الهيدروجين الجيولوجي يشق طريقه كي يصبح مصدراً أساسياً للطاقة المتجددة، وهو ثالث أعلى مصدر لكثافة الطاقة بعد النفط والغاز والطاقة النووية، بحسب ما قاله عمار العلي شريك ومؤسس شركة إيدن.
وكانت الشركة قد وقّعت مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة والمعادن العُمانية بالتعاون مع مكتب الشؤون الخارجية التابع لوزارة الطاقة الأميركية ومراكز أبحاث أخرى لدراسة الجدوى المناخية والاقتصادية من استخراج الهيدروجين الجيولوجي ضمن مستهدفات الاستدامة لسلطنة عمان.
مزايا تنافسية للهيدروجين الجيولوجي
يحتم الانتقال إلى الطاقة النظيفة إيجاد الموارد الطبيعية أو المحفزة لإنتاج طاقة بديلة عن الوقود الأحفوري، والهيدروجين المتوفر بكثرة في غلاف الأرض يضطلع للعب دور ريادي في قيادة هذا التحول.
وتتطلب عملية استخراج الهيدروجين الأخضر استخدام الحرارة والتفاعلات الكيميائية لإطلاق الهيدروجين من المواد العضوية مثل الوقود الأحفوري والميثان أو تكسير وفصل جزيئات المياه عبر التحليل الكهربائي لإنتاج غاز الهيدروجين الأخضر، إلا أن هذه العمليات تخضع للعديد من المخاطر منها استهلاك عالٍ للطاقة في عملية الإنتاج والتكلفة العالية للإنتاج وقضايا السلامة لمنع تسرب الغاز وانفجاره وتدابير الوقاية للتخزين الآمن.
وبحسب عمار العلي، فإن الهيدروجين الجيولوجي ينتج طاقة أكبر بنحو عشرة أضعاف مقارنةً بالهيدروجين الأخضر مع توفير تكاليف بنسبة 50 في المئة.
ويتوقع العلي أن يلعب الهيدروجين الجيولوجي دوراً رائداً في عملية التحول إلى الطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن تكلفة استخراج الهيدروجين الأخضر تتراوح بين 4 و5 دولارات للكيلوغرام الواحد، بينما لا تتعدى تكلفة إنتاج الهيدروجين الجيولوجي الدولار الواحد بحلول 2030.
واعتبر أن النجاح في إثبات الفاعلية والجدوى الاقتصادية لاستخراج الهيدروجين الجيولوجي سيشكلان نقطة تحوُّل نموذجية، خاصة مع تمتع الهيدروجين الجيولوجي بخاصية أساسية كحامل للطاقة وليس مخزناً لها، الأمر الذي يمكّنه من أن يكون مصدراً أساسياً ومتجدداً للطاقة ليقود التحول نحو الطاقة النظيفة.
الهيدروجين الجيولوجي.. مصدر متجدد للطاقة
استكشف العلماء مؤخراً وجود الهيدروجين بشكل طبيعي وتوليده من خلال العمليات الجيولوجية.
وتشكل محطة توليد الكهرباء في مالي، غرب إفريقيا أول محطة كهربائية في العالم تقوم على الهيدروجين الطبيعي كمصدر أساسي للطاقة، والتي أُنشئت بالتعاون مع شركة هايدروما الكندية في ثمانينيات القرن العشرين.
ويقول العلي إن تجربة استخراج الهيدروجين الجيولوجي أو الأبيض جارية اليوم في عدة دول في أميركا وأميركا الجنوبية وبعض الدول الأوروبية التي لا تزال في مراحل الاستكشاف والإنتاج غير التجاري.
ويضيف أن الصخور البحرية التي هي أحد المصادر الأساسية للهيدروجين الطبيعي موجودة في كل محيطات العالم، لكن عملية استخراج الهيدروجين الجيولوجي منها تتطلب الكثير من التكاليف، فيما تزخر منطقة الخليج لا سيما سلطنة عُمان والإمارات والسعودية بوجود هذا النوع من الصخور؛ الأمر الذي يسهّل عملية الاستخراج ويقلل من تكلفتها.
وبحسب العلي، تنفرد سلطنة عُمان في ثروتها الطبيعية من صخور الأوليفين الموجودة على اليابسة، في جبال الحجر التي ستشكل الأرضية لتطبيق تقنية شركة إيدن المحفزة لإنتاج الهيدروجين الجيولوجي عبر تفاعل المياه الجوفية مع المعادن الغنية بالحديد الموجودة في الصخور لإنتاج غاز الهيدروجين كمصدر مستدام للطاقة.
ويجري حالياً تعاون بين وزارة الطاقة والمعادن في عُمان وشركة إيدن بدعم من جهات أميركية لدراسة كفاءة وجدوى الهيدروجين الجيولوجي كمورد متجدد بفضل التفاعلات الجيولوجية الطبيعية التي تحدث في باطن الأرض، وأيضاً الطرق المختلفة لتحفيز إنتاج الهيدروجين الجيولوجي والبحوث المتعلقة بهذا المجال الجديد.
وقال العلي إن شركة إيدن لتكنولوجيا المناخ حاصلة على براءة اختراع أميركية في تقنية استخراج المحفز للمصادر الجيولوجية من خلال تفاعل المياه مع المعادن المتوفرة في الصخور وهي تتعاون مع الحكومات العربية لإثبات جدوى هذه التقنية؛ سعياً لتبني القطاع الخاص في المنطقة هذه التقنية.
وقال العلي إن هناك اهتماماً كبيراً من قبل الجهات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة لدعم وتكثيف الاستثمارات في هذا النوع من التقنيات وتقديم التسهيلات، لافتاً إلى أن النقاشات تدور اليوم حول تطوير الأُطر التنظيمية والتشريعية لتسهيل انتشار هذه التقنيات في المنطقة.
وكان مكتب الشؤون الدولية التابع لوزارة الطاقة الأميركية قد أعلن منذ عدة أشهر تخصيص 20 مليون دولار لاستكشاف إمكانات الهيدروجين الجيولوجي.
وأشار العلي إلى أن مصادر التمويل المعتمدة في شركته تقوم على الاستثمارات في الملكية الخاصة للشركاء وعلى منح مقدمة ودعم مالي وغير مالي من وزارتي الطاقة والتجارة الأميركيتين، والتي لا تزال المصدر الأساسي للتمويل، كاشفاً العديد من النقاشات الجارية مع صناديق استثمارية سعودية ومحلية، والتي من المنتظر أن تلعب دوراً محورياً في جولات التمويل المستقبلية للشركة.