في اليوم الأخير، نظرياً، من فعاليات مؤتمر المناخ (كوب 28) في دبي، تستمر المفاوضات الحثيثة بين الأطراف والوفود للوصول إلى الإجماع على نص شامل للبيان الختامي يرضي كلاً من معارضي التخلص التدريجي أو الكلي من الوقود الأحفوري ومؤيديه في انفراج -لو حصل- سيكون «تاريخياً»، وفق ما قال السفير ماجد السويدي المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات.

وفي وقت متأخر من ليل الثلاثاء، قال متحدث باسم مؤتمر الأطراف «على مدار الليلة الماضية وطوال اليوم، شارك رئيس مؤتمر الأطراف كوب 28 وفريق عمله في مشاورات مكثفة مع عدد كبير من ممثلي المجموعات التفاوضية والأطراف؛ لضمان الاستماع إلى أصوات وآراء الجميع، وأخذ كل وجهات النظر في الاعتبار، إن رئيس المؤتمر عازم على تقديم نسخة من النص التفاوضي تحظى بتأييد جميع الأطراف، وستستمر المشاورات حتى الساعة 03:00 صباحاً بتوقيت دولة الإمارات».


ولفت السويدي، في مؤتمر صحفي في المنطقة الزرقاء ظهراً، إلى أن جدول أعمال المؤتمر يُعدُّ الأكثر طموحاً على الإطلاق هذا العام، معلناً التوصل إلى صياغة جديدة لمسودة الاتفاق المناخي «تتضمن جميع العناصر التي يحتاج إليها العالم لإقرار خطة شاملة لتقديم استجابة فعالة لنتائج الحصيلة العالمية والوصول إلى مستهدفات 2030».


وأثارت المسودة التي صدرت أمس الاثنين جدلاً استمر طوال الليل حتى ساعة مبكرة من اليوم الثلاثاء، واقترح النص ثمانية خيارات «يمكن» أن تتخذها الدول لخفض الانبعاثات، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.

أحد تلك الخيارات كان «خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة من أجل تحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050 أو قبله أو في حدوده».

وستكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تشير فيها قمة الأمم المتحدة للمناخ إلى الحد من استخدام جميع أنواع «الوقود الأحفوري».

لكن هذه الخطوة لم ترقَ إلى مستوى «التخلص التدريجي» من الفحم والنفط والغاز الذي طالبت به العديد من الدول أو التركيز على خفض استخدامها هذا العقد.

وأضاف السويدي في مؤتمره «نحاول في مؤتمر الأطراف (كوب 28) أن نفعل شيئاً لم يتم القيام به من قبل، شيئاً تاريخياً، ونحن نحاول الاتفاق على خطة شاملة لمعالجة الثغرات والتوصل إلى حلول متوازنة في ملف الوقود الأحفوري وتضمينه ضمن النص النهائي، ما سيشكل إنجازاً تاريخياً يسهم في الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية استجابةً لنتائج الحصيلة العالمية وبنود اتفاق باريس».

وأكد السويدي على ما حققه مؤتمر المناخ في دبي.

.

وقال في هذا الصدد «تمكنا من جمع ما يزيد على 83 مليار دولار من الالتزامات المالية الجديدة، إضافة إلى توقيع 130 دولة على إعلان زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة، فضلاً عن تقديم عدد كبير من شركات النفط والغاز للمرة الأولى التزاماً بمعالجة انبعاثات غاز الميثان، بالإضافة إلى 11 إعلاناً يغطي مختلف جوانب العمل المناخي بدءاً من التمويل إلى الزراعة والصحة».

رئاسة كوب حريصة على إنجاز الاتفاق في موعده

ولفت مطلعون على مسار المفاوضات لـ«CNN الاقتصادية» إلى حرص رئاسة (كوب 28) على إنجاز التوصل لنص نهائي لاتفاق المناخ في الموعد المحدد من دون الحاجة لتمديد المفاوضات التي استمرت حتى ساعات ليل اليوم الأخير المفترض لـ(كوب 28).

وتشهد مؤتمرات المناخ في الغالب تمديد أيام المفاوضات لإتاحة المزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق بالإجماع.

وفي تعليق على مسودة الاتفاق، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية، التي تقود الفريق الداعي إلى التخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري، أن صياغة الاتفاقية تحتاج إلى «المزيد من القوة» في التعابير المستخدمة في التطرق لموضوع الوقود الأحفوري.

وقالت الوزارة في بيان تلاه الناطق باسمها «نحن نقدر الجهود المبذولة من طرف الكثير (من الأطراف) في التوصل لنص يوازن بين مصالح متنوعة، لكن في الوقت عينه يحتاج القسم المتعلق بتخفيف الأثر ومسألة الوقود الأحفوري إلى تقوية (تعابيره) بشكل كبير، كما أن القسم المتعلق بالتمويل ينطوي على نقاط غير دقيقة يتعين تصحيحها».

وأضاف المتحدث أن وزارة الخارجية الأميركية «تتطلع إلى العمل مع باقي الأطراف للتوصل إلى نتائج قوية» لمؤتمر (كوب 28).

في حين شدّد السويدي على أن رئاسة (كوب 28) تضطلع بدورها بشكل حثيث في التوجيه وتشجيع الأطراف والوفود على الانفتاح وإبداء خطوطهم الحمراء التي تسهم في المزيد من الوضوح في المفاوضات.

وأشار إلى وجود العديد من القضايا المفتوحة خلال المفاوضات.

وقال «إن ما رأيناه خلال عملية التفاوض هو أن الأطراف متمسكة بشدة بآراء منقسمة في صياغة النص النهائي، خاصة في ما يتعلق بموضوع الوقود الأحفوري الذي مثل نقطة انطلاق للمناقشات ومعرفة متطلبات كل أطراف التفاوض، ما سمح بصياغة نص تفاوضي أولي يسهم في تحقيق التوازن الصحيح بين التخفيف والتكيف ووسائل التنفيذ».

وأكّد أن مستوى الطموح المناخي متروك للاتفاق بين الأطراف المتفاوضة وصيغة التوازن التي يرغبون في تحقيقها، مشيراً إلى أن رئاسة (كوب 28) تدعو الأطراف إلى تحقيق أعلى مستوى ممكن من الطموح.