مع استمرار الصراع بين إسرائيل و غزة لأكثر من عشرة أيام، لجأ ملايين الأشخاص إلى منصات التواصل الاجتماعي على أمل فهم الحقيقة، ولكن يبدو أنهم سلكوا طريقاً ضبابياً.
كشف تقرير جديد لوكالة إ. ف. ب، عن تزايد حجم المعلومات المضللة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعية منذ هجوم حركة المقاومة حماس على المستوطنات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر، ما أثار انتقاد مؤيدي الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء.
فمن ناحية، صنف داعمو القضية الفلسطينية هذا كتحيز من قبل منصات التواصل ضدهم، في حين رأى داعمو إسرائيل أن رقابة المنصات وحذف المنشورات غير كافٍ.
ويقول خبراء المعلومات المضللة لشبكة CNN، إن عمليات التسريح واسعة النطاق طالت موظفين في قطاع التكنولوجيا، بمن في ذلك فِرق الأخلاقيات والسلامة في بعض شركات التواصل الاجتماعي، كان لها دور كبير في ترك المنصات أقل استعداداً لحدث مثل صراع إسرائيل وغزة.
ونظراً لانتشار المحتوى المرتبط بحرب غزة باللغتين العربية والعبرية، كان ذلك بمثابة اختبار لقدرة المنصات على التعامل مع المحتوى غير الإنجليزي، إذ إنه عادة تتعامل الخوارزميات مع اللغة الإنجليزية، عن طريق البرمجيات والمعادلات الآلية التي تتعامل مع كلمات محددة في المحتوى.
وقالت ميتا، «سرعان ما أنشأنا مركزاً للعمليات الخاصة يعمل به خبراء، بمن فيهم أشخاص لغتهم الأصلية العبرية والعربية.. يسمح لنا ذلك بإزالة المحتوى الذي ينتهك معايير أو إرشادات مجتمعنا بشكل أسرع، والعمل بمثابة خط دفاع آخر في مكافحة المعلومات المضللة».
صراع المستخدمين مع الخوارزميات
حذفت منصتا فيسبوك و إنستغرام أكثر من 795 ألف منشور باللغة العربية والعبرية باعتبارها تنتهك سياسات منصات التواصل الاجتماعي، كما حدت من ظهور آلاف المنشورات، وهذا خلال ثلاثة أيام فقط منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول، بحسب بيان ميتا.
يمثل هذا الرقم نحو سبعة أضعاف عناصر المحتوى الذي تزيله ميتا يومياً في الأوقات العادية، مقارنة بالشهرين السابقين.
ومن أجل مواجهة هذه القيود، حاول مستخدمو المنصات استخدام بعض الحيل وأدوات الذكاء الاصطناعي، أو محاولة تغيير شكل الكتابة، مثل كتابة fلسtين، أو فلسطىن بدلاً من فلسطين، واسرائىل أو اسـ-رئيل بدلاً من إسرائيل، وغيرها من طرق الكتابة المختلفة.
ولكن لم ينجح ذلك إلى حد كبير، إذ قررت المنصات مثل ميتا وتيك توك إدخال العنصر البشري في المعادلة، وهو ما جعل احتمالية إفلات المنشور من الرقابة أقل بكثير.
إكس وتيليغرام.. الملجأ الجديد
لجأ العديد من المستخدمين خلال الأيام الماضية إلى منصات إكس (تويتر سابقاً) وتليغرام للتعبير عن آرائهم بحرية أكثر، نظراً لعدم تعرض منشوراتهم إلى الحجب بنفس وتيرة فيسبوك وإنستغرام وتيك توك.
ورغم تأكيد منصة إكس على حذفها لآلاف المنشورات المتعلقة بالصراع، كان انتشار المعلومات المضللة عليها أقل بسبب ميزة (الملاحظات)، التي يمكن عن طريقها كتابة ملحوظة تتعلق بالمنشور إذا كان يخفي الحقيقة، لكنها لا تزال تحت الاختبار.
أدى ذلك لتعرض منصة إكس ورئيسها التنفيذي إيلون ماسك للانتقاد، وسط تحذيرات بأن منصته وجميع منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، قد تواجه غرامات بمليارات الدولارات إذا حدد التحقيق لاحقاً أنهم انتهكوا قوانين الإشراف على المحتوى في الاتحاد الأوروبي.
وتحظر شركات إكس، ميتا وغوغل، حسابات حماس، لكن تليغرام، قررت السماح للحركة بمواصلة استخدام خدمتها، وهي شركة أسسها رجل أعمال روسي المولد ومقرها الآن في دبي.
وكان لدى قناة التليغرام التابعة لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، نحو 200 ألف متابع وقت الهجوم، ومنذ ذلك الحين، تضاعف عدد متابعي القناة بأكثر من ثلاثة أضعاف، وفقاً لتحليل أجراه مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي (DFRLab) في المجلس الأطلسي.
وقبل الهجوم، شوهدت منشورات القناة في المتوسط نحو 25 ألف مرة، والآن زاد المتوسط إلى أكثر من 300 ألف مرة، أي بزيادة تزيد على عشرة أضعاف.
في غضون ذلك، لا تزال هناك حالة عدم يقين واسعة النطاق بشأن ما يُنشر على منصات التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بحرب غزة، مع تزايد الشكوك حول آليات حظر المنشورات.
ولكن ما يمكن تأكيده هو أن لمنصات التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً ومهماً في توجيه الرأي العام والتأثير في قرارات صناعة السياسة عالمياً.