«أنا لا أؤمن مطلقاً بهذه الاجتماعات الكبيرة ولا أعتقد بوجود فائدة لها باستثناء إلقاء الضوء على المشكلات والحديث عنها في وسائل الإعلام»، بهذه الكلمات أعرب المخرج والناشط البيئي الفرنسي يان أرتوس بارترون عن رأيه في قمم كوب.

يتذكر مخرج الأفلام الوثائقية الفرنسي في لقائه مع «CNN الاقتصادية» مشاركته في قمة الأرض التي عُقدت عام 1992 في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، والتي أصبحت فيما بعد بمثابة الأب الشرعي لقمم كوب، يقول بارترون «كنا نتحدث عن تآكل مساحات الغابات واختفاء المساحات الخضراء ولم يبدأ الحديث عن الاحتباس الحراري إلا مع عرض فيلم (حقيقة غير مريحة) من تقديم نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور في عام 2006».

وألقى الفيلم الوثائقي الأميركي الحائز جائزة الأوسكار (حقيقة غير مريحة)، والذي أخرجه ديفيس غوغنهايم عام 2006، الضوء على ظاهرة الاحترار العالمي.

صورة جوية لإحدى القرى بدلتا النيل بشمال مصر
صورة جوية لإحدى القرى بدلتا النيل بشمال مصر. تصوير وإهداء من يان أرتوس بارترون

وفضلاً عن شهرة بارترون بإخراج وتصوير أفلام جوية رصدت أعراض التغيرات المناخية مثل ذوبان الثلوج والتصحر و تآكل الشواطئ فضلاً عن فيلمه الشهير هيومان وكتابه المصور الأرض من السماء الذي صدر عام 1999، فقد مثّل فرنسا سفيراً للنوايا الحسنة لمكافحة الاحتباس الحراري لدى الأمم المتحدة.

ويضيف بارترون، الذي توقف عن حضور قمم كوب منذ عدة أعوام، أن المشكلة الأساسية تكمن في اعتماد «حضارتنا على الوقود الأحفوري وأن هناك نحو 500 نقطة لإنتاجه على كوكبنا، وحضارتنا تعتمد عليه بشكل كبير لتحقيق النمو، سجل العام الماضي أعلى درجات حرارة منذ بداية تسجيل الأرصاد، وهو كذلك العام الذي شهد الاستهلاك الأكبر للوقود الأحفوري».

ويؤكد الناشط البيئي الفرنسي اعتقاده بأن «لا أحد يرغب في قتل الحياة على كوكب الأرض، لا أحد يرغب في إيذاء أبنائه وأحفاده وإيذاء مَن نحبهم، ولكن الطريقة التي ندير بها حياتنا اليومية لا تؤدي إلى هذا، الوضع متناقض بشدة ونحن نقوم بعمل عكس ما علينا القيام به».

صورة جوية لمصانع الصلب بإقليم سيبيريا  في روسيا
صورة جوية لمصانع الصلب بإقليم سيبيريا في روسيا. تصوير وإهداء من يان أرتوس بارترون

يرفض بارترون وصف نظرته بالتشاؤم بخصوص لقاءات كوب، ولكنه يقول «لم تنجح أي من لقاءات كوب منذ تأسيسها في تقليل استخدام الوقود الأحفوري، إذاً لا أدري كيف ستنجح لقاءات كوب 28 هذه المرة في ما فشلت فيه كل اجتماعات كوب السابقة».

ويعتقد بارترون أنه على الرغم من المسؤولية الواقعة على رجال السياسة فإن «التغيير يجب أن يأتي من الأسفل وأن تهتم الشعوب بمشكلات البيئة وآثارها»، ولكنه يلوم صانعي القرار أنهم أصحاب «رؤية انتخابية وهي بالطبع ليست بعيدة النظر، على عكس مكافحة التغير المناخي الذي يحتاج إلى نظر أبعد».

صحراء موريتانيا من الجو.
صحراء موريتانيا من الجو. تصوير وإهداء من يان أرتوس بارترون

منال الشهابي، مديرة شركة (SHEER) للأبحاث والاستشارات والأكاديمية في جامعة أكسفورد، تتفق جزئياً مع بارترون ولكنها ترى أن مؤتمرات كوب على الرغم من عدم احترام العديد من قراراتها من قبل الدول فإنها تظل أفضل آلية متاحة الآن لمحاربة التغيرات المناخية ومساعدة الدول المتضررة.

وقالت الشهابي في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إن كوب «تُعد المكان الوحيد الذي من خلاله نستطيع أن نحمّل الدول الصناعية والملوِّثة مسؤولية التغير المناخي وتستطيع أن تطلب من خلاله الدول النامية المساعدة من الدول الصناعية، إذ إن الدول النامية هي الأكثر تضرراً من التدهور المناخي».

منصة لاستخراج البترول ببحر الشمال.
منصة لاستخراج البترول ببحر الشمال. تصوير وإهداء من يان أرتوس بارترون

وشددت الشهابي على أن مؤتمرات كوب «أفضل حل متاح» على الرغم من عدم وجود سلطة إلزامية لها، إذ إنها آلية لا بديل آخر لها، وترى الشهابي أن مكافحة التغيرات المناخية وآثارها «مسؤولية في عنق الجميع» سواء الشعوب أو رجال السياسة المطالبون بسن تشريعات أكثر صرامة واحترامها والعمل على تطبيقها على الأرض لإحداث تغيير والوصول إلى أهداف قمة باريس بالالتزام بخفض درجة حرارة الأرض درجة ونصف بحلول عام 2030.