ذهب بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت لرؤية إيلون ماسك في عام 2022، على أمل إقناع زميله الملياردير بالتخلي عن المزيد من أمواله، كما فعل هو، ولكن جاءت عواقب هذا اللقاء بنتائج غير مرجوة.
هذا ما يرويه والتر إيزاكسون كاتب السيرة الذاتية الجديدة «إيلون ماسك»، وقد حصلت CNN على نسخة مبكرة من الكتاب قبل طرحه في الأسواق، ويكشف إيزاكسون في كتابه الجديد جوانب من عالم الأثرياء الشيق عبر تسليط الضوء على العلاقة الاستثنائية بين إيلون ماسك وبيل غيتس.
يملك والتر إيزاكسون تاريخاً حافلاً من كتابة السير الذاتية لشخصيات ملهمة وفريدة من نوعها، إذ كتب عن هنري كيسنجر، وبنجامين فرانكلين، وألبرت أينشتاين، وليوناردو دافنشي، وستيف جوبز، بالإضافة إلى عالمة الكيمياء الحيوية جينيفر دودنا.
واختار كاتب السير الذاتية، إيزاكسون أن يكون أحدث أعماله عن شخصية محيرة، أذهلت العديدين حول العالم وانقسمت الآراء حوله، فالبعض يرى إيلون ماسك (شيطاناً) غريب الأطوار، انتقامياً، ولا يُظهر سوى القليل من السيطرة على انفعالاته، إذ من الممكن أن تكون لحالته المزاجية آثار بعيدة المدى، على سبيل المثال، على الجيش الأوكراني، الذي يعتمد على أقماره الصناعية «ستارلينك» لمحاربة روسيا، والبعض الآخر يشيد به باعتباره بطلاً يحاول إيصال الإنسانية إلى المريخ بينما يحارب الذكاء الاصطناعي الشرير.
والتزم إيزاكسون في أسلوبه لسرد حياة ماسك بالطابع المنضبط، المتوسط، الحيادي، وبدون أجندة معينة، ليقدم للقارئ، حقائق عن حياة الملياردير المشهور، وفقاً لمشاهداته لحياته ومراقبته عن كثب، إذ قضى إيزاكسون أكثر من عامين متجولاً مع ماسك في مصانعه، وفي مواقع إطلاق الصواريخ، ليجري مقابلات مع 128 شخصاً في محيطه.
أصل الخلاف
وكشف إيزاكسون في كتابه الجديد عن خفايا علاقة إيلون ماسك و بيل غيتس وعن أصل الخلاف بينهما.
يقول إيزاكسون في السيرة الذاتية «إيلون ماسك» إن غيتس كتب رسالة نصية إلى ماسك في عام 2022، نصها التالي: «مرحباً، أود أن أراك وأتحدث عن العمل الخيري والمناخ»، ويذكر إيزاكسون وفقاً لروايته، أنه في ذلك الوقت، كان ماسك قد أنشأ صندوقاً خيرياً بقيمة 5.7 مليار دولار ولكن معظمه لأسباب ضريبية، وأراد غيتس بهذه المقابلة أن يؤثر على نهج ماسك تجاه العمل الخيري.
ذهب غيتس إلى أوستن، تكساس، في 9 مارس آذار 2022 لزيارة مصنع تسلا العملاق الذي تبلغ مساحته 10 ملايين قدم مربع.
ويذكر الكاتب أنه تحدث إلى ماسك وغيتس، بالإضافة لمصادر أخرى لمعرفة تفاصيل هذه المقابلة والمحادثة التي جرت بينهما، وعرض بعض النقاط التي تناولها الاثنان مثل أن غيتس تساءل عما إذا كانت البطاريات يمكنها تشغيل الشاحنات الكبيرة، وما إذا كانت الطاقة الشمسية ستكون جزءاً من حل مشكلة المناخ.
وقال غيتس إن ماسك كان «هائماً في ملكوته غارقاً في فكرته عن نقل البشرية إلى كوكب المريخ»، وهو ما وجده غيتس «تفكيراً غريباً» بشأن إنقاذ البشرية عن طريق نقل بعض البشر إلى المريخ إذا كانت هناك حرب نووية على كوكب الأرض.
ومع اقتراب نهاية جولته في المصنع، حول غيتس المحادثة نحو العمل الخيري، نظراً لكونه دائم الاهتمام بالعمل الخيري، إذ أسس هو وزوجته السابقة مؤسسة «بيل وميليندا» إحدى أكبر المؤسسات الخيرية الخاصة في العالم وقد أثر على الكثير من الأثرياء ليتبرعوا بمعظم ثرواتهم لصالح الأعمال الخيرية والقضايا الإنسانية، فأراد أن يدفع ماسك نحو الاتجاه نفسه.
تعرض ماسك لانتقادات بسبب قلة مساهماته الخيرية خلال العقد الماضي، ومع ذلك، أعطى ماسك 11.5 مليون سهم من حصته في تسلا لجمعية خيرية لم يكشف عنها العام الماضي، وكانت قيمة الأسهم نحو 1.9 مليار دولار في وقت التبرع بها، وجعله هذا التبرع ثاني أكبر متبرع خيري في عام 2022.
مؤشرات الخلاف
بدأت تظهر أولى مؤشرات الخلاف بسبب المحادثة بين غيتس وماسك حول العمل الخيري، وتجادل الاثنان عن مدى جدوى الأموال المنفقة على الأعمال الخيرية في إنقاذ البشرية، وجادل ماسك أن غيتس يمكنه أن يقدم المزيد من الخير في سبيل إنقاذ المناخ من خلال الاستثمار في «تسلا» التي يملكها ماسك، وذلك وفقاً لإيزاكسون في كتابه عن «إيلون ماسك».
يذكر الكتاب أن ماسك سأل غيتس عن سبب مراهنته على تراجع أسعار أسهم تسلا، من خلال عملية رهان تعرف باسم «البيع على المكشوف»، ويقول ماسك إنه كان يعتبر كل من يستغل خسارته عدواً لدوداً، وأخبر ماسك إيزاكسون أنه شعر بأن غيتس كان منافقاً في مكافحة تغير المناخ مع محاولته جني مكاسب من فشل شركته التي تنتج سيارات تعمل بالطاقة المستدامة.
هنا ظهر الخلاف واشتد أكثر عندما أراد غيتس مشاركة ماسك في العمل الخيري ولكن الأخير رفض ذلك معللاً في رسالة نصية، «عذراً.. لا أستطيع أن آخذ أعمالك الخيرية في مجال المناخ على محمل الجد»، وتتصاعد الأحداث بتغريدة ماسك لصورة لغيتس وهو يرتدي قميص جولف وبطنه منتفخ ما جعله يبدو حاملاً وسخر من مظهره على صفحات التواصل الاجتماعي.
حكمة غيتس
وذكر الكاتب أن غيتس أظهر حكمة أكبر في هذه المعركة، إذ إنه اختار أن يدافع عن ماسك عندما انتقده البعض في حفل عشاء في واشنطن، وكانت شهادته على ماسك أنه «لا يوجد أحد في عصرنا بذل المزيد من الجهد لدفع حدود العلم والابتكار».
يذكر الكاتب والتر إيزاكسون أن مفاوضات الاتفاق بينه وبين ماسك للقيام بكتابة سيرته الذاتية لم يأخذ أكثر من ساعة ليقتنع ماسك بإتمام هذا المشروع، وضع الكاتب قواعده الأساسية، وكانت أنه يريد أن يرافق ماسك في الاجتماعات وفي مواقع إطلاق الصواريخ، والمصانع، فضلاً عن إجراء مقابلات مع المحيطين به من الزوجات السابقات، والعشيقات، والأطفال، وحتى أعدائه، والموظفين، وأكد عليه أنه لا يجب أن يكون هناك أي خطوط حمراء أو مواضيع محظورة عن حياته.