لا يختلف اثنان على أهمية صندوق (الخسائر والأضرار) الذي أُعلن عنه في اليوم الأول من كوب 28، وفيما ينتظر الجميع كيفية تدفق الأموال إلى الصندوق والإعلان عن أولويات التمويل لمكافحة تداعيات تغيّر المناخ، تبقى النقاشات حول موضوع الانتقال العادل نحو الطاقة النظيفة.

«يؤثر تغير المناخ على الناس، لكن ليس على قدم المساواة، لذا فهي قضية عدالة اجتماعية، إنها مسألة إنصاف»، هذا ما قاله أندرو هاربر، المستشار الخاص للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن التغير المناخي (UNHCR) في مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، وأضاف أنه رغم أن تغيّر المناخ يؤثر على العالم أجمع، فإنه كارثي على الفئة الأكثر فقراً، خاصة النازحين الذين يشعرون بالعبء الحقيقي، حسب قوله.

الصراعات تحول دون وجود حلول لتغيّر المناخ

يقول هاربر إن هناك علاقة مباشرة بين تغير المناخ والصراعات، إذ تندلع صراعات على الأراضي الصالحة للزراعة وبهدف الوصول إلى مصادر المياه، وأضاف أن الجميع «سيتأثر بالظواهر الجوية القاسية، لكن من سيملك القدرة على مقاومة ذلك؟ الأكثر فقراً في العالم لا يملكون القدرة على المقاومة والتكيف».

وتابع هاربر قائلاً إنها مسألة محاولة التأكد أننا نؤمن الحماية اللازمة للسكان الذين يحتاجون إلى أكبر قدر من الحماية من الظواهر الجوية المتطرفة ونقاط الضعف المستقبلية، وأكّد هاربر أن «المزيد من الكوارث ستحدث في جميع أنحاء العالم».

وشدد هاربر على أن ما لا يقل عن 110 ملايين شخص نزحوا بسبب الصراع، وهذا الرقم مرشح للزيادة بأعداد تفوق عشرات الملايين في السنوات القادمة، مؤكداً أن أكثر من 4 ملايين شخص نزحوا في الأشهر الأربعة الماضية على مستوى العالم، وتابع أن المتضررين من الصراعات وتداعيات تغيّر المناخ سيضطرون إلى مغادرة منازلهم والعيش في خيام أو الانتقال إلى الصحاري أو إلى المناطق التي ستغمرها المياه.

وذكر أن القرار الذي اتخذ بشأن صندوق الخسائر والأضرار خلال اليوم الأول «رائع لكن علينا التأكد من أن الأموال تصل إلى الفئات الأكثر حاجة مثل المزارعين والنساء اللاتي تصارعن لتأمين سبل العيش لأطفالهن… لا يمكننا الاحتفاظ بالأموال في العواصم أو البنوك التنموية».

وأضاف هاربر أنه إن لم يصل المال للأفراد للعيش في منازل تستطيع مقاومة الأعاصير وغيرها من الظواهر المناخية، أو الحصول على إمدادات مياه موثوقة أو محاصيل أكثر مقاومة للجفاف، «فإن كل ذلك لا معنى له».

وتابع هاربر أننا «بحاجة إلى مِنح، نحتاج إلى قروض ميسرة حتى لا تصبح تلك البلدان التي تستثمر في سكانها أكثر مديونية، لأنه إذا كانت البلدان مدينة، فإن ذلك يقلل من قدرتها على الصمود في مكافحة تغير المناخ».

وأكّد هاربر أن الصندوق هذه المرة، سيسمح للفئات الأكثر احتياجاً بالوصول إلى مبتغاها.

«سوء الإدارة» في الشرق الأوسط يعيق التأقلم مع تغيّر المناخ

يقول هاربر «هناك أجزاء من الشرق الأوسط لن تكون صالحة للسكن في غضون عشرة أو 15 أو 20 عاماً»، وشدد على ضرورة إرشاد الأفراد والحكومات في هذه المنطقة إلى كيفية التأقلم مع تغيّر المناخ من خلال إعادة التدوير والحفاظ على المياه.

وقال «هناك عدد من الأمثلة على البلدان التي تتأثر بالظواهر الجوية المتطرفة، لكن أيضاً عدم إيجاد حلول للأزمات السابقة يشكل عبئاً إضافياً».

دور الحكومات والمجتمع الدولي في محاربة تغيّر المناخ

وساق هاربر ليبيا والعراق و سوريا أمثلة على الدول التي تعاني من سوء إدارة، ما يؤدي إلى عدم قدرة المجتمعات فيها على التكيف مع تغيّر المناخ، مشيراً إلى مساهمة الجفاف في سوريا في حالة عدم الاستقرار الموجودة حالياً، وفي حديث عن تغيّر المناخ في ليبيا أكّد هاربر أن سوء الإدارة فيها أدى إلى الانهيار المروع للسدود حين ضربها الإعصار، «وذلك الذي سنشهده للأسف في الأماكن التي لا تحظى ببنية تحتية مستقرة».

وأضاف هاربر أن الكوارث الطبيعية التي كانت تظهر كل 100 عام ستظهر اليوم «كل عام أو كل 5 أعوام» وذلك يفرض على الحكومات ضرورة بناء بنى تحتية أكثر مقاومة وضمان وجود شبكات للأمان الاجتماعي لمحاربة تداعيات تغيّر المناخ.