في ظل التحديات البيئية والاقتصادية العالمية، يتزايد التركيز على حلول مبتكرة لمعالجة الانبعاثات الكربونية وتحقيق التحول الطاقي، وتتصدر تقنية التقاط الكربون والنمو المتسارع في استخدام الطاقة النظيفة المشهد، حيث تعتبر هذه التقنيات ركيزة أساسية لتحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية على المدى القصير والطويل.
أهمية تقنية التقاط الكربون في الصناعات الثقيلة
تعتبر تقنية التقاط الكربون واحدة من أبرز الابتكارات التكنولوجية في مواجهة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الصناعات الثقيلة مثل الصلب، والإسمنت، والبتروكيماويات.
أشار أنيرودها شارما، الرئيس التنفيذي لشركة كربون كلين لـCNN الاقتصادية، إلى أن هذه الصناعات لا يمكن تشغيلها باستخدام الطاقة المتجددة في الوقت الحالي؛ لذلك تُعد إزالة الكربون من هذه القطاعات ضرورة حتمية لتحقيق الأهداف البيئية بحلول عام 2040.
وأكد شارما أن شركته طوّرت تقنية ثورية تقلص حجم معدات التقاط الكربون بمقدار عشرة أضعاف، ما يتيح إمكانية إنتاجها بشكل جماعي داخل مصانع ضخمة.
وأضاف قائلاً «إذا استطعت وضع هذه المعدات داخل صندوق، فيمكنك توحيد إنتاجها على نطاق واسع، تماماً مثلما حدث مع تقنيات الطاقة الشمسية والرياح»، كما شدد شارما على أهمية الشراكات في تحقيق هذه الرؤية، مشيراً إلى مشروع تجريبي تنفذه شركته بالتعاون مع شركة أدنوك في الإمارات، بهدف اختبار التكنولوجيا على نطاق عملي.
التحول الطاقي وأولوية تأمين الإمدادات
في سياق متصل، تحدثت ماڤي زينجوني، الرئيسة التنفيذية للطاقة في شركة «جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا»، لـCNN الاقتصادية، عن التحديات والفرص المرتبطة بتحول الطاقة. وأوضحت أن العالم يواجه طلباً متزايداً على الطاقة نتيجة عوامل متعددة، ما يجعل تأمين الإمدادات أولوية قصوى، دون التخلي عن أهداف إزالة الكربون طويلة الأجل.
وأشارت زينجوني إلى أن الغاز الطبيعي يلعب دوراً مهماً في تلبية الطلب المتزايد على المدى القصير، بينما يتم الاستثمار في حلول متقدمة لإزالة الكربون مثل تقنيات التقاط الكربون وتجهيز المعدات لاستخدام الهيدروجين كمصدر طاقة نظيف.
كما أكدت التزام الشركة باستثمار مليار دولار سنوياً في البحث والتطوير لضمان استمرار الابتكار في هذا المجال.
الطاقة النووية كجزء من الحل
من جانب آخر، شددت زينجوني على أهمية الطاقة النووية في مزيج الطاقة المستقبلي، وأشارت إلى اتفاق تم التوصل إليه خلال مؤتمر كوب الأخير بأن العالم بحاجة إلى زيادة القدرة النووية بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050.
وأضافت أن شركتها تستثمر بكثافة في تطوير مفاعلات نووية صغيرة، معتبرةً أن هذه المفاعلات تمثل حلاً عملياً ومستداماً لتلبية احتياجات الطاقة العالمية.
التعاون بين التقنية والسياسات الدولية
يمثل التعاون بين التقنيات الحديثة والسياسات الدولية محوراً أساسياً في تحقيق تحول الطاقة وإزالة الكربون.
وأشار شارما إلى أن مؤتمر كوب الأخير الذي عقد في الإمارات أسفر عن توافق عالمي حول أهمية إزالة الكربون من الصناعات الكبرى وربط ذلك بعملية التحول الطاقي، هذا التوافق يعد دليلاً على التزام الدول والمؤسسات بتبني حلول مستدامة على نطاق واسع.
ما يميز النهج الحالي في معالجة التحديات البيئية هو التركيز على تحقيق توازن بين الحلول قصيرة الأجل، مثل تأمين الإمدادات من الغاز، والحلول طويلة الأجل، مثل استخدام الطاقة المتجددة والتقاط الكربون مباشرة من الهواء.. وبذلك يتم دمج الابتكار التكنولوجي مع السياسات البيئية لتحقيق نتائج ملموسة ومستدامة.