اعتبر تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ أن خطط العمل الوطنية للمناخ لا تزال غير كافية للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية وتحقيق أهداف اتفاق باريس.

وعلى الرغم من الجهود المتزايدة التي تبذلها بعض البلدان، أظهر التقرير الصادر يوم الثلاثاء أن هناك حاجة إلى المزيد من الإجراءات الآن لتغيير مسار الانبعاثات العالمية بشكل أكبر وتجنب أسوأ آثار تغيّر المناخ.

وقال الأمين التنفيذي لتغيّر المناخ في الأمم المتحدة سيمون ستيل «يظهر تقرير اليوم أن الحكومات مجتمعة تتخذ خطوات صغيرة لتجنب أزمة المناخ، ويوضح لماذا يجب على الحكومات أن تتخذ خطوات جريئة إلى الأمام في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ كوب 28 في دبي، حتى تتمكن من السير على الطريق الصحيح، وهذا يعني أن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين يجب أن يكون نقطة تحول واضحة، ويجب على الحكومات ألّا تتفق فقط على الإجراءات المناخية الأقوى التي سيتم اتخاذها، بل يجب أيضاً أن تبدأ بتوضيح كيفية تنفيذها بالضبط».

وشدد ستيل على أن اختتام أول تقييم عالمي لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لتغيّر المناخ، الذي سيعقد في الفترة من 30 نوفمبر تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر كانون الأول من هذا العام في مدينة دبي إكسبو، هو المكان الذي يمكن أن تستعيد فيه الدول الزخم لتعزيز جهودها في المجالات كافة والمضي قدماً على المسار الصحيح نحو تحقيق الأهداف من اتفاق باريس.

ما هو مؤتمر المناخ كوب 28؟

ويهدف التقييم إلى إثراء الجولة القادمة من خطط العمل المناخية بموجب اتفاق باريس المعروفة باسم المساهمات المحددة وطنياً أو (NDC) التي سيتم طرحها بحلول عام 2025، ما يمهّد الطريق لتسريع العمل.

وأضاف ستيل: أن «تقرير التقييم العالمي الصادر عن الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ هذا العام يظهر بوضوح أين يكون التقدم بطيئاً للغاية، ولكنه يعرض أيضاً مجموعة واسعة من الأدوات والحلول التي تطرحها البلدان، ويتوقع مليارات الأشخاص أن يروا حكوماتهم تلتقط مجموعة الأدوات هذه وتضعها قيد التنفيذ».

تغيّر المناخ.. هل العالم على المسار الصحيح؟

وأشارت أحدث الأبحاث الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ التابعة للأمم المتحدة إلى ضرورة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 43 في المئة بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2019.

ويعتبر هذا أمراً بالغ الأهمية للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن وتجنب أسوأ آثار تغيّر المناخ، بما في ذلك حالات الجفاف الأكثر تواتراً وشدة وموجات الحر وهطول الأمطار.

وفي هذا الصدد، قال ستيل «كل جزء من الدرجة العلمية مهم لكننا انحرفنا بشدة عن المسار الصحيح.. إن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ كوب 28 هو الوقت المناسب لتغيير ذلك.. لقد حان الوقت لإظهار الفوائد الهائلة الآن للعمل المناخي الأكثر جرأة: المزيد من الوظائف، وارتفاع الأجور، والنمو الاقتصادي، والفرص والاستقرار، وتلوث أقل، وصحة أفضل».

وقامت الأمم المتحدة بتحليل المساهمات المحددة وطنياً لـ195 طرفاً في اتفاق باريس، بمن في ذلك 20 مساهماً جديداً أو محدثاً تم تقديمها حتى 25 سبتمبر 2023.

وتماشياً مع النتائج التي توصل إليها تحليل العام الماضي، أوضح التقرير أنه على الرغم من أن الانبعاثات لم تعد تتزايد بعد عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2019، فإنها لا تزال لا تظهر الاتجاه الهبوطي السريع الذي يقول العلم إنه ضروري هذا العقد.

وإذا تم تنفيذ أحدث المساهمات المحددة وطنياً المتاحة، فإن الالتزامات الحالية ستؤدي إلى زيادة الانبعاثات بنحو 8.8 في المئة مقارنة بمستويات عام 2010.

ويعد هذا تحسناً هامشياً مقارنة بتقييم العام الماضي، الذي وجد أن البلدان كانت في طريقها لزيادة الانبعاثات بنسبة 10.6 في المئة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010.

ومن المتوقع أن تكون الانبعاثات بحلول عام 2030 أقل بنسبة 2 في المئة من مستويات عام 2019، ما يسلّط الضوء على أن ذروة الانبعاثات العالمية ستحدث خلال هذا العقد.

ومن أجل تحقيق ذروة الانبعاثات قبل عام 2030، ذكر التقرير أنه «لا بُدّ من تنفيذ العناصر المشروطة للمساهمات المحددة وطنياً، وهو ما يعتمد في الأغلب على الوصول إلى الموارد المالية المعززة، ونقل التكنولوجيا والتعاون الفني، ودعم بناء القدرات، فضلاً عن توافر الآليات القائمة على السوق. وباستخدام عملية التقييم العالمي للتخطيط للمستقبل، يمكننا أن نجعل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) يغيّر قواعد اللعبة».

وقال ستيل إن «توفير نقطة انطلاق لزيادة العمل المناخي لمدة عامين.. نحن بحاجة إلى إعادة بناء الثقة في عملية باريس.. وهذا يعني الوفاء بالالتزامات جميعها، وخاصة فيما يتعلق بالتمويل، وهو العامل التمكيني الأبرز للعمل المناخي، والتأكد من أننا نعمل على زيادة القدرة على التكيُّف مع تأثيرات المناخ في كل مكان».

من جهته، قال الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين سلطان الجابر «يؤكد التقرير التجميعي لخطط المناخ الوطنية اليوم حاجتنا إلى العمل بطموح أكبر وإلحاح لتحقيق أهداف اتفاق باريس.. ببساطة لم يعد هناك وقت للتأخير».

وتابع بالقول «يجب أن يكون مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (كوب 28) نقطة تحول تاريخية في هذا العقد الحاسم بالنسبة للأطراف لاغتنام لحظة التقييم العالمي للالتزام برفع طموحهم والتوحيد والعمل وتحقيق النتائج التي تبقي 1.5 درجة مئوية في متناول اليد، مع عدم ترك أحد خلف الركب».

كما قال رئيس مؤتمر الأطراف السابع والعشرين ووزير الخارجية المصري سامح شكري «تظل المساهمات المحددة وطنياً حجر الزاوية في رؤيتنا المشتركة لتحقيق أهداف باريس، بما في ذلك الحفاظ على هدف أقل من درجتين والتطلع إلى الحد من الزيادة إلى أقل من 1.5 درجة.. في شرم الشيخ، ناقش القادة العديد من المبادرات لمساعدتنا على تحقيق هذا الهدف، وكذلك مساعدة الجنوب العالمي على تكيُّف اقتصاداته وفقاً لذلك.. نحن بحاجة للحفاظ على الزخم لأنه لا يوجد وقت لإضاعة أو فقدان التركيز على الهدف».

«من الضروري، بينما نواصل تعهدنا بمواصلة السعي لتحقيق العدالة المناخية ومساعدة بلدان الجنوب العالمي التي تسهم بأقل قدر من الانبعاثات ومع ذلك تتحمل وطأة الآثار الأكثر شراسة لتغيّر المناخ، ليس فقط البقاء على قيد الحياة ولكن أيضاً الانتقال إلى مجتمع أكثر استدامة.

وأضاف: «الاقتصاد من خلال مسارات انتقالية عادلة».

استراتيجيات التنمية طويلة الأجل

كما تناول تقرير الأمم المتحدة الثاني حول تغيّر المناخ واستراتيجيات التنمية طويلة الأجل المنخفضة الانبعاثات خطط البلدان للانتقال إلى صافي الانبعاثات صفر بحلول منتصف القرن أو في منتصفه تقريباً.

وأشار التقرير إلى أن انبعاثات الغازات الدفيئة في هذه البلدان يمكن أن تكون أقل بنسبة 63% تقريباً عام 2050 عما كانت عليه عام 2019 إذا تم تنفيذ الاستراتيجيات طويلة المدى جميعها بالكامل في الوقت المحدد.

وتمثّل الاستراتيجيات طويلة المدى الحالية، التي تمثّل 75 طرفاً في اتفاق باريس، 87 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و68 في المئة من سكان العالم عام 2019، ونحو 77 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية عام 2019، وهذه إشارة قوية إلى أن العالم بدأ يهدف إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية.

ومع ذلك، لفت التقرير إلى أن العديد من أهداف صافي الانبعاثات الصفرية لا تزال غير مؤكدة وتؤجل إلى الإجراء الحاسم الذي يجب اتخاذه الآن في المستقبل.