على الرغم من نهاية بطولة كأس العالم للسيدات التي أقيمت في أستراليا ونيوزلندا، فإن الحديث عن فجوة الأجور بين الرجال والنساء في عالم الرياضة ما زال مستمراً في محاولة لفهم الأسباب التي تبرر استمرارها بالرغم من الأشواط الكبيرة التي حققتها مطالبات المساواة خلال العقود الأخيرة.

يشير تحليل أجرته شبكة «CNN» إلى أن كل لاعبة كرة قدم تشارك في منافسات بطولة كأس العالم 2023 لم تحصل سوى على 25 سنتاً مقابل كل دولار حصل عليه كل لاعب كرة قدم شارك في النسخة الرجالية من البطولة ذاتها التي أُقيمت في قطر في نوفمبر تشرين أول العام الماضي.

ورغم زيادة هذا الرقم مقارنة بالـ8 سنتات التي حصلت عليها كل من اللاعبات في البطولة السابقة عام 2019، فإن الفجوة لا تزال تعد كبيرة.

الفجوة في الأجور والإعلانات

يبدأ التمييز في قيمة الجوائز التي يقدمها الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» للمشاركين في كل من البطولتين، فتقدم للرجال ما مجموعه 440 مليوناً مقابل 110 ملايين دولار للنساء فقط.

هذا على الرغم من ارتفاع قيمة الجائزة التي خصصتها «فيفا» للنساء هذا العام بنسبة 300 في المئة على تلك التي قدّمتها للفائزات ببطولة عام 2019، والتي لم تزد على 30 مليون دولار حينها.

إلا أن مسؤولي اتحادات كرة القدم عادة ما يبررون الفجوة بين الجنسين في عالم رياضة كرة القدم بقلة الاهتمام الشعبي ببطولات النساء، وبالتالي انخفاض الاهتمام الإعلامي من مُعلنين ورعاة رسميين لمنافساتهن.

فيشيرون إلى فجوات مماثلة في رياضات أخرى حققت فيها النساء شعبية أكبر مما فعلن في كرة القدم، كالتنس التي تتنافس نساؤها على جائزة بقيمة 3.9 مليون دولار في حين يتنافس الرجال على جائزة بقيمة 8.5 مليون دولار.

بحسب توقعات شركة «أومديا» (Omdia)، فإن عائدات حقوق بث بطولة كأس العالم للسيدات 2023 تتراوح بين 70 و100 مليون دولار، في حين وصلت عائدات الرعاية التجارية للبطولة إلى قرابة 300 مليون دولار، مقارنة بـ1.7 مليار دولار حصلت عليها البطولة الرجالية الأخيرة قبل بضعة أشهر.

ارتفاع ملحوظ في شعبية كرة القدم النسائية

احتفى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بنجاح كأس العالم للسيدات 2023 بصفته الأنجح في تاريخ البطولة التي انطلقت أولى دوراتها عام 1991، فبعد مرور ستة أيام فقط على بدء مبارياتها، تم بيع أكثر من 1.5 مليون تذكرة للمشجعين الذين توافدوا على ملاعب أسترالية ونيوزلندية لتشجيع منتخباتهم المفضلة.

كذلك أكد الاتحاد الدولي أن عدد المشجعين الذين حضروا في المدرجات خلال المباريات الـ16 الأولى كان بمعدل يزيد على 28 ألف متفرج لكل مباراة، وذلك بارتفاع 54 في المئة مقارنة بحضور العدد ذاته من المباريات من بطولة عام 2019.

عدد مشاهدي المباريات عبر خدمات التلفزيون والبث الرقمي ارتفع بشكل ملحوظ هو الآخر، فتحدثت وسائل إعلام أميركية عن أن عدد متابعي مباراة المنتخب الأميركي ضد السويد لامس 4 ملايين، في حين تابع أكثر من 10 ملايين ألماني و9 ملايين كولومبي المباراة التي جمعت منتخبي البلدين، الرقم الأكبر سجلته البرازيل بأكثر من 13 مليون مشاهد لمباراة سيدات بلدهم.

تتوقع أبحاث شركة «Euromonitor International» أن تصل أرقام متابعي البطولة النسائية لعام 2023 ملياري مشاهد، وهو ضعف العدد الذي تابع بطولة كأس العالم للسيدات عام 2019.

احتجاجات اللاعبات

قبل ثلاثة أيام على انطلاق بطولة كأس العالم للنساء 2023 في أستراليا ونيوزيلندا في العشرين من يوليو تموز الماضي، أعربت لاعبات المنتخب الأسترالي عن عدم رضاهنّ بمستوى الأجور التي تحصل عليها اللاعبات النساء مقارنة بأقرانهن من الرجال.

وهو ما يأتي بعد احتجاجات مشابهة من قِبل لاعبات منتخب الولايات المتحدة، اللواتي بدأن عام 2016 باتخاذ عدّة إجراءات قانونية ضد اتحاد الولايات المتحدة لكرة القدم، للمطالبة بالمساواة في الأجور، وهو الطلب الذي حصل على دعم شعبي عام 2019، بعد أن نجحن في إحراز كأس البطولة العالمية في ذلك العام.

أسفرت جهود اللاعبات الأميركيات عن صفقة مع اتحادهنّ، حيث تعهد في مايو أيار 2022 بدفع مبلغ قيمته 24 مليون دولار لتعويضهن عن انعدام المساواة في الأجور خلال السنوات التي سبقت الاتفاق، كما نجحن في الحصول على تعهد من الاتحاد بالعمل على تحقيق المساواة المطلوبة.

كذلك أجبرت الصفقة اتحاد الولايات المتحدة لكرة القدم على توزيع حصيلة الجوائز التي تحصل عليها المنتخبات الوطنية من البطولات الدولية بالتساوي بين الرجال والنساء، بغض النظر عن الفائز بالبطولة.