أكّد وزير الدولة للتواصل الحكومي في الأردن، فيصل الشبول، إن «خطة استراتيجية» تجهزها بلاده لتنظيم العمل مع شركات التواصل الاجتماعي، لعرضها على وزراء الإعلام العرب، لا تستهدف حظر المنصات أو التطبيقات.

أضاف الوزير أن الخطة، التي ستُعرض في اجتماع بالعاصمة المغربية الرباط في يونيو حزيران، «ستهدف لحماية المستخدمين ولحماية الإعلام المحلي في المنطقة على حدّ سواء» وأنها «لن تشكل خطراً على الحريات».

وأوضح الشبول في مكالمة مع «CNN الاقتصادية» أن الأردن بدأ العمل على هذه الخطة بتكليف من الدورة الثانية والخمسين لمجلس وزراء الإعلام العرب التي عُقدت في القاهرة في سبتمبر أيلول 2022، بعد أن بادرت بلاده باقتراح إعداد خطة عربية استراتيجية لتنظيم العمل مع شركات التواصل الاجتماعي بخصوص ما وصفه بالمحتوى «غير القانوني».

ولفت الوزير الأردني إلى أن المقترح «غير ملزم» للدول العربية وأنه «يأخذ بعين الاعتبار حاجة كل دولة لإجراء تغييرات تتناسب مع القوانين والخصوصيات المحلية».

يُذكر أن أعضاء المكتب التنفيذي لوزراء الإعلام العرب كانوا قد وافقوا بالإجماع على الخطة أثناء اجتماع تشاوري جرى في الكويت شهر آذار مارس الماضي، تمهيداً لطرح الاستراتيجية بشكل رسمي في اجتماع الرباط الشهر المقبل.

فرصة لحظر التطبيقات؟

وفي ظل مخاوف من تأثير قوانين تنظيم العمل بوسائل التواصل الاجتماعي على حريات التعبير والإعلام، خصوصاً في ظل الحظر الأردني المستمر على تطبيق «تيك توك» منذ ديسمبر كانون الأول 2022، قال المسؤول الأردني إن بلاده بدأت العمل على الاستراتيجية قبل سنوات من أزمة «تيك توك» وأنها تهدف للتنظيم لا الحظر.

وشرح الشبول أن القرار الأردني بحظر «تيك توك» مؤقتاً لا يزال سارياً بسبب ما وصفه بـ«نزاع قانوني» إثر استمرار رفض إدارة التطبيق الصيني طلب الأردن بإزالة مقاطع فيديو وصفها بالـ«مضللة»، قال إنها نُشرت أثناء «ظرف صعب في البلاد»، مشيراً إلى أزمة الاحتجاجات التي عاشها جنوب البلاد نهاية العام الماضي لأسباب اقتصادية.

كما لفت الوزير إلى أن بلاده «لم تمنع أي وسائل تواصل اجتماعي أو تطبيقات أخرى» وأنها لم تغلق باب التفاوض مع «تيك توك» من أجل إنهاء الأزمة، كما أكد احتمال إتاحة التطبيق في البلاد من جديد شريطة استجابة إدارة «تيك توك» لمطالب الحكومة الأردنية، على حد تعبيره.

تفاصيل المقترح الأردني

أوضح الوزير الشبول أن المقترح الأردني يمهّد الطريق لتشكيل فريق عربي متخصص لبدء التفاوض مع شركات التواصل الاجتماعي العالمية، ويركّز على عدة مبادئ أساسية، منها حماية القضايا العربية، مثل حماية «المحتوى المتعلق بالقضية الفلسطينية في الفضاء الرقمي».

كما ذكر أهمية التعامل مع الأخبار الكاذبة وحملات التضليل، من خلال ضبط المحتوى المرتبط بخطاب الكراهية والإسلاموفوبيا والإرهاب، مؤكداً «أهمية التجريم الرقمي لكل فعل يعدّ جريمة في الواقع الفعلي».

ويركز المقترح الأردني على ضرورة امتثال كل ما يُنشر في الفضاء الرقمي لأي دولة عربية لتشريعاتها، لافتاً إلى ضرورة حماية الخصوصية وحماية «الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع لا سيما الأطفال من المحتوى غير القانوني»، بحسب تعبير الوزير.

تنظيم عائدات الإعلانات الرقمية

وأكد المسؤول الأردني أن الخطة تهدف إلى تنظيم العمل بعائدات إعلانات وسائل الإعلام الرقمي، مضيفاً «الكثير من وسائل الإعلام العربية تعاني بسبب استحواذ شركات التواصل الاجتماعي على أسواق الإعلان في الدول العربية».

«سوق الإعلان هو تقليدياً حق لوسائل الإعلام، والآن خروج الإعلانات من السوق المحلي لصالح شركات التواصل الاجتماعي الخارجية يحرم وسائل الإعلام من حصتها التقليدية، كما أنها تُخرج الإعلانات من السوق المحلية بالعملة الصعبة ومن دون ضريبة (…) في الأردن تشير إحصاءات عام 2022 إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي استحوذت على صافي 116 مليون دولار من عائدات الإعلانات وهو رقم لم تحصّله وسائل الإعلام المحلية مجملةً».

ولحلّ هذه المشكلة، استشهد الوزير بتجارب دول أخرى نجحت باستعادة هذه المبالغ، إمّا من خلال فرض ضرائب على الإعلانات المنشورة عبر وسائل إعلام خارجية، أو تقديم الدعم المالي لوسائل الإعلام المحلية.

الاستفادة من التجربة الأوروبية

ولفت الوزير الأردني إلى أن الاستراتيجية التي تقدمها بلاده للدول العربية استفادت بشكل كبير من التجربة الأوروبية في وضع تشريعات تنظم العمل بوسائل التواصل الاجتماعي، موضحاً أن بلاده كانت أرسلت وفداً لدراسة النموذج الألماني على وجه الخصوص.

خلال السنوات الماضية، عملت دول الاتحاد الأوروبي على تطوير قانونيْ الأسواق الرقمية والخدمات الرقمية، وذلك بعد سنوات من المشاورات والمفاوضات مع الشركات الرقمية الكبرى، في سعي أوروبي لتنظيم عمل المنصات الرقمية داخل حدود الاتحاد، بما في ذلك إزالة ومخالفة المحتوى المسيء كالتحرش والتنمر والمشجع على الكراهية، إضافة إلى المعلومات المضللة.

كذلك تضع القوانين الجديدة قواعد ناظمة لعمليات البيع والشراء والتسويق لحماية المستهلكين ويجبر شركات التواصل الاجتماعي على الإفصاح عن درجة أكبر من الشفافية فيما يتعلق بخوارزميات اختيار المحتوى الذي يظهر للمستخدمين.

وتتنوع العقوبات التي تفرضها القوانين الأوروبية الجديدة من غرامات مالية باهظة على الشركات إلى درجة منع خدماتها من العمل في دول الاتحاد بالكامل، في حال إخلالها بالشروط.