في المياه المتلألئة المحيطة بشواطئ بالي النقية، تطل النفايات البلاستيكية برأسها كأزمة لا تمثل خطراً على البيئة فحسب، بل على اقتصاد الجزيرة الذي يعتمد في 80 بالمئة من إيراداته على السياحة.
وتشتهر الجزيرة التي كانت ذات يوم جنة بمناظرها الطبيعية الخلابة وثقافتها النابضة بالحياة، لكن مشكلة النفايات البلاستيكية وصلت إلى مستويات حرجة، إذ تغمر شواطئها أطنان من البلاستيك المهمل كل عام، وعلى الرغم من كونها جزيرة صغيرة نسبياً، فقد كافحت بالي للتعامل مع الارتفاع الهائل في استهلاك البلاستيك وعدم كفاية البنية التحتية لإدارة النفايات.
وتعتمد وجهات قليلة على السياحة تماماً مثل بالي، التي تعول على القطاع لتوفير أكثر من نصف إجمالي ناتجها المحلي، لكن وفقاً لبيانات حكومة الجزيرة، ينتج السائحون أنفسهم نفايات بلاستيكية أكثر بثلاث مرات ونصف المرة من السكان المحليين.
وقبل جائحة كوفيد، شهدت الجزيرة زيادة في عدد الزوار الدوليين من 2.88 مليون سنوياً في عام 2012 إلى 6.3 مليون في عام 2019، حيث كانت السياحة تسهم بمبلغ 7.8 مليار دولار في اقتصاد بالي، وفقاً لبيانات بلومبيرغ، والآن تهدف رئيسة مجلس السياحة في بالي، إيدا باجوس أغونغ بارثا أدنيانا، إلى جذب 4.5 مليون سائح دولي.
وكان حاكم الجزيرة آنذاك وايان كوستر قد أصدر حظراً على البلاستيك ذي الاستخدام الواحد في ديسمبر كانون الأول عام 2018 وأمهل أصحاب الأعمال ستة أشهر لتطبيق هذا القرار، وبالفعل تم حظر الماصات والأكياس البلاستيكية وغيرها عندما دخل القرار حيز التنفيذ، لكن عندما ضربت جائحة كوفيد العالم، عاد الناس لاستخدام البلاستيك لأسباب تتعلق بالنظافة الشخصية والسلامة والصحة، ومن ثم عادت مشكلة النفايات البلاستيكية للواجهة مرة أخرى.
تكلفة التلوث البلاستيكي
وبحسب بيانات منظمة One Green Planet، ففي كل عام يتم إنتاج 300 ألف طن من النفايات البلاستيكية في الجزيرة، ويتم حرق أكثر من 50 في المئة منها علناً أو التخلص منها دون تفكير، وفي الوقت نفسه يجد نحو 33 ألف طن من النفايات البلاستيكية طريقه إلى الممرات المائية والمحيطات في بالي سنوياً.
وفي عالم مثالي، يتم التعامل مع النفايات في المراحل الأولية، من خلال أنظمة النفايات الدائرية والتغليف البسيط أو القابل لإعادة الاستخدام، ولكن في الوقت الحالي فإن الحل الوحيد هو أن يخوض الناس في الأمر ويلتقطونه بأنفسهم.
وتقول حكومة بالي في موقعها على الإنترنت إن وزارة السياحة الإندونيسية تدعم تحول الكثير من المشاريع إلى الاستدامة كما تشجع أصحاب الشركات على تحمل مسؤولياتهم عن التلوث، كما تعهد القائم الحالي بأعمال حاكم الجزيرة سانج مادي ماهيندرا جايا بإنفاق ما بين 50 و70 في المئة من إيرادات ضريبة السياحة الجديدة على معالجة أزمة النفايات البلاستيكية.
وعلى مستوى الجهود غير الحكومية، تعتبر منظمة «Sungai Watch» واحدة من المنظمات الواعدة التي تتعامل مع قضية النفايات في بالي؛ إذ تقوم فرقها بسحب نحو 6600 طن من البلاستيك من أنهار بالي ومدافن النفايات والحواجز غير القانونية يومياً.
وتتوقع المنظمة العمل في نحو 100 موقع قروي لإغلاق جميع مقالب القمامة غير القانونية في بالي، وسيتطلب ذلك استثماراً يزيد على 40 مليون دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بميزانية قدرها 150 ألف دولار سنوياً لكل موقع، ولكن مع هذا التمويل، يمكن لشركة «Sungai Watch» أن تتحرك بسرعة.