مع تسارع العالم نحو مستقبل مستدام، ارتفع الطلب على الوظائف الخضراء والمهارات المرتبطة بها بشكلٍ كبير، هذه الوظائف، التي تُعدّ أساسية لمكافحة تغيّر المناخ وتعزيز النمو الاقتصادي، تشمل صناعات مثل الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة وكفاءة الطاقة، ومع ذلك فإن فجوة المهارات المتزايدة تشكّل تحدياً كبيراً، ما يهدد وتيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

وقالت ليلي حطيط، المدير الإداري وشريك قائد عالمي في مجال التعليم والتوظيف لدى مجموعة بوسطن للاستشارات، إن هناك فجوة كبيرة بين الوظائف الخضراء والمهارات الخضراء في السوق تقدر بنحو 7 ملايين وظيفة خضراء، وأضافت أن «من بين ثمانية عمال هناك عامل واحد فقط يمتلك المهارات الخضراء، وأن وتيرة الوظائف الخضراء تنمو بسرعة الضعفين مقارنة بعدد الأشخاص الذين لديهم المهارات اللازمة لملئها».

مخاطر وفجوات

زادت إعلانات الوظائف الخضراء في المملكة المتحدة وحدها بنسبة 9.2% عام 2024، على الرغم من انكماش سوق العمل بنسبة 22.5%، وفقاً لتقرير صادر عن شركة بي دبليو سي PwC، وعلى الصعيد العالمي، أظهر تقرير LinkedIn للمهارات الخضراء لعام 2024 ارتفاعاً بنسبة 11.6% في الطلب على المواهب الخضراء فيما لم تناهز نسبة الأفراد الذين يمتلكون المهارات المطلوبة 5.6%.

وشددت حطيط على أن نحو 77 مليون وظيفة معرضة للخطر على مستوى العالم إذا لم نقم بتحويل العقلية بشكل عاجل من الصناعات البنية والمهارات البنية إلى الصناعات الخضراء والمهارات الخضراء، وهنا يلعب تحسين المهارات وإعادة صقلها دوراً حاسماً برأيها.

إعادة تشكيل المهارات

يُعدّ نقص المهارات حاداً بشكل خاص في الصناعات التي تشهد نمواً سريعاً مثل طاقة الرياح البحرية، والمركبات الكهربائية، وكفاءة الطاقة، ويكشف تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الانتقال إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 سيعيد تشكيل أسواق العمل بشكل كبير، ومع ذلك، أفاد 70% من قادة الشركات الذين شملهم الاستطلاع عام 2024 بوجود فجوات حرجة في المهارات، مثل إدارة المشاريع وتحليل البيانات؛ ففي قطاع طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة، هناك حاجة إلى 10,000 عامل جديد سنوياً بحلول عام 2030 لتلبية أهداف النمو، ومع ذلك، يهدد غياب برامج التدريب الشاملة التقدم في هذا المجال، وقد دعا قادة قطاع الطاقة إلى إنشاء مراكز تدريب إقليمية واسعة النطاق لمعالجة هذه المشكلة، لكن التنفيذ لا يزال بطيئاً.

وعلقت حطيط بأن هناك جهوداً أساسية ضرورية لإطلاق العنان لتحسين المهارات وإعادة تشكيلها، يمكنك أن تفكر في الحكومة، ويمكنك أن تفكر في الصناعة، ويمكنك أن تفكر في العمال أنفسهم

وأضافت أن التمويل الحكومي يُعدّ أمراً بالغ الأهمية مستشهدة بصندوق بقيمة 17 مليون دولار أنشأته حكومة بريطانيا لإعادة مهارات العاملين في مجال النفط والغاز وتحسين مهاراتهم.

ودعت كذلك إلى تكثيف التعاون بين القطاعات، والشراكات مع المؤسسات التعليمية لتحسين المهارات بأكملها، لافتة إلى ضرورة التفكير في الوظائف الأكثر عرضة للتغيير، مثل عمال الفحم، ووظائف الاستخراج الأخرى، وكيف نتأكد من أننا نبني الوظيفة، وممرات المهارات المناسبة التي تعيد تأهيل الأشخاص في الصناعات البنية التقليدية.

محور التعليم أساسي

أفادت حطيط بأن التعليم يلعب دوراً محورياً في المحادثات المناخية لتمكين الشباب من الاستعداد للمستقبل، والاستعداد لوظائف المستقبل، «ولكننا أيضاً على استعداد لمواصلة مكافحة تغير المناخ والتعليم بشكل عام، ولكن أيضاً مؤسسات التعليم العالي على وجه التحديد لها دور رئيسي تلعبه في مؤسسات التعليم العالي».

ولفتت إلى أن الجامعات حول العالم وفي المنطقة تطبّق مفهوم المختبرات الحية، حيث يعيش الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفون حياتهم اليومية من خلال مبادئ الاستدامة، وتشارك 1200 كلية ومؤسسة حول العالم في السباق نحو تعهد الصفر، وهو ما يعني خفض صافي الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050.

ويتمثل الدور الثاني بالنسبة لها في العرض الأكاديمي، وقالت «الجامعات في جميع أنحاء العالم، وتحديداً في دول مجلس التعاون الخليجي، تقدّم الكثير من البرامج وتغير مناهجها للتأكد من أنها تتمتع بمهارات صديقة للبيئة» ودعت إلى تعزيز دور البرامج ومعاهد البحوث.

وناشدت حطيط بضرورة دمج موضوعات المناخ والاستدامة في التعليم لضمان محو الأمية المناخية، يبدأ بمراحل التعليم المبكرة وخلق المحفزات بهدف رفع الوعي المجتمعي حول قضايا المناخ.

تجدر الإشارة إلى أن مجموعة بوسطن للاستشارات قد أطلقت منذ عام 2022 مركزها العالمي للمناخ والاستدامة في الخليج بهدف تسريع جهود خفض الانبعاثات وتعزيز الاقتصاد الدائري.