يُثقل تغير المناخ كاهل الدول حول العالم التي تسعى جاهدة لإيجاد حلول مستدامة والوفاء باستحقاق صافي انبعاثات صفرية للكربون، ويعد التمويل أبرز تحدٍّ يواجهها، لكن تعظيم دور المرأة والتكنولوجيا قد يسهمان في الحل.
وتعاظم في الآونة الأخيرة دور المرأة في مكافحة التغيير المناخي وتقديم الحلول في قطاع تكنولوجيا المناخ الذي يعتبر المحرك الرئيسي في تعزيز الزخم وتسريع الجهود المبذولة، لتتماشى مع متطلبات وتوصيات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، الداعية إلى خفض الانبعاثات بنسبة 43 في المئة بحلول عام 2030.
وتتنوع مساهمات شركات تكنولوجيا المناخ لتغطي عدة قطاعات كالطاقة والنقل والزراعة والحديد والصلب والطاقة البديلة، إلى جانب إنتاج الهيدروجين الأخضر وتطوير تقنيات هدر الطعام والغذاء البديل.
وقال يحيى عانوتي، الشريك في «استراتيجي أند» ورئيس منصة الاستدامة في «بي دبليو سي»، إن «منطقة الشرق الأوسط تولي اهتمامها بالاستثمار في تكنولوجيات المناخ، سواء في المنطقة أو عبر عمليات استحواذ على شركات خارجها، على الرغم من تراجع الاستثمارات على الصعيد العالمي نتيجة التباطؤ الاقتصادي»، مشدداً على أن معدل مبادرة النساء لتأسيس شركات تكنولوجيا المناخ في الشرق الأوسط في ارتفاع مستمر .
تكنولوجيا المناخ واستثمارات متواضعة
تقول دينا الشنوفي، كبير مسؤولي الاستثمار في (Flat6 Lab)، الذي يعد من أكثر صناديق رأس المال المغامر نشاطاً في مصر والخليج، «يبلغ حجم الاستثمار في تكنولوجيا المناخ في الشرق الأوسط خمسة في المئة فقط من إجمالي الاستثمارات، مقارنةً بـ12 في المئة عالمياً».
وشددت الشنوفي على أن شركات التكنولوجيا المالية في المنطقة تحتاج إلى جانب التمويل سياسات دعم للشركات الناشئة بكل مراحلها وتصنيفاتها، وتوفير حوافز كمختبرات تجارب للتكنولوجيات الناشئة ودعم تقني وفني و حق الوصول إلى المعلومات لتوفير البيانات اللازمة لتطوير الحلول المواتية.
وقالت «الشباب العربي لديه الطاقات والإمكانات الكافية للإبداع، لكنه بات يخشى خوض غمار تجارب ذات جدوى اقتصادية متواضعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى التعرض لمخاطر الإفلاس».
تنوع محدود
ولفتت باسمة عبد الرحمن، المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة (KESK) المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة في العراق، إلى أن فقدان المستثمرين الشهية للاستثمار في تكنولوجيا المناخ كونها لا تزال شركات ناشئة متواضعة اقتصادياً، داعيةً إلى ضرورة بذل المزيد من التوعية والتمكين لهذا القطاع.
وشددت على أن لكل منطقة جغرافية حلولها الخاصة، فلا يمكن تطبيق حلول مستوردة من الخارج لا تتناسب والحاجات الحقيقية للأزمات المناخية في الشرق الأوسط مثل تلوث المياه والتربة والتصحر على سبيل المثال.
أما لينا العليمي، التي تعمل على توظيف جوائزها الإبداعية النقدية لإنشاء شركة (Symbaiosys)، المنصة العربية الأولى لجمع البيانات عن المشاريع الخاصة بالطبيعة، فقالت «كل ما تقدمه الطبيعة مجاناً من إزالة للكربون وتنقية للهواء وحماية من الفيضانات وغيرها تبلغ قيمته أكثر من 140 تريليون دولار، ما يتجاوز الناتج الإجمالي لاقتصادات العالم مجتمعة، ورغم ذلك فإن قيمة فجوة التمويل لمشاريع الطبيعة لا تزال بحدود أربعة تريليونات دولار».
دور أساسي للمرأة
تنوع المشاريع والمبادرات أصبح بحاجة إلى ضخ التمويل اللازم للوصول إلى تطبيق شمولي واسع للاستدامة وتغطية فئات المجتمع كافة، لا سيما الأكثر عرضة للتأثر بالتغيرات المناخية كالأطفال والنساء.
ويؤمن عانوتي بأن للمرأة دوراً قيادياً في توجيه دفة مكافحة التغير المناخي، حيث بلغت نسبة النساء الرائدات في تأسيس شركات تكنولوجيا المناخ في الشرق الأوسط 30 في المئة، الأمر الذي تعتبره الشنوفي أنه لا يزال ضئيلاً، داعيةً إلى حث الجهود لرفع هذه المساهمات.
وترى العليمي أن المطلوب هو المزيد من الجهود لوضع خطط وحوافز تدعم المرأة وتحفز مشاركتها في الدبلوماسية المناخية وسدة القرار لتحقيق أهداف الاستدامة.
ويبقى الشرق الأوسط أمام تحدٍ أساسي يتمثل في تعزيز القيادات النسائية لسد الفجوة المستمرة في المساواة بين الجنسين، حيث لم تتجاوز نسبة التكافؤ في تقليص الفجوة 62.6 في المئة، وفقاً لتقرير الفجوة العالمية بين الجنسين 2023 لـ«المنتدى الاقتصادي العالمي».