يتربع الهيدروجين الأخضر على عرش حلول الطاقة البديلة إذ يمكن تخزينه لفترات طويلة من الزمن، لكن تبقى تكلفة استخراجه وتخزينه والجدوى الاقتصادية من تطبيقاته العائق الرئيسي أمام انتشاره، ويفرض الهيدروجين نفسه علي أجندة التغيّر المناخي بهدف إيجاد حلول وتقنيات فعالة تسهل الانتقال إلى الاقتصاد النظيف.
وتشير الإحصاءات إلى أن الهيدروجين سيشكل نحو 10 إلى 20 في المئة من عملية التحول إلى الطاقة النظيفة بحلول عام 2050.
وفي حديث مع «CNN الاقتصادية»، كشف فهد شهيل، الرئيس التنفيذي للعمليات في مجموعة بيئة -إحدى الشركات الإماراتية الرائدة في مجال إدارة النفايات والحلول المتكاملة لمدن المستقبل- عن بدء العمل بأول محطة تجارية للهيدروجين المستخرج من النفايات، وذلك تماشياً مع استراتيجية الإمارات الوطنية للهيدروجين 2050 والهادفة إلى ترسيخ مكانة الدولة كمركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين منخفض الانبعاثات بحلول 2031.
وأوضح شهيل أن هذا الإنجاز التكنولوجي الأول من نوعه يسهم في التغلب على عدد من التحديات المتعلقة بإيجاد حلول اقتصادية وبيئية مجدية للتخلص من الانبعاثات الكربونية، إذ يهدف لإنتاج هيدروجين بتكلفة منخفضة وأسعار مقبولة من خلال عزل ثاني أكسيد الكربون ومعالجته، ما يعزز مبدأ “البصمة الكربونية السلبية”.
نتائج واعدة
وكانت مجموعة بيئة قد اختبرت فاعلية هذه التقنية منذ عام تقريباً في مصنع تجريبي لتحويل النفايات إلى هيدروجين في مدينة نوتنغهام البريطانية بالتعاون مع «تشينوك هيدروجين» و«Air Water».
وقد أثبت المشروع كفاءته في تحويل النفايات العضوية والبلاستيكية والخشبية والنفايات البلدية الصلبة غير القابلة لإعادة التدوير إلى هيدروجين أخضر عبر عملية تخلو تماماً من الكربون ثم استخدامه في خلايا وقود تشبه خلايا الوقود بالمركبات التي تعمل بالهيدروجين مثل «تويوتا ميراي».
وأفاد شهيل بأن المصنع -الذي سيتم إنشاؤه في الشارقة- سيكون مشروعاً متكاملاً إذ سيضم محطات تجارية لتزويد المركبات بالهيدروجين، وأكد أن العمل بالمشروع سيبدأ العام المقبل، لكنه لم يذكر أي تفاصيل تتعلق بالتكلفة أو العائد الاستثماري للمشروع.
تنافسية في التكلفة
ويعتمد المشروع التجريبي -الذي يمكنه إنتاج نحو 1.5 طن من الهيدروجين يومياً- على تقنية «روديكس» لتحويل المواد الصلبة إلى غاز عبر التحلل الحراري النشط للهيدروجين، ويتم التحكم في تلك العملية عن طريق نظام الذكاء الهيدروجيني لإنتاج هيدروجين أخضر ممتاز في واحدة من أقل العمليات تكلفة في العالم.
وأفاد شهيل بأن المصنع الإماراتي سيتبنى عملية مماثلة لإنتاج 7 أطنان من الهيدروجين الأخضر يومياً من بقايا النفايات غير المدورة والتي تصل نسبتها إلى 10 في المئة فقط.
وأوضح أن المجموعة تستهدف التوسع في الأسواق الإقليمية وتعميم التجربة في منطقة الشرق الأوسط لتعزيز قدرتها الإنتاجية اليومية إلى 20 طناً من الهيدروجين الأخضر.
الهيدروجين الأخضر من أجل مستقبل منخفض الانبعاثات
وكشف شهيل أن الهيدروجين الناتج سيُوجه إلى السيارات والمعدات الكبيرة، وسيتم استخدامه في أسطول جمع النفايات التابع للمجموعة، وتمتلك المجموعة أسطولاً يضم أكثر من 2,000 مركبة لجمع النفايات، بما في ذلك المركبات الكهربائية.
وكانت (بيئة) قد وقعت مؤخراً مذكرة تفاهم مع «هيونداي موتور» لتشغيل شاحنة كهربائية تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في إمارتي الشارقة ودبي بشكل تجريبي.
وأفاد شهيل بأن «التحدي المستقبلي المطروح أمام الشركة يكمن في استكشاف مركبات تعمل بالوقود الهيدروجيني لإزالة الكربون من عمليات أسطولها، وتعزيز التنقل منخفض الانبعاثات من أجل ضمان مستقبل أكثر استدامة».
وأضاف أن ذلك يتطلب عقد المزيد من الشراكات مع شركات التنقل التي يعمل أسطولها بطاقة الهيدروجين مثل تويوتا وهيونداي، منوهاً إلى أن إقناع الأطراف المختلفة للتوسع في استخدام طاقة الهيدروجين سيتطلب وقتاً نظراً لحداثتها.
طموحات التوسع
وأشار شهيل إلى أن ما يقرب من 60% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن قطاع النفايات في الإمارات مصدرها النفايات المنزلية والصناعية المتحللة في مكبات النفايات. وقال «استطعنا اليوم -بفضل محطة الشارقة التي تم إنشاؤها بالشراكة مع شركة (مصدر)- تحويل النفايات إلى طاقة بنسبة 90 في المئة، وهذا معدل قياسي في المنطقة».
وأضاف أن (مجموعة بيئة) تهدف إلى توسيع تأثيرها في أسواق المنطقة حيث دخلت في اتفاقيات استراتيجية مع عدد من شركات المنطقة، من بينها الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سِرك) المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة المقر للتطوير والتنمية (المقر) التي تمثل الذراع الاستثمارية لأمانة المدينة المنورة بهدف تقديم حلول شاملة لإدارة ومعالجة النفايات الصلبة في المدينة.
كما كشف عن مشروع سيُعلن عنه قريباً مع العاصمة الإدارية الجديدة في مصر التي تعمل بها المجموعة منذ عام 2020.