في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة لتحقيق رؤية 2030، أصبحت المسؤولية الاجتماعية ركيزة أساسية لبناء اقتصاد مستدام ومجتمع حيوي، في هذا الإطار، أُقيم الملتقى الدولي للمسؤولية الاجتماعية 2024 في الرياض، تحت شعار “من الالتزام إلى التأثير”، بمشاركة نخبة من القيادات الحكومية والخبراء من القطاعين العام والخاص، ليشكل هذا الحدث منصة شاملة للتعاون والحوار من أجل تعزيز دور الشركات في التنمية المستدامة.

أكد المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، في كلمته الافتتاحية أن “إنجازات المملكة في مجال المسؤولية الاجتماعية تُعد قصة تحول وتمكين ملهمة”، وأوضح أن المملكة، في إطار رؤية 2030، تضع المسؤولية الاجتماعية في صميم استراتيجيتها لتعزيز قيم الالتزام المجتمعي، مستعرضاً دور القطاع الخاص كشريك أساسي في تحقيق هذا التحول من خلال مشروعات مستدامة تركز على الابتكار والتقنية المتقدمة.

وفي مقابلة مع (CNN الاقتصادية)، شدد أحمد بن صالح الماجد، وكيل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتنمية المجتمع، على أن رحلة تعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات، ضمن إطار برنامج التحول الوطني، وأشار إلى أن الوزارة، برعاية من خادم الحرمين الشريفين، خصصت يوماً سنوياً للمسؤولية الاجتماعية في مارس، كما أنشأت اللجنة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية بمشاركة عدد من الوزارات والهيئات الحكومية وممثلين من القطاع الخاص، وتابع أن المملكة أطلقت منصة وطنية للمسؤولية الاجتماعية في مارس 2020، ما أتاح للشركات ربط فرص الاستثمار المجتمعي مع القطاعين غير الربحي والحكومي، وجذبت حتى الآن استثمارات تُقدر بربع مليار ريال، مع توقعات بمضاعفة هذا الرقم بفضل المحفزات والتشريعات الجديدة.

أوضح الماجد أن تأثير هذه المبادرات يتعدى المجال الاقتصادي ليشمل الجوانب البيئية والاجتماعية، مشيراً إلى أن إحدى شركات الطاقة تمكنت من تحسين أنظمتها للحد من الانبعاثات الكربونية، بينما تعاونت بعض المصارف مع الوزارة لدعم مشروعات الإسكان للفئات الأكثر احتياجاً، وأكد أن هذه الجهود لا تسهم فقط في تنمية الاقتصاد، بل تسهم في خلق وظائف جديدة وتعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية، مشدداً على أن المسؤولية الاجتماعية أصبحت عنصراً محورياً لبناء مستقبل أفضل للمملكة.

أما في القطاع الصناعي، فقد أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر بن إبراهيم الخريّف، خلال “حوار تفاعلي” في الملتقى، أن المسؤولية الاجتماعية تشكل عنصراً أساسياً لاستدامة القطاع الصناعي والتعديني في المملكة، وأشار إلى أهمية استخدام التقنيات الحديثة لتعزيز الاستدامة وخفض الانبعاثات البيئية، وأكد أن قانون التعدين يتيح للشركات فرصة المساهمة في تحسين البيئة المحيطة وتبني ممارسات مبتكرة لدعم المجتمع.

وعلى هامش الملتقى، أكد فارس الغنام، الرئيس التنفيذي لبنك “إتش إس بي سي” في السعودية، التزام البنك بتطوير الكفاءات المحلية ودعم مبادرات تعزز الزراعة المتجددة بالتعاون مع مؤسسات غير ربحية.

وفي إطار آخر، تحدث نايف العذل، مدير عام إدارة المبيعات والتسويق في مجموعة تداول السعودية، عن برنامج “استثمر بوعي” الذي يسهم في تعزيز مستويات الثقافة المالية بين أفراد المجتمع السعودي. كما سلط العذل الضوء على جهود المجموعة في مجال المسؤولية الاجتماعية التي ساهمت في رفع مستوى الإفصاح الطوعي عن الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات إلى 30%، ما يعزز الشفافية في المنظومة الاقتصادية.

كما أشارت رولا أبو مانية، الرئيس التنفيذي لبنك “ستاندرد تشارترد” في منطقة الشرق الأوسط، إلى أهمية التقارير الطوعية للاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) في توجيه الاستثمارات نحو مشروعات مستدامة، مشيرةً إلى تزايد وعي المستثمرين في المنطقة بأهمية المنتجات التي تراعي الجوانب البيئية والاجتماعية.

يُعد الملتقى الدولي للمسؤولية الاجتماعية 2024 خطوة بارزة في مسار المملكة لتعزيز الشراكات المحلية والدولية، ودفع الابتكار والممارسات المسؤولة نحو تحقيق تنمية مستدامة تتماشى مع تطلعات رؤية 2030، يوفر الملتقى منصة شاملة للحوار وتبادل الأفكار وتكامل الجهود بين جميع الأطراف المعنية لبناء مستقبل أفضل للجميع.