تواجه شركات التكنولوجيا المالية انتقادات بسبب انبعاثات الكربون جراء الطاقة التي تستهلكها مراكز البيانات والحوسبة السحابية، خاصة عندما يكون مصدرها الوقود الأحفوري لا البديل.
هذا فضلاً عن الانبعاثات الناتجة عن سك العملات المشفرة، والذي يساهم بما نسبته 0.3 في المئة من الانبعاثات السنوية العالمية لغازات الاحتباس الحراري، إذ يدور حجم استهلاك الكهرباء من عمليات السك هذه بين 120 و240 مليار كيلوواط ساعة في العام الواحد.
وتسهم «بيتكوين» وحدها بنسبة 60 إلى 70 في المئة، وفق أحدث الإحصاءات المنشورة من البيت الأبيض لعام 2022.
وبين مطرقة التلويث وسندان الاستدامة، تحاول شركات التكنولوجيا المالية الانخراط في جهود الحد من تغير المناخ وترك بصمة خضراء في عمليات تحول الشركات إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.
تشمل هذه الجهود استخدام قاعدة الأصول الرقمية القائمة على تقنيات السجلات الموزعة (DLT) -وهي وسيلة لتسجيل المعلومات من خلال السجل الموزع- وهو ما يشهد توسعاً مطرداً.
فشركات التكنولوجيا المالية تطلق العديد من المنتجات الصديقة للبيئة للحد من استخدام المنتجات التقليدية الضارة بها.
وتقول ميديا نوشنتيني، مؤسسة مسرعة الشركات الناشئة C3، «شركات التكنولوجيا المالية تلعب دوراً أساسياً في تحقيق الأمن الغذائي والمائي وتكنولوجيات الطاقة والتكامل في سلاسل التوريد، وهذه ثورة ستقودها قريباً شركات تكنولوجيا المعلومات».
وأضافت «هناك التزام كبير من قبل رواد الأعمال والمستثمرين لحماية المناخ، والذي بات واجباً إنسانياً».
تنامٍ مطرد
وفي عام 2022، وصلت قيمة تمويل شركات التكنولوجيا المالية التي تعنى بأمور المناخ إلى 2.9 مليار دولار، أي ما يقرب من مثلَي عام 2021، وفق تقرير «كومرز فنتشيرز» المعنية بأبحاث القطاع.
وآلت حصة الأسد إلى الشركات العاملة في مجال رصد تعويض انبعاثات الكربون أو تدول أرصدة الكربون.
ونالت شركات التكنولوجيا المالية العاملة في مجال رصد انبعاثات الكربون 970 مليون دولار، في حين وصلت قيمة تمويلات شركات التكنولوجيا المالية بمجال تعويض الانبعاثات إلى 505 ملايين دولار.
ويقول نمير خان، رئيس جمعية التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط، «حجم الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري يصل إلى 51 مليار طن سنوياً، وللتقليل من المخاطر والتعويض عن الضرر البيئي لا بد من وجود نظام مالي متكامل يدعم توجهات الشركات في تحقيق صفر انبعاثات».
كانت 8300 شركة قد أعلنت تزامناً مع منتدى دافوس الاقتصادي 2023 التزامها الكامل بتطبيق صفر انبعاث بحلول عام 2050.
الدور البيئي لشركات التكنولوجيا المالية
تساعد التكنولوجيا المالية الشركات في مسارها نحو صفر انبعاثات من خلال تطبيق معايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، وزيادة الفعالية وتقليل الكلفة، وتحسين إدارة المخاطر، وذلك من خلال جمع البيانات والمعلومات وتحليلها، لا سيما تلك المتعلقة بالتمويل الأخضر أو المستدام.
يسهّل ذلك تقييم وإدارة مخاطر المناخ إلى جانب تعزيز الشفافية من خلال التحقق بواسطة تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية والأجهزة الذكية من ادعاءات الشركات في التزاماتها بالحد من انبعاثات الكربون والحياد المناخي، وهو ما يحد بدوره من الغسل الأخضر، عندما تصدر مزاعم ترويجية غير صادقة عن شركة ما بأنها تتخذ إجراءات لدعم البيئة.
كما لشركات التكنولوجيا المالية دور بارز في تغيير سلوكيات المستهلك من خلال تطبيقات تتعقب البصمات الكربونية للأفراد، لا سيما مع تطور إنترنت الأشياء، وهي تعمل على التثقيف ونشر الوعي وتحفيز التغيير في سلوكيات المستهلك.
ومن المتوقع أن تنمو شركات التكنولوجيا المالية، لا سيما تلك العاملة في مجال حماية المناخ، حيث وصل حجم القطاع في المنطقة إلى 136 مليار دولار في 2022، ومن المنتظر أن يبلغ 267 مليار دولار بحلول 2027، بحسب مركز دبي المالي الإعلامي.