فُتحت صناديق الاقتراع في الهند يوم السبت أمام الناخبين الذين حضروا إلى المراكز للإدلاء بأصواتهم في الجولة النهائية من الانتخابات العامة التي استمرت لمدة ستة أسابيع، وهي تعتبر استفتاء على فترة حكم رئيس الوزراء الهندوسي ناريندرا مودي في البلاد والتي دامت عشر سنوات.
وتعتبر هذه الانتخابات من أهم الاستحقاقات التي تشهدها الهند، والتي أقيمت في ظل درجات حرارة شديدة لم يسبق لها مثيل في العديد من المناطق، وإذا نجح مودي في الفوز، سيكون ثاني رئيس وزراء هندي يحتفظ بالسلطة لولاية ثالثة بعد جواهر لال نهرو.
وهذه هي المرحلة السابعة والأخيرة من الانتخابات التي يحق لما يقرب من مليار شخص الإدلاء بأصواتهم فيها، إذ بدأت المرحلة الأولى في 19 أبريل نيسان وتنتهي المرحلة الأخيرة بالتصويت على آخر 57 مقعداً منها مقاعد في دائرة مودي الانتخابية في مدينة فاراناسي المقدسة لدى الهندوس.
وسُجل أكثر من مئة مليون شخص للتصويت في ثماني ولايات وأقاليم اتحادية يوم السبت منها ولاية البنجاب الشمالية وولايات بيهار والبنغال الغربية وأوديشا الواقعة في الجزء الشرقي من الهند.
ويسعى مودي للفوز برئاسة الوزراء للمرة الثالثة على التوالي في الوقت الذي يخوض فيه حزبه القومي الهندوسي بهاراتيا جاناتا منافسة أمام تحالف معارضة يضم نحو 20 حزباً بقيادة حزب المؤتمر، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يفوز بالأغلبية.
لكن مودي وحزبه واجها حملة قوية من قبل تحالف المعارضة المسمى «إنديا» أو التحالف الوطني التنموي الهندي الشامل، ما أثار بعض الشكوك حول ما إذا كان فوز مودي المتوقع سيأتي بسهولة.
حرارة قياسية وأزمة شح المياه في الهند
أدت درجات الحرارة المرتفعة إلى تفاقم إرهاق الناخبين في الدولة ذات الأغلبية الهندوسية التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، إذ تمثل البطالة والتضخم المخاوف الرئيسية للناخبين.
وقالت السلطات إن ما يقرب من عشرين مسؤولاً انتخابياً لقوا حتفهم بسبب ضربة شمس على ما يبدو في بيهار وأوتار براديش أمس الجمعة أي قبل يوم من التصويت.
وتجاوزت درجات الحرارة في دلهي 40 درجة مئوية خلال الأسبوع الماضي، ووصلت يوم الثلاثاء إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 49.9 درجة مئوية في إحدى مناطق العاصمة، وفقاً لإدارة الأرصاد الجوية الهندية.
ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في شمال الهند، اضطرت حكومة نيودلهي إلى تقنين توصيل المياه المجانية. ففي السابق، كان حي بونام مثلاً يتلقى شحنتين أو ثلاثة صهاريج يومياً، الآن يصل إلى كل حي شاحنة واحدة من المياه.
وبات العشرات من الأشخاص يركضون نحو شاحنة المياه في مشهد يتكرر يومياً، بل إن بعضهم يتسلق فوقها لإلقاء الخراطيم فيها لملء أوعيتهم بالمياه، لأن المياه تُوزع على السكان بأولوية الحضور.
في الأيام العادية، كان موردو المياه يتقاضون رسوماً تتراوح بين 700 و800 روبية لكل ناقلة أو من 8 إلى 10 دولارات أميركية، ولكن بسبب الطلب الزائد، فإنهم يتقاضون رسوماً تتراوح بين 1500 و1800 روبية لكل ناقلة، وفقاً لتصريحات نائب رئيس وزراء الهند، نقلاً عن «ذا إكونوميك تايمز».
ولعائلة مكونة من ستة أفراد، قد يدوم صهريج المياه حتى خمسة أيام حال الاستخدام الرشيد.
وفي خضم أزمة المياه الحادة، فرض مجلس إمدادات المياه والصرف الصحي في ولاية كارناتاكا حظراً على استخدام مياه الشرب في أنشطة مثل غسيل السيارات والبستنة والبناء ونوافير المياه وصيانة الطرق، ومن ينتهك الحظر يكون عرضة لدفع غرامة قدرها 5 آلاف روبية، أو نحو 60 دولاراً.
كما اتخذت إدارة منطقة مدينة بنغالور إجراءات لمعالجة مشكلة الأسعار الباهظة التي يتقاضاها أصحاب صهاريج المياه، عن طريق توحيد أسعار صهاريج المياه.
وبلغت تكلفة صهريج المياه سعة 6 آلاف لتر نحو 600 روبية لمسافات تصل إلى 5 كيلومترات، في حين أن صهريج المياه سعة 8 آلاف لتر يكلف 700 روبية.
أما صهريج المياه سعة 12 ألف لتر فيكلف ألف روبية، أما بالنسبة للمسافات ما بين 5 و10 كم فإن الأسعار أعلى قليلاً، إذ يبلغ سعر صهريج المياه سعة 6 آلاف لتر 750 روبية، وصهريج المياه سعة 8 آلاف لتر بسعر 850 روبية.
التأثير الاقتصادي لأزمة المناخ في الهند
شهد شمال غرب ووسط الهند درجات حرارة قصوى تزيد على 42 درجة مئوية، حتى إن بعض البلدات تجاوزت علامة 50 درجة، وفقاً لإدارة الأرصاد الجوية الهندية.
تقول فروة عامر، مديرة مبادرات جنوب آسيا في معهد سياسات المجتمع الآسيوي، إن هذا الاتجاه هو «مظهر واضح للتأثيرات المتصاعدة لتغير المناخ».
وأضافت «يؤكد هذا الارتفاع المثير للقلق في درجات الحرارة الحاجة الملحّة لاستراتيجيات تكيف قوية وتدابير استباقية في الهند والمنطقة لحماية الأرواح وسبل العيش، وخاصة بين السكان المعرضين للخطر، من الآثار الصحية المدمرة لمثل هذه الحرارة الشديدة»، وهي إحدى نقاط الضعف في جنوب آسيا.
وبالنسبة للكثيرين في دلهي، جعلت أزمة المناخ الحياة لا تطاق بالفعل خلال فصل الصيف.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي، استطاعت الهند أن تحقق نمواً اقتصادياً بنسبة 7.5 في المئة في 2023، كما ارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي عام 2023 إلى 2527 دولاراً بعد أن كان 1600 دولار عام 2015.
لكن في موجة حر مماثلة عام 2021، عانت الهند من خسارة دخل قدرها 159 مليار دولار، أي 5.4 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، في قطاعات الخدمات والتصنيع والزراعة والبناء.