70 في المئة من الشركات في المنطقة ملتزمة بمسار الاستدامة، لكن 3 في المئة منها فقط هي على المسار الصحيح، هذه أبرز نتائج التقرير الذي أجرته باين آند كومباني بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي بشأن «إعطاء الأولوية للاستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» كخارطة طريق للقضايا البيئية الحرجة التي تتعرض لها الشركات في مسار الاستدامة.

وأفاد شريك وقائد في ممارسات الاستدامة في باين آند كومباني، وسام ياسين في مقابلة خاصة مع CNN الاقتصادية بأن مسار الاستدامة يتمحور حول ثلاث مراحل أساسية ضمن «استراتيجية AAA» الخاصة بالاستدامة، المرحلة الأولى هي الطموح عندما تضع الشركة أهداف واضحة، والمرحلة الثانية هي التنفيذ عند وضع الخطط والمبادرات باتجاه تحقيق المستهدفات المطلوبة، والثالثة هي المساءلة والشفافية التي تمكن من قياس الأداء بالنسبة للاستدامة.

وكشف ياسين أن دول الخليج تتميز عن سائر دول المنطقة بالتزامات قوية بالاستدامة، لكن لم تصل بعدُ إلى مستويات نظرائها في العالم، وأوضح أن العديد من دول العالم وضعت تشريعات خاصة بالاستدامة تتضمن متطلبات للشفافية وتقارير الاستدامة بدءاً من الشركات المدرجة المتوقع منها المزيد من الشفافية، ما يضع على الشركات عبء العمل على مسارين أساسيين الأول هو تسريع وتيرة العمل بهدف تحقيق المستهدفات والمسار الثاني هو وضع الإجراءات والنظم التي تمكنها من تحقيق الشفافية وقياس الأداء.

الاستدامة تحدٍّ أم فرصة؟

وقال ياسين إن على الشركات النظر إلى الاستدامة كفرصة، ليس كتحدٍّ أو معيار للامتثال، ولو ظهر في البدء أن تبني الاستدامة هي ذات تكلفة مبدئية إلا أنها استثمار طويل الأجل يعود بالفائدة المرجوة.

وأوضح ياسين أن جزءاً كبيراً من المستثمرين يولون الاستدامة أهمية متزايدة، كما أن هذه الأخيرة هي من المتطلبات الرئيسية لدخول أسواق جديدة خاصة أن الاستدامة باتت مطلباً أساسياً من قبل المستهلكين.

هل الاستدامة مسار معقد؟

يرى ياسين أن المُديرين التنفيذيين للشركات يعانون من حالة تشتت وعدم تركيز في تصويب الجهود، وذلك لاعتقادهم أن الاستدامة مسار متشعب للغاية يتضمن العديد من المواضيع كالطاقة والمياه والمناخ والمساهمة الاجتماعية وإدارة الموارد البشرية والحوكمة.

وأفاد بأن البحث الذي أُجري مع المنتدى الاقتصادي العالمي يتضمن «المواضيع ذات الأهمية النسبية بالنسبة للقطاعات الاقتصادية المختلفة» والتي تبرز 5 أو 7 نقاط على الشركات التركيز عليها.

ويوفر الالتزام بهذه المعايير تحسين القدرة التنافسية للشركة وتقليل تكاليف العمليات من خلال كفاءة الموارد والمساهمة في بناء اقتصاد منخفض الكربون ومستدام في المنطقة.

الحكومات مسهلة ومحفزة

وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، 73 في المئة من المسؤولين التنفيذيين في المنطقة أشاروا إلى أن غياب القوانين الواضحة يمثل عائقاً رئيسياً أمام تحقيق الاستدامة، إضافة إلى ذلك، يعاني العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة من نقص في الوعي والقدرة على تنفيذ المبادرات الخضراء.

وعلَّق ياسين أن تحقيق الاستدامة للشركات ممكن أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي للمنطقة، مشيراً إلى دور الحكومات المحوري في ذلك لانعكاساته البنيوية على الصادرات واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وهي خطوة أساسية لتحقيق النمو.

ويتجلى دور الحكومات برأيه على 3 أصعدة تتمثل بتوفير بيئة تشريعية واضحة تتضمن معايير تتواءم مع خصوصية كل دولة وتضع الأدلة الإرشادية الخاصة بذلك، أما الدور الثاني فيكمن في زيادة الوعي وبناء القدرات لتطوير الرأس المال البشري، أما الدور الثالث فيكمن في خلق الحوافز المالية كالتسهيلات الضريبية وغير المالية كالجوائز مثلاً.

ونوَّه ياسين بضرورة بناء قدرات الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم الدعم المالي والتقني لهذه الشركات لتسريع انتقالها نحو ممارسات مستدامة عبر تعاون بيني بين القطاع الخاص.

ويبقى تعزيز الشفافية والتعاون المحلي والإقليمي والدولي حجر أساس في تسريع وتيرة الاستدامة وتحويل الطموحات من تحدٍّ إلى فرص قابلة للتنفيذ.