تُعد خدمات التداوي عن بُعد حلاً سحرياً يسهم في وصول الرعاية الصحية للمناطق التي كان يصعب الوصول إليها عبر الخدمات الطبية التقليدية. وتشكل المعلومات الصحية نحو 30 في المئة من حجم المعلومات المرفوعة على الحسابات السحابية في العالم، لكن العالم العربي لا يحتل منها سوى نحو 1 في المئة، ما يعني أن التداوي عن بُعد لا يزال في خطواته الأولى في المنطقة، .
تعليقاً على هذه الخدمة الواعدة، قال محمد حبلص، المدير التنفيذي بالمستشفى السعودي الألماني لمنطقة شمال إفريقيا، «التداوي عن بُعد هو المستقبل، ونحن نضعه نصب أعيننا، إذ يساعد في وصول الخدمة إلى المرضى وذويهم بشكل أفضل، ويسهل عملية المتابعة الطبية، ويسهم في تقليل تكلفة الرعاية الصحية بشكل عام.. ومع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي، ستسهم هذه الخدمة في تخفيف العبء على الأطباء بشكل كبير».
يرى حبلص أن سبب تأخر تقديم هذه الخدمة في مصر وشمال إفريقيا يعود لغياب القوانين التي تضمن تقديم العلاج للمرضى بشكل آمن، وهو العائق الرئيسي أمام تقديم هذا النوع من الخدمات العلاجية.
فأغلب تطبيقات الخدمات الصحية في العالم العربي تقتصر على حجز المواعيد ثم يذهب المريض للقاء الطبيب لإجراء الفحص.
قصص نجاح عربية
نجحت كل من السعودية والإمارات في وضع تشريعات لتنظيم خدمات التداوي عن بُعد، وهو ما ساعد جليل اللبدي، الرئيس التنفيذي لتطبيق «الطبي»، على إطلاق التطبيق لتقديم الاستشارات الطبية الأولية عن بُعد بواسطة طبيب عام.
وبدأ «الطبي» نشاطه في عام 2011 كموقع معلومات طبية قبل أن يتحول لتقديم خدمة الاستشارات الطبية عن بُعد منذ عام 2017، وتقوم فكرة التطبيق على دفع اشتراك عائلي شهري يتيح للأسرة الوصول لرأي طبي متخصص من خلال نقرات بسيطة على شاشة الهاتف. وفي لقاء مع «CNN الاقتصادية»، قال اللبدي «هناك نقاشات مع الحكومة المصرية لإطلاق تشريعات لتنظيم خدمة التداوي عن بُعد في السوق المصرية، كما يُخطط الأردن لإطلاق تشريع قريباً لإدارة هذه الخدمة، والأمور تتقدم بشكل جيد، ما سيتيح لنا التقدم في أعمالنا».
وتُقدم خدمات «الطبي» الافتراضية في كل من أبوظبي ودبي والسعودية، حيث توجد تشريعات تساعد على تقديم الخدمة بشكل آمن ومنظم.
ويرى أخصائيو الصحة العامة أن التداوي عن بُعد هو المستقبل، إذ يخفف الضغط عن المستشفيات، ويتيح لها التركيز على الحالات الحرجة، ويضمن توزيع الإمكانات الطبية بشكل أفضل.
وهذا ما قامت به شركة «رولوجي» المصرية المتخصصة في مجال إدارة صور الأشعة عن طريق تقنيات الذكاء الاصطناعي، فهذه التقنيات تسهم في تعويض انخفاض أعداد أطباء الأشعة في إفريقيا (باستثناء مصر التي تتمتع بفائض في هذا الصدد).
وقال محمد أبو دريعة، الرئيس التنفيذي لـ«رولوجي»، في لقاء مع «CNN الاقتصادية»، «بحسب المعايير الدولية، يجب تخصيص 25 طبيب أشعة لكل مليون شخص، والنسبة الحالية في إفريقيا هي 1.5 طبيب لكل مليون شخص.. لكن مصر تتمتع بوفرة في أطباء الأشعة إذ إن النسبة هي 50 طبيباً لكل مليون شخص، ومن هنا جاءت الفكرة».
طورت «رولوجي» نظام ذكاء اصطناعي يلتقط صورة الأشعة للمريض قبل إرسالها للطبيب المناسب لمساعدته في إجراء التشخيص وكتابة التقرير الطبي بشكل أكثر دقة.
على الرغم من ترحيب أخصائيي الصحة العامة بالتداوي عن بُعد، فإنهم يخشون من تسرب بيانات المرضى وإزالة البعد الإنساني من العلاقة بين المريض والطبيب بسبب غياب التفاعل المباشر والاعتماد على الآليات التقنية.