أظهرت أفلام هوليوود منذ تسعينيات القرن الماضي مشاهد ل روبوتات مصنوعة من المعادن ولا يصيبها مكروه عند قصفها بالمتفجرات والرصاص، إذ يُفاجأ المشاهد بالمعدن وهو يلتحم تلقائياً، وظلت هذه المشاهد طوال القرن الماضي ضرباً من الخيال العلمي حتى تم تقديم نظرية المعادن ذاتية الالتئام منذ عشر سنوات لتتحقق النبوءة العلمية وتُثبَت النظرية على يد عدد من العلماء مؤخراً.
اكتشاف يخدم أهداف كوب 28
بحسب رويترز، وصف العلماء قبل أشهر كيف تمكنت قطع من البلاتين والنحاس النقي من لأم الشقوق الناجمة عن إجهاد المعدن تلقائياً، وذلك خلال تجارب النانو التي صُممت لدراسة كيفية تشكل هذه الشقوق وانتشارها في المعادن المعرضة للضغط.
وأعرب العلماء عن تفاؤلهم بإمكانية استغلال هذه القدرة في المعادن لخلق آلات وهياكل لمعدات ذاتية التعافي والالتئام في المستقبل القريب.
ومع اقتراب مؤتمر الأطراف للأمم المتحدة المعني بتغير المناخ كوب 28، يتنامى الاهتمام بكل ما هو مستدام وقادر على تحسين الحياة على الأرض وإنقاذها من كل ما هو متسبب في إهلاكها، وبالطبع اكتشاف هذه القدرة الهائلة للمعادن القابلة للالتئام ذاتياً، قد توفر العديد من السبل والآليات نحو ترسيخ أهداف الاستدامة المرجوة.
تطبيقات الاكتشاف الجديد
يَعِد هذا الاكتشاف بتحقيق آمال واعدة في سبيل أهداف الاستدامة، فالتطبيقات المحتملة للمعادن ذاتية الالتئام متنوعة.
ومع تطورِ التكنولوجيا بشكلٍ أكبر، يمكنُ استخدامها في صناعاتٍ مختلفةٍ مثل الطيران والسيارات والإلكترونيات، ما يوفر فوائد عدة في مختلف الصناعات.
ويمكن للبشرية أيضاً الاستفادة من تطبيقات هذا الاكتشاف في السلع الاستهلاكية، والأسلحة الدفاعية، وحتى استكشافات الفضاء، إذ تعمل المعادن ذاتية الالتئام على تحسين أداء واستدامة المعدات والآلات المختلفة.
وتتعرض المعادن لما يسمى بالإجهاد إذ يصيب أجزاء وهياكل المعدات والمركبات بعض الشقوق الدقيقة مع تعرض تلك المعدات أو الآلات للضغط والحركة المتكررة، الأمر الذي قد يتفاقم مع مرور الزمن ووصول المعدات والآلات لعمرها الافتراضي، ويمكن أن يتسبب هذا الإجهاد المعدني في حدوث أعطال كارثية في مجالات تشمل الطيران، والبنية التحتية، مثل الجسور والسكك الحديدية وغيرها من الأصول الاستراتيجية للدول.
التجارب الحديثة
وفي التجارب التي أجريت في مختبرات سانديا الوطنية التابعة للحكومة الأميركية في نيو مكسيكو، استخدم الباحثون تقنية تقوم بسحب أطراف القطع المعدنية الصغيرة نحو 200 مرة في الثانية، في البداية تشكل صدع واتسع الشرخ، ولكن بعد نحو 40 دقيقة من التجربة، اندمج المعدن كلياً مرة أخرى.
أطلق الباحثون على هذه العملية اسم «اللحام البارد».
ونشرت مجلة «فيزيكس» العلمية ما اكتشفه براد بويس من مختبرات سانديا الوطنية في نيو مكسيكو وزملاؤه مؤخراً خلال تجارب لاستكشاف خصائص رقائق البلاتين التالفة، وقالت إن اكتشافاتهم تعتبر هي الأولى من نوعها لهذا السلوك، الذي قد يكون له آثار على تطوير المعدات والآلات المعدنية في المستقبل.
وقد افترض العديد من العلماء على مر السنين أنه في بيئة غير مؤكسدة، فإن أي شقوق تنشأ في المعدن يجب أن تلتئم من تلقاء نفسها، ومن المتوقع أن ينشأ ما يسمى بالشفاء أو الالتئام الذاتي إذا عادت الذرات وانتظمت في مكان قريب من بعضها.