في وقت تتزايد فيه الضغوط العالمية لتحقيق تحول مستدام في مجال الطاقة، تؤكد كيري سي دوغان، المستشارة السابقة لسياسة المناخ لدى الرئيس الأميركي جو بايدن، أن الابتكار والتعاون بين القطاعات المختلفة هما الأساس لتحقيق التوازن بين أهداف التحول المناخي والنمو الاقتصادي.

وفي حديث خاص مع CNN الاقتصادية، استعرضت دوغان رؤيتها حول كيفية تحقيق هذا التوازن، مسلطةً الضوء على تجاربها وخبراتها في السياسات المناخية ودورها في تعزيز الاستدامة.

الابتكار.. الطريق لتحقيق تحول فعّال

خلال مقابلتها مع CNN الاقتصادية، شددت دوغان على أن الابتكار يجب أن يكون في صميم أي استراتيجية للتحول المناخي.

وقالت: «أعتقد أنه سؤال يتعلق بالبحث عن الابتكار والنظر في الأمن القومي، لكن في سياق صحة الكوكب وصحة الإنسان».

وأوضحت أن التركيز على تعزيز النمو الاقتصادي من القاعدة إلى القمة، مع مراعاة احتياجات المجتمعات المحلية، يمكن أن يكون محفزاً لتحولات إيجابية.

وأشادت بالساحة الريادية المزدهرة التي لاحظتها في المنطقة، قائلةً: «منذ أن كنت هنا، كانت الساحة الريادية مثيرة للغاية للتعرف عليها».

أمثلة من التجارب العالمية.. كيف يمكن لدول الخليج الاستفادة؟

أشارت دوغان إلى تجارب الولايات المتحدة التي حققت تقدماً كبيراً في مجال السياسات المناخية بفضل التشريعات التي جعلت الاستثمار في التحول المناخي خياراً مغرياً.

وأكدت: «الفرصة بين هذه المنطقة والولايات المتحدة تكمن في التنفيذ السريع، مع مواصلة الابتكار لتحقيق ما نحتاج إليه».

ودعت دول الخليج إلى التركيز على الأساسيات مثل النقل، والمياه، والطعام، موضحةً أن «البدء بالبيئة المبنية في المجتمعات يمكن أن يوفر فرصاً سهلة المنال، مثل تقليل الفاقد في الطاقة، وبالتالي تقليل الحاجة للإنتاج».

شراكات مبتكرة.. التوجه نحو التعاون بين القطاعين العام والخاص في كوب 29

أكدت دوغان أن التحول المناخي لا يمكن أن يتحقق بجهود الحكومة وحدها، مشيرةً إلى أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في دفع عجلة التغيير.

وأفادت دوغان بأن الأولوية في مثل هذه المؤتمرات لاسيما كوب 29 يجب أن تكون على تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مشيرةً إلى أن هذه الشراكات تُعد أداة حاسمة لتحفيز الابتكار، وتسريع تنفيذ الحلول المناخية.

وقالت: «ما أريد رؤيته كنتيجة هو التزامات قوية مصحوبة بتركيز كبير على الشراكات بين القطاعين والعمل عبر القطاعات المختلفة».

وأشارت إلى نجاح مؤتمر كوب 28 الذي انعقد في دبي في تسليط الضوء على «اللاعبين الجدد» في مجال الابتكار المناخي، ما يبرز الدور المتزايد للشباب والمبتكرين في هذا المجال.

الشباب في طليعة التغيير

أوضحت دوغان أن الشباب يمثلون القوة المحركة لتحقيق تحول مناخي سريع وفعّال. فترى أن الجيل الجديد من المبتكرين ورواد الأعمال يتمتع بنظرة شمولية تجاه التحديات المناخية، قائلة: «الشباب يفكرون بطريقة أكثر شمولية مقارنةً بالجيل الذي تدرب على تنفيذ مهام محددة».

وأضافت أن مشاركتهم الفعّالة ضرورية لتقديم حلول مبتكرة تتجاوز الأساليب التقليدية.

وأشارت دوغان إلى أن أحداثاً مثل كوب 28، الذي عقد في دبي، أظهرت بوضوح أن هناك العديد من «اللاعبين الجدد» في مجال الابتكار المناخي، مشيدةً بالدور الذي لعبته المنصة في تعزيز مشاركة الشباب.

وزادت «ما يجعلني متفائلة هو أن الشباب اليوم لديهم القدرة على الاستفادة من الابتكار بشكل شامل وسريع، ما يساعد في تسريع وتيرة التحول المناخي».

دوغان دعت إلى توفير المزيد من الفرص للشباب للمشاركة في النقاشات الدولية وصناعة القرار، حيث ترى أن أصواتهم تمثل مستقبل الابتكار والحلول المتكاملة.

الإمارات.. ريادة في التحول الاقتصادي والمناخي

وتُظهر الإمارات نموذجاً واضحاً على قدرتها على الجمع بين التحول الاقتصادي والتوجه نحو الاستدامة، فقد أظهرت البيانات الصادرة عن مركز الإحصاء الاتحادي لعام 2024 أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نما بنسبة 4% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، مما يعكس نجاحها في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

وشملت القطاعات الرئيسية التي ساهمت في هذا النمو الأنشطة المالية، التي سجلت نمواً بنسبة 7.9%، وقطاع النقل والتخزين، الذي حقق نمواً بنسبة 7.3% مدفوعاً بزيادة عدد المسافرين عبر المطارات بنسبة 14.7% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام.

في سياق التحول المناخي، تسعى الإمارات إلى تحقيق أهداف طموحة مثل زيادة حصة الطاقة النظيفة إلى 27-28% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030.

وتشمل المبادرات الأخرى إعادة تأهيل 10 آلاف مبنى لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة وزيادة عدد السيارات الكهربائية إلى 30 ألف مركبة، ما يسهم في تقليل الانبعاثات وتحقيق الاستدامة.

وعززت استضافة الإمارات لمؤتمر كوب 28 مكانتها كقائدة عالمية في مجال العمل المناخي، ووفرت منصة لدفع الابتكار وتعزيز التعاون الدولي.