حققت رؤية المملكة العربية السعودية لتحلية المياه إعجازاً تجاوز حدود الجغرافيا، جعلها الأولى عالمياً في إنتاج المياه العذبة المحلاة من مياه البحر.
في الأساس كان للملكة العربية السعودية تاريخ طويل مع المياه المحلاة يلامس نحو 120 عاماً، باستخدام وحدة تكثيف لتقطير مياه البحر عام 1905.
عُرفت وقتها باسم «الكنداسة» كأول وحدة تحلية تنشأ على اليابسة في السعودية، وكان الغرض منها دعم مصادر المياه العذبة في محافظة جدة، أعقبها صدور أوامر ملكية في عام 1927، باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر بالتقنية نفسها، لدعم مصادر المياه العذبة في محافظة جدة لخدمة الحجاج والمعتمرين.
أكبر منتج للمياه العذبة في العالم
الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية جعلت الهيئة السعودية للمياه أكبر منتِج للمياه العذبة في العالم، بإنتاج يتجاوز 11.5 مليون متر مكعب يومياً.
كذلك تحتل المملكة الصدارة بأكبر شبكة لنقل المياه العذبة في العالم، بطول إجمالي يبلغ 14,217 كيلومتراً، ما يعادل ضعفَي طول نهر النيل (6,650 كيلومتراً).
في المقابل تجري أنهار التايمز والنيل مع الجاذبية، بينما تنقل مياه التحلية في المملكة العربية السعودية عكس الجاذبية، إذ تضخ من محطات السواحل إلى المدن الداخلية والجبال، بارتفاعات تقترب من 3 آلاف متر.
هذا الإنجاز يتسق أيضاً مع رؤية المملكة العربية السعودية 2023، الرامية نحو استدامة متنوعة وخطة تطوير شاملة.
توجيهات على هامش كوب 16
وكانت الهيئة السعودية للمياه كشفت عن 6 توجهات استراتيجية على هامش مشاركتها في مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر COP16، الذي تستضيفه الرياض في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر 2024، في خطوة تعكس مواكبتها لالتزام السعودية بدورها الريادي في تحقيق الاستدامة البيئية ومواجهة تحديات التغير المناخي، وجهودها لتحقيق أهداف رؤية 2030 في حماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية.
إذ تعزز من خلال توجه «تطبيق مفهوم الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة في قطاع المياه»، دمج معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة في سياسات قطاع المياه، مع التركيز على تحسين الأداء البيئي والاجتماعي وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد، فيما تتبنى من خلال توجه «تعزيز الالتزام البيئي في قطاع المياه» ضمان الامتثال الكامل للمعايير البيئية، بما يشمل تحديث البنية التحتية، وتبني تقنيات حديثة للحد من التأثيرات البيئية لعمليات المياه، وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة.
وتواكب من خلال توجه «زراعة 50 مليون شجرة في قطاع المياه» باستخدام المياه المتجددة مبادرة السعودية الخضراء لزراعة 10 مليارات شجرة، لدعم جهود تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر وتحسين جودة الهواء.
وتستهدف عبر توجه «خفض الانبعاثات الكربونية في قطاع المياه» الوصول إلى مستويات كبيرة في خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عمليات إنتاج وتحلية المياه، من خلال استخدام تقنيات صديقة للبيئة مثل التناضح العكسي، التي أسهمت في تقليل استهلاك الطاقة بشكل قياسي إلى 2.271 كيلوواط/ساعة لكل متر مكعب من المياه المحلاة، وتسعى لدعم جهود خفض انبعاثات الغازات الدفيئة ضمن رؤية السعودية التي تستهدف خفض 278 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول عام 2030.
كما كشفت الهيئة عن توجه «تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري» الذي يركز على إعادة استخدام المياه المعالجة، وتقليل الفاقد والهدر، وتحويل النفايات الناتجة عن عمليات التحلية إلى موارد اقتصادية، بما يسهم في تقليل التأثير البيئي وتحسين كفاءة الموارد، وصولاً إلى توجه «تطوير قدرات قطاع المياه» بهدف بناء قدرات بشرية وفنية متقدمة من خلال برامج تدريبية مكثفة، وتعزيز البحث العلمي والابتكار في تقنيات المياه.
ومن المتوقع أن تسهم هذه التوجهات في تحقيق نقلة نوعية في قطاع المياه بالمملكة بخفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز الامتثال بالمعايير البيئية العالمية وتقليل التأثيرات السلبية على البيئة، ومواكبة التزام المملكة بدورها الفعّال في معالجة القضايا البيئية العالمية