بعد وضع الصحة في مقدمة جدول قمة كوب 28، يكثر الحديث عن قدرة دول العالم على تطوير قطاعها الصحي أو العمل على تجهيز بنيته التحتية في وجه الصراعات وتغيّر المناخ، فالقطاع الصحي في لبنان مثلاً، لا يخشى تداعيات تغيّر المناخ فحسب، وإنما أيضاً انتقال الصراع في غزة إليه، وأزمة اللاجئين السوريين إلى جانب أزمات اقتصادية غير مسبوقة، صنفها البنك الدولي من أسوأ ثلاثة منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وإلى جانب التغير المناخي الذي يواجهه العالم والذي يهدد مناطق عديدة من الشرق الأوسط بالاختفاء، يواجه لبنان تحديات أخرى مثل حرب محتملة مع إسرائيل وأزمة اقتصادية ومصرفية وضعت أكثر من 85 في المئة من الشعب اللبناني تحت خط الفقر بحسب الأمم المتحدة، ويستضيف لبنان أيضاً أكثر من مليوني لاجئ سوري يعيشون في أوضاع معيشية هشة. هذه العوامل كلها تضغط على القطاع الصحي اللبناني الذي شهد خسارة كبار كوادره الطبية نتيجة الأزمة المعيشية.

هل يتحمل قطاع الصحة في لبنان انتقال الصراع في غزة إليه؟

وفي هذا الإطار، يقول فراس الأبيض وزير الصحة اللبناني في مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، «شاهدنا الهجمات الإسرائيلية التي تحصل في غزة واستهداف المراكز الاستشفائية، ولا دولة في العالم يمكنها أن تستعد لمواجهة ذلك».

وتابع قائلاً إن المسؤولية هنا لا تقع على لبنان لوقف هجمات كهذه، ولكن على المجتمع الدولي حسب قوله، وشدد على أنه رغم جهوزية قطاع الصحة في لبنان لأي صراع قد يقع، فإن لبنان يضم صوته لصوت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لطلب وقف إطلاق نار فوري في غزة وفي جنوب لبنان، وأكّد أن الصراع في جنوب لبنان أثر على قطاع الصحة بعد استهداف بعض المناطق بالفسفور الأبيض «الملوّث جداً والممنوع دولياً» إذ تأثرت مستشفيات ومراكز رعاية صحية كما تم استهداف سيارات إسعاف.

«إن لم ندعم الأنظمة الصحية في البلدان الفقيرة، فكلّ البلدان في خطر»

وأكّد الأبيض ضرورة الاستعداد لتقوية الأنظمة الصحية في لبنان مع «هشاشة» القطاع الصحي فيه نتيجة الأزمات المتعددة، وتابع أن الدول الغنية والصناعية مهتمة بتطوير الأنظمة في الدول الأفقر لأن «جائحة كوفيد-19 علمتنا أن العالم قرية صغيرة وأن الحلقة الأضعف هي مدخل الأمراض والأوبئة التي تنتشر في العالم»، ورداً على سؤال بشأن إن كان لبنان مهدداً بانتشار أوبئة جديدة، قال الأبيض إن «أي نظام صحي هش ممكن أن يكون مدخلاً لأوبئة جديدة» مشيراً إلى عودة الكوليرا إلى لبنان العام الماضي بعد ثلاثين عاماً من اختفائها.

القطاع الاستشفائي في لبنان والطاقة

وقال الأبيض إن «تأمين استمرارية القطاع الصحي أولوية بالنسبة للبنان» مضيفاً أنه بمساعدة الأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لخدمة المشروعات، استطاع لبنان أن يجعل 50 في المئة من المستشفيات الحكومية تعمل على الطاقة البديلة وتغطي 30 في المئة من احتياجاتها، و70 في المئة من مراكز الرعاية الأولية في لبنان تعمل على الطاقة الشمسية، وأكّد الأبيض أن ذلك جعل المراكز الطبية في لبنان قادرة على العمل رغم أزمة الكهرباء التي تعاني منها البلاد، والتي عرّضت حياة المرضى للخطر.

الاحتباس الحراري وشح المياه سبب مباشر للأمراض والأوبئة

وأضاف أن الاحترار المناخي يزيد نسبة الأمراض التنفسية، مشيراً إلى أن لبنان لديه واحدة من أعلى نسب الإصابة بالربو، وضرب مثلاً بانتشار عدوى الكوليرا في لبنان العام الماضي التي عادت إلى الواجهة مع شح المياه واستخدام البعض مياهاً غير صالحة للشرب، وتابع قائلاً إن شح المياه أثر أيضاً على القطاع الزراعي وبالتالي على الأمن الغذائي.