بالتزامن مع انعقاد الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف كوب 28 في إكسبو دبي، انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء لمناقشة التقدم الذي تحرزه السعودية نحو تحقيق الهدف الوطني الطموح المتمثل في الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060.

وسُلط الضوء على إسهام السعودية في تحقيق الأهداف المناخية العالمية من خلال تنفيذ أكثر من 80 مبادرة في القطاعين العام والخاص باستثمارات تزيد قيمتها على 188 مليار دولار أميركي، لبناء مستقبل أكثر استدامة.

وكان الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء، أطلق مبادرة السعودية الخضراء في عام 2021؛ بهدف تفعيل مشاركة مختلف فئات المجتمع السعودي في الجهود الجارية للتصدي لظاهرة تغير المناخ، ودفع عجلة الابتكار المستدام، وتسريع رحلة الانتقال الأخضر، وفقاً للموقع الرسمي للمبادرة، فإلى أي مدى حققت المبادرة أهدافها إلى الآن؟

خفض انبعاثات الكربون في السعودية

أعلنت السعودية أنه بحلول نهاية عام 2023، ستبلغ السعة الإنتاجية لمشروعات الطاقة المتجددة قيد الإنشاء أكثر من ثمانية غيغاواط، بالإضافة إلى مشاريع في مراحل مختلفة من التطوير بسعة 13 غيغاواط تقريباً.

وكانت السعودية شهدت ربط مشاريع طاقة متجددة بسعة 2.100 ميغا واط بشبكة الكهرباء الوطنية السعودية منذ عام 2022، لتصل السعة الإجمالية لمصادر الطاقة المتجددة المستخدمة إلى 2.800 ميغا واط (2.8 غيغاواط)، أي ما يكفي لتزويد أكثر من 520 ألف منزل بالطاقة الكهربائية، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 300 في المئة في السعة الإجمالية.

وتهدف السعودية لخفض انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، إلى جانب الوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء بما يقارب 50 في المئة؜ للغاز الطبيعي و50 في المئة؜ للطاقة المتجددة بحلول عام 2030، الأمر الذي سيسهم في استبدال ما يصل إلى مليون برميل مكافئ من الوقود السائل المستخدم حالياً.

كما أطلقت السعودية عدداً من المشاريع الهادفة إلى تقليل الاعتماد على الوقود السائل واستبداله بالغاز لتوليد الكهرباء، وحتى شهر ديسمبر كانون الأول الجاري، تم تشغيل 4 محطات عالية الكفاءة تعمل بالغاز لتوليد الكهرباء بسعة إجمالية تقارب 5.600 ميغاواط.

كما تعمل المملكة حالياً على بناء محطات عالية الكفاءة مزوّدة بتقنيات احتجاز وتخزين الكربون، وتبلغ سعتها الإجمالية 8.4 غيغاواط تقريباً.

إنتاج الهيدروجين الأخضر في نيوم

يجري العمل بمشروع إنشاء أكبر معمل لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم في مدينة نيوم باستثمار إجمالي قدره 8.4 مليار دولار، كما وقَّعت المملكة عدداً من الاتفاقيات الثنائية مع مجموعة من الشركات العالمية في عام 2023؛ بهدف التعاون في مجال إنتاج الهيدروجين النظيف والأخضر في المملكة وتصديره.

وقال الرئيس التنفيذي لإينووا (شركة نيوم للطاقة والمياه) بيتر تيريوم، في مقابلة مع مراسلة «CNN الاقتصادية» بولا نوفل «إن شركة الطاقة والمياه في نيوم هي أحد المشاريع الرائدة ضمن مبادرة السعودية الخضراء»، وأضاف أن «من ضمن إنجازات الشركة خلال العام المقبل هو مشروع مشترك مع أرامكو لإنتاج الميثانول الأخضر من الهيدروجين الأخضر، ثم تحويل الميثانول الأخضر إلى وقود نظيف».

كما كشف الرئيس التنفيذي لشركة نيوم للهيدروجين الأخضر ديفيد إدموندسون، خلال مقابلة مع مراسلة «CNN الاقتصادية» بولا نوفل أن الشركة تلعب دوراً محورياً في تحقيق كمية الوقود منخفض الكربون التي تتطلع السعودية لإنتاجها بحلول نهاية عام 2030، وهي 4 ملايين طن من الوقود منخفض الكربون أو الهيدروجين منخفض الكربون، على أن «تنتج نيوم من الهيدروجين على الأرجح 250 ألف طن سنوياً من الوقود منخفض الكربون في شكل هيدروجين، في الواقع كصادرات من الأمونيا، وهذه نقطة انطلاق قوية لهذه الصناعة بشكل عام».

لمشاهدة المقابلة كاملة في الفيديو التالي.

مبادرات التشجير والغطاء النباتي في السعودية

خلال المنتدى، أُعلن عن نجاح مبادرة السعودية الخضراء منذ إطلاقها في زراعة 43.9 مليون شجرة، واستصلاح 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة في أنحاء السعودية، أي ما يزيد على مساحة 146 ألف ملعب كرة قدم، ضمن هدف زراعة 10 مليارات شجرة خلال العقود القادمة.

فيما يجري العمل حالياً على تنفيذ أكثر من 40 مبادرة تدعم الهدف المرحلي المتمثل في زراعة أكثر من 600 مليون شجرة واستصلاح 8 ملايين هكتار من الأراضي بحلول عام 2030.

وقال مدير عام برنامج التشجير بالمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، أحمد العنزي إن «المملكة استشعرت أهمية تنمية الغطاء النباتي وإعادة التشجير من التقارير الدولية، فاليوم لدينا أكثر من 1.4 مليار هكتار متدهور يؤثر على حياة أكثر من مليار ونصف من الناس، ما يزيد من نسبة الفقر وقلة الغذاء، وبالتالي إذا لم تكن هناك خطوات جادة للعمل الدؤوب ولزيادة كفاءة الأرض وزيادة إنتاجيتها من خلال زيادة المشاريع عن التأهيل والزراعة والحماية، فلن نحقق ونسهم في التقليل من هذا الخطر».

مبادرات حماية المناطق البرية والبحرية السعودية

في الوقت الراهن، تبلغ نسبة المناطق البرية المحمية 18.1 في المئة ونسبة المناطق البحرية المحمية 6.49 في المئة من إجمالي مساحة السعودية، ويجري العمل على تنفيذ خمس مبادرات ستسهم في زيادة نسبة المناطق البرية المحمية إلى أكثر من 21 في المئة وزيادة نسبة المناطق البحرية المحمية إلى أكثر من 26 في المئة بحلول عام 2030.

ومنذ إطلاق مبادرة السعودية الخضراء، تمت إعادة توطين 1.669 حيواناً مهدداً بالانقراض مثل: المها العربي، وغزال الرمل، والوعل في المحميات الطبيعية بالسعودية، إذ تساعد هذه الحيوانات على تعزيز التنوع البيولوجي، كما أنها تسهم بشكل كبير في تسهيل جهود إعادة إطلاق النمر العربي المهدد بالانقراض في الحياة البرية.

وشهدت المملكة في عام 2023 ولادة سبعة من صغار النمر العربي في إطار برنامج إكثار وحماية الأنواع المهددة بالانقراض في محافظة الطائف، الذي نجح بشكل كبير منذ انطلاقه في عام 2020 في مضاعفة أعداد النمور العربية في المحميات الطبيعية.

وتستمر فعاليات مبادرة السعودية الخضراء حتى اليوم الختامي لمؤتمر (كوب 28) المقرر في 12 ديسمبر كانون الأول، لمناقشة الاتجاهات المستقبلية في مجال الاستدامة، وكفاءة الطاقة، وغيرها من المواضيع.