اضطر مئات الآلاف من السكان للنزوح الداخلي في طاجيكستان، الدولة الواقعة في آسيا الوسطى والأكثر عرضة للتغير المناخي، مع تزايد الكوارث الطبيعية فيها؛ ففي هذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة وتُعد من أكثر الدول التي تضم جبالاً، تشير الحكومة إلى أن مئات الآلاف من الأشخاص يعيشون في مناطق تشهد انهيارات طينية أو أرضية أو ثلجية وفيضانات وزلازل، تطول حتى العاصمة.

وفي عام 2023 وحده، واجهت طاجيكستان 557 «حالة طوارئ» مرتبطة بكوارث طبيعية، ما أودى بحياة 51 شخصاً، بحسب البيانات الرسمية.

وبات نقل السكان إلى مناطق أكثر أماناً من أولويات السلطات، إذ ظهر مفهوم «النازحين البيئيين» في استراتيجية الحكومة بشأن النزوح الداخلي لعام 2040.

وفي هذا الإطار، نُقل نحو 45 ألف شخص بين عامي 2000 و2017 من بيوتهم إلى مناطق أخرى، بحسب أحدث إحصاءات حكومية، لكن عشرات الآلاف الآخرين لا يزالون ينتظرون دورهم.

وتوفر الحكومة برنامجاً لتشييد مساكن في مناطق جديدة لإيواء السكان الأكثر عرضة للمخاطر المناخية.

خسائر اقتصادية بسبب التغير المناخي

في حقل مقابل لمنزل عائلة مخملييفا، تسير أعمال البناء بشكل جيد وتتولى مجموعة من العمال تشييد جدران من الخرسانة.

ويقول موروتبيك مورودوف، المسؤول عن منطقة خوروسون في وزارة الطوارئ الطاجيكية، لوكالة فرانس برس «إنه منزل للنازحين المستقبليين، إذ وفرت لهم الحكومة أرضاً مساحتها 800 متر مربع».

ويضيف «سبق أن شيّدنا في هذه القرية 67 منزلاً ونقلنا نحو 900 شخص، ويتمثل الهدف المستقبلي بنقل جميع سكان المناطق المعرضة للخطر إلى أماكن أكثر أماناً».

ويشير مورودوف إلى «وجود أكثر من ألف منطقة خطرة في طاجيكستان»، الدولة الواقعة في آسيا الوسطى «الأكثر عرضة» للكوارث الطبيعية، بحسب تقرير أصدره عام 2024 مكتب الأمم المتحدة للوقاية من الكوارث.

ومن التحديات التي تواجه هذا الهدف، تمتع طاجيكستان التي تُعد من أفقر الدول، بموارد محدودة.

ويشير البنك الدولي إلى أن «هذه الكوارث الطبيعية تشكل تهديداً خطراً لاستقرار طاجيكستان الاقتصادي».

وتقدر الأضرار التي سُجلت بين عامي 1992 و2019 بأكثر من 1.8 مليار دولار، وتواجه طاجيكستان ديوناً خارجية كبيرة تبلغ 6.7 مليار دولار في 2023، بينما وصل الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 2.2 مليار دولار أميركي في مارس آذار 2023، وفقاً لأحدث بيانات صادرة عن البنك.

تأثير التغير المناخي على آسيا الوسطى

إن تأثير تغير المناخ في جميع أنحاء كازاخستان، وجمهورية قيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، و أوزبكستان يمكن أن يؤثر بشكل كبير على توفر المياه، ما يهدد الأمن الغذائي في هذه البلدان، ويحد من توليد الطاقة الكهرومائية ويعوق نشر مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع، بحسب البنك الدولي.

وبسبب البنية الأساسية القديمة التي تعود إلى الحقبة السوفييتية في مختلف أنحاء آسيا الوسطى، فإن عملية توصيل خدمات المياه تتطلب استهلاكاً مفرطاً للطاقة، وتسهم الطاقة الكهرومائية بأكثر من 80 إلى 90 في المئة من إجمالي إنتاج الكهرباء في جمهوريتي قيرغيزستان وطاجيكستان، ولكن يتم استغلال أقل من 5 إلى 10 في المئة من إمكاناتهما الكاملة للطاقة الكهرومائية حالياً.

وفي الوقت ذاته، تعتمد أوزبكستان وتركمانستان وكازاخستان على الوقود الأحفوري لتلبية 80 إلى 100 في المئة من احتياجاتها من الطاقة، ما يترك مجالاً كبيراً لإزالة الكربون.