عاد باسم يوسف ليلتقي بالمحاور البريطاني المعروف بيرس مورغان في جولة ثانية للحديث عن القضية الفلسطينية والصراع القائم حالياً في غزة.

اتسم لقاء هذه المرة بالهدوء والمواجهات الجدلية الطويلة التي تضمنت حُججاً بالأدلة والبراهين ساقها مقدم البرامج المصري الساخر باسم يوسف.

هذا اللقاء يُعدُّ بمثابة الجزء الثاني للمقابلة التي حدثت بين باسم يوسف وبيرس مورغان عبر الفيديو في السابع عشر من أكتوبر مع بداية تصاعد الهجوم الإسرائيلي على غزة.

إذ دعا باسم يوسف مورغان لإقامة حوار مطوّل وجهاً لوجه لاستكمال الحديث عن القضية الفلسطينية، الأمر الذي رحب به مورغان بعدما شهد اللقاء الأول نجاحاً كبيراً ومشاهدة عريضة، إذ تعدت المشاهدات 18 مليوناً بعد ساعات قليلة من نشر اللقاء.

ووصلت مشاهدات الجزء الأول إلى نحو 20 مليون مشاهدة حتى كتابة التقرير، أما الجزء الثاني الذي نُشر مساء الأربعاء، فقد حصد أكثر من أربعة ملايين مشاهدة، وذلك على الصفحة الرسمية لبرنامج المذيع البريطاني عبر تطبيق الفيديو يوتيوب.

باسم يوسف يقود الحوار ويقدم لمورغان هدية خاصة

نوَّه باسم يوسف قبل إذاعة الحلقة المسجلة، عبر منشور على صفحته في إنستغرام، إلى أنها ستكون مختلفة عن سابقتها.

إذ أكد أنه يحرص على المشاركة بشيء قد يستمر لوقتٍ أطول ربما لأجيال قادمة، بحيث يكون هناك شرح أوفى وأوضح عن وجهة النظر من الجانب العربي والفلسطيني.

وأوضح أنه لا يسعى في هذه الحلقة وراء التريند أو العبارات الرنانة، أو حتى قصف الجبهات بالردود المبرحة، لكنه يهتم بأن يوصل وجهة النظر من الجانب الآخر إلى الغرب والإعلام الغربي.

وبدأ مورغان حواره مع باسم بالحديث عن حياة باسم يوسف المهنية، وكيف تحول من جرّاح قلب إلى محاور ومقدم برامج ساخر، وقاد باسم الحوار بالحديث عن بداية معرفته بمورغان وكيف تطورت معرفتهما ببعض.

التفت باسم لمورغان وطلب منه أن يريه شيئاً قبل بداية الحديث، فتوجه إليه بهدية منه هو وزوجته ليتفاجأ مورغان بأنها قنينة لزيت الزيتون البكر الذى أتى به باسم من الضفة الغربية في فلسطين.

«تستطيع شجرة الزيتون البقاء لنحو 600 عام، ويقوم الفلسطينيون بتوريثها عبر الأجيال، فهي بمثابة التراث العائلي للفلسطينيين»، هكذا وصف باسم يوسف شجر الزيتون الفلسطيني عندما أهدى بيرس مورغان زيت الزيتون الذي جلبه معه في بداية اللقاء.

وتفاعل العديد من رواد التواصل الاجتماعي مع هذه اللفتة إذ اعتبرها البعض بمثابة الأمر الذي يثبت تاريخ وحضارة الأراضي الفلسطينية ومدى أحقية شعب فلسطين بالأرض.

وقال مورغان إنه أكثر جاهزية هذه المرة لمناقشة باسم يوسف والرد عليه، وأكد أنه وجد الحلقة الأولى «غاية في الصعوبة» ولم يعرف كيف يتصرف حيال ردود باسم يوسف في كثير من الأحيان.

واعترف بيرس مورغان أن الحلقة السابقة بقدر ما كانت بالنسبة له صعبة في التعامل معها، لكنها أيضاً كانت فعالة للغاية.

إدانة حماس وإسرائيل.. لا فائدة على الإطلاق

وفي مطالبة مورغان باسم يوسف بأن يدين حماس بوضوح، أجاب يوسف أنه «لا فائدة على الإطلاق من إدانة حماس أو إسرائيل».

وأوضح أن إدانة أيٍّ من الأطراف لا يفيد بشيء في حل القضية أو إنهاء الصراع، بل هي فقط تصريحات يدلي بها الأشخاص للعبور على نقاط التفتيش الأخلاقية، وبعد ذلك تذهب الأطراف في كل الاتجاهات تاركين وراءهم استمرار الهجوم والصراع.

فشل الأجهزة الإعلامية

وتوجه باسم يوسف باللوم على الإعلام الغربي الذي يتحدث عن القضية بسطحية دون الرجوع لأصل الحكاية والأسباب الجذرية وراء هذا العدوان.

وأضاف أنه من وجهة نظره فهو يرى المشهد الإعلامي، يعتبر قد فشل في تغطية مثل هذه القضايا «إذا وقف (الإعلام) متسائلاً عن حقيقة الأمور أو قال إنه لا يعرف ماذا يجري في الأحداث»، لأنه لا يحق له ونحن في عصرنا هذا، مع امتلاك كل هذه الأدوات وتطور التكنولوجيا، أن يتخاذل أو يقف عاجزاً عن إيصال الحقيقة.

وتساءل باسم «لماذا كل مرة يتكرر هذا الأمر يبدو وكأننا نبدأ من نقطة الصفر؟».

معاداة السامية والصهيونية

حرص باسم يوسف على إيضاح بعض المصطلحات وشرحها باستيفاء ووضع النقاط على الحروف، فمثلاً تطرق للحديث عن السامية ونظرية ازدياد المعاداة للسامية وقدَّم الحجج والأسانيد ليوضح الفرق بين اليهودية والسامية والصهيونية.

كما طرح أمثلة من التاريخ لإثبات حقيقة من هم أعداء السامية الحقيقيون، وكيف تصرف الصهاينة في عدة مواقف وأحداث تاريخية.

بالإضافة إلى أن باسم ظل يردد خلال المقابلة الرجوع لذكر المصادر في كل ما يتحدث عنه، وألمح إلى المتابعين بأن يبحثوا عن هذه المصادر سواء كانت كتباً أو أفلاماً وثائقية أو أحاديث مسجلة لشخصيات معروفة.

الحرب العالمية الثالثة

وبالحديث عن الحلول المقترحة من قِبل بعض الشخصيات الحكومية الإسرائيلية، سأل بيرس مورغان باسم يوسف متطرقاً لحديث الملكة رانيا الذي أدلت به في وقتٍ سابق خلال الأسابيع الماضية، وأشار إلى أن البعض يقول «إذا كان كل هذا التعاطف موجوداً لماذا لا تأخذ الأردن أو مصر الفلسطينين؟».

ليجيبه باسم «هذا بالضبط ما يريده الإسرائيليون، وأيضاً هذا الأمر يمكن أن يشعل حرباً عالمية ثالثة»، وأضاف «هذا هو حل الحرب»، كما قال «هؤلاء هم الفلسطينيون وهذه هي أرضهم» ثم تساءل مستنكراً، «فجأة يُطلب من الدول أخذهم؟!».

وحذر من أن هذا الحل غير المنطقي قد يجلب «الفوضى والاضطرابات» في المنطقة.

خذوا الأرض واتركوا الحمص

وتحدث باسم عن بداية الصراع المستمر الآن منذ 1948 حين حدثت النكبة، وكيف تم إخراج الفلسطينيين من منازلهم وإزاحتهم كلاجئين إلى مناطق أخرى، وأن حقيقة الأمر في هذه المشكلة ليست في الأصل مشكلة العرب أو الفلسطينيين، لكنها «أُلقيت عليهم من قبل الأوروبيين»، ليؤكد وجهة نظره في أهمية إرجاع القصة إلى أصلها منذ البداية لتَصح الرواية.

أيضاً تحدث باسم عن محو الثقافات وكيف يتم الآن محو الثقافة الفلسطينية، وأشار بالتحديد إلى نسب الإسرائيليين معالم الثقافة الفلسطينية لأنفسهم دون وجه حق، كإطلاق مسميات مثل «الحمص الإسرائيلي».

وقال باسم معلقاً على هذا الأمر «هذه إهانة، حمص إسرائيلي؟!» وأضاف مازحاً «بالله عليك يمكنك أخذ الأرض، ولكن اترك الحمص!! هذا أمر غير عادل».

الوصول إلى أرض مشتركة

في نهاية الحديث أشار باسم يوسف إلى أنه جاء إلى أميركا باحثاً عن حرية التعبير، لكنه رأى «أشخاصاً الآن يفقدون وظائفهم لأنهم تحدثوا بحرية»، كما أراد أن يضيف تعقيباً على الإعلام الغربي بأنه لا يتصرف بشكل مناسب مع الضيوف الفلسطينيين على شاشاتهم عند الحديث معهم، فكل ما يركزون عليه طلب الاعتراف بإدانة حماس فوراً بغض النظر عما يمرون به من فقدان أقاربهم وأحبائهم بسبب القصف الإسرائيلي على غزة.

وأضاف أن حتى الآلات والتطبيقات التكنولوجية باتت متحيزة، فعندما سأل تشات جي بي تي إذا كان هناك حق للإسرائيليين في العيش بحرية ليجيب مباشرةً بنعم، أما عندما سأل عن حق الفلسطينيين فقد تحجج تطبيق الذكاء الاصطناعي بأنها مسألة معقدة لا يمكن البت فيها.

واختتم مورغان اللقاء فيما اعتبره أرضاً مشتركة في حديثه مع باسم يوسف، قائلاً «هي ليست مسألة معقدة، ولا هي مسألة حساسة، الفلسطينيون لهم الحق في العيش أحراراً، ويجب أن يتمتعوا بالقدر نفسه من الحرية وحقوق حرية التعبير وقيادة حياتهم والوصول للمياه والطاقة والإنترنت مثلهم مثل الإسرائيليين والأميركيين، وأيضاً كما هو الحال في بلدي المملكة المتحدة، وأنا أريد ذلك للشعب الفلسطيني».