يظل ستيف جوبز أحد عمالقة عالم التكنولوجيا، إذ أعاد تشكيله من خلال شركته العملاقة أبل، التي أصبحت أول شركة في العالم تتخطى قيمتها التريليون دولار.

ولد ستيف جوبز في فبراير شباط عام 1955 وظهر ولعه بعالم التكنولوجيا والحاسوب منذ الصغر، وترك جوبز -صاحب أشهر تفاحة منذ تفاحة نيوتن- التعليم الجامعي بعد فصل دراسي ومضى في طريق محفوف بالأشواك، وقرر مع صديقه ستيف وزنياك العمل في الإلكترونيات وتجميع الحواسيب.

رغم أن قصة حياة ستيف جوبز عادة ما تُروى كمثال على النجاح الكامل، فإنها شهدت العديد من موجات المد والجزر وتقلبات بين نجاحات وانكسارات.

بداية حياة ستيف جوبز المهنية وتأسيس أبل

بدأ جوبز ووزنياك العمل على الفور وأغلق الاثنان على نفسهما باب جراج والدَي جوبز، وخلال عام تمكنا من بيع نحو مئة جهاز كمبيوتر «أبل 1» بسعر 666 دولاراً للجهاز، ثم كانت الطفرة الحقيقية مع جهاز «أبل 2» بعدما نجح وزنياك في ابتكار برنامج «فيزبكالك» الأصل الذي تطور منه برنامج إكسل الشهير.

واستغل جوبز النجاح ليؤسس شركة أبل، وطرحها في البورصة عام 1980 وخلال يوم أصبحت قيمتها 1.7 مليار دولار.

ماكنتوش والحملة الدعائية الأشهر لأبل

وجاء جهاز ماكنتوش ليكون نقطة تحول، ووضع الجهاز نهاية للأوامر الكتابية والشاشة السوداء المملة واعتمد على تحريك الفارة وواجهة من الرسومات، وصاحب إطلاق جهاز ماكنتوش حملة دعائية ضخمة لم يُشهد لها مثيل من قبل، ويعود الفضل فيها إلى أحد أبرز المسوقين جون سكالي الذي انضم إلى أبل بتوصية من جوبز.

واستعانت أبل بالمخرج ريدلي سكوت، وأخرج للشركة الإعلان الأشهر في تاريخها الذي وُصف بأحد أفضل الإعلانات في التاريخ، وكان الإعلان مميزاً لدرجة دفعت بعض القنوات لعرضه دون مقابل، ولتوفير أكبر قدر ممكن من فرص النجاح للجهاز الثوري قررت أبل أن يكون أول عرض للإعلان خلال استراحة مباراة السوبر بول (نهائي دوري كرة القدم الأميركية).

وبعد النجاح الكبير للحملة الإعلانية قرر جوبز أن يكون حدث إطلاق جهاز جديد من أبل فاعلية ينتظرها الجميع، ولعل الطوابير التي شهدناها مؤخراً مع إطلاق هواتف آيفون 15 في العديد من دول العالم دليل على أن أرث جوبز ما زال مستمراً وما زال يحقق نجاحاً.

فشل ماكنتوش.. مغادرة جوبز

ورغم نجاح الحملة الإعلانية لجهاز ماكنتوش وإشادة الجميع بها فإن الجهاز نفسه لم يُكتب له النجاح، وخسر جوبز ثقة مجلس إدارة أبل ليضطر لمغادرة الشركة التي أسسها.

ولم يُضِع جوبز وقته بعد خروجه من أبل، وأسس شركة أخرى أطلق عليها «نيكست» وحققت الشركة العديد من النجاحات، وفي عام 1986 اشترى جوبز قسم رسوميات الحاسوب في شركة لوكاس فيلم، الذي عرف فيما بعد باسم بيكسار للرسوم المتحركة، وحقق القسم نجاحاً باهراً تكلل بفيلم «توي ستوري» عام 1995.

العودة لإنقاذ أبل

وبينما كان جوبز يحقق النجاحات كانت شركة أبل تتعرض لخسائر لا تنتهي، ليقرر أعضاء مجلس الإدارة الاستعانة بجوبز أملاً في النجاة وإعادة الشركة لسابق عهدها.

لتبدأ أبل منذ عام 1996 عصراً جديداً أبهرت فيه العالم وغيرت من شكل ليس قطاع التكنولوجيا وحده، بل أيضاً عالم الموسيقى والاتصالات، وكانت فلسفة جوبز بسيطة «اعرف ما يحتاج إليه السوق وكن الأسرع والأول في تلبية هذه الحاجة».

عالم الموسيقى وميلاد آي بود

ولم يمضِ على قدوم جوبز إلى أبل خمس سنوات حتى فاجأ عالم الموسيقى بميلاد جهاز سيغير هذا العالم للأبد، وهو آي بود، قضى آي بود على هيمنة اليابان، خصوصاً شركة سوني، على عالم أجهزة الكاسيت وتشغيل الموسيقى، لدرجة أنه أُطلق عليه «قاتل أجهزة الووكمان».

ومنذ إطلاقه حتى توقف الإنتاج في عام 2011 باعت أبل 300 مليون جهاز آي بود حول العالم.

آيفون يغير عالم الاتصالات

وُصف إعلان ستيف جوبز في عام 2007 عن صدور هاتف آيفون بالحدث الأبرز في عالم التكنولوجيا في القرن الحادي والعشرين، وفي البداية قال جوبز اليوم نعلن عن ثلاثة أجهزة ثورية، الأول آي بود بشاشة عريضة يمكن التحكم بها باللمس، والثاني هاتف ثوري والثالث هو جهاز اتصال بالإنترنت، ليفاجأ الجمهور لاحقاً أنه جهاز واحد وكان هذا ميلاد آيفون وسط تصفيق كبير من الجمهور الحاضر.

ويعد آيفون الجهاز الأنجح في تاريخ شركة أبل، وحتى عام 2022 باعت أبل نحو 2.3 مليار جهاز آيفون.

وفاة جوبز

في أغسطس آب من عام 2011 قرر ستيف جوبز مغادرة أبل لكن هذه المرة بلا رجعة وكتب إلى مجلس الإدارة قائلاً «لقد قلت دائماً إذا جاء يوم لم أستطع فيه الوفاء بواجباتي ومسؤولياتي كمدير تنفيذي لشركة أبل فسأكون أول من يبلغكم بذلك، ولسوء الحظ لقد أتى ذلك اليوم»، ولم يمضِ أكثر من شهرين حتى ودّع العالم عملاق التكنولوجيا جوبز في الخامس من أكتوبر تشرين الأول 2011 بعد صراع مع المرض، لكن إرثه لا يزال باقياً.