مع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تبنتها الدولة إبان عصر الرئيس الأسبق أنور السادات والانفجار السكاني الذي شهدته مصر.

وكشف إبراهيم عن عزمه التوقف عن استخدام الأزوت قريباً إذا ثبت وجود الأزوت بنسبة خمسين في الألف في السماد العضوي الذي يستخدمه، ما سيتيح له الزراعة بدون استخدام أسمدة كيماوية كلياً.

وتمد مزنة حالياً أكثر من أربعة آلاف عميل في ثلاث عشرة محافظة موزعةً في الصعيد والدلتا بغالونات الأسمدة العضوية، ولا يُخفي خليل طموحه الكبير في الوصول إلى عدد أكبر من المستهلكين والتصدير الى دول إفريقية، وربما جميع بلدان العالم، على حد قوله، واختتم قائلاً «نتمنى أن يتحول القطاع الزراعي في مصر ليتبنى أساليب زراعية أكثر استدامة كترشيد المياه والتخلي عن استخدام الأسمدة الكيماوية».

وتستعد مصر للمشاركة فى قمة مؤتمر أطراف المناخ كوب 28، والتي ستعقد في الإمارات، بهدف استكمال العمل على عدد من المحاور مثل صياغة هدف عالمي للتكيف واستكمال العمل على المبادرات التي تم إطلاقها خلال رئاسة مصر لمؤتمر المناخ (كوب 27)، ومنها مبادرة الحلول القائمة على الطبيعة ومبادرة المخلفات 50 بحلول 2050 لإفريقيا.