تناول الكونغرس العالمي للإعلام زيادة التحديات البيئية التي نواجهها اليوم، وتضاعف مسؤولية الإعلام تجاه رفع الوعي المجتمعي خاصة في ملف الاستدامة، وعلى الرغم من المسؤولية الريادية لصناعة الإعلام، تشير أصابع الاتهام إلى الصناعة بسبب بصمتها الكربونية ودورها في تلويث البيئة.

معرفة الفرد بعض المعلومات عن التحديات البيئية الراهنة لا تنعكس بالضرورة على خيارات هذا الفرد الاستهلاكية بشكل يومي، إذ إن نجاح الخطاب الإعلامي في توصيل بعض المعلومات العامة إلى متابعيه لا يعني بالضرورة قدرته على خلق ثقافة استهلاكية جديدة.

فعلى الرغم من تغير جميع الثقافات عبر الزمن، فإن معظم الثقافات محافظة بشكل كبير، وتميل إلى مقاومة التغيير، إذ أثبتت دراسة أجريت في المملكة المتحدة أن 30 في المئة من المستهلكين على دراية بالتحديات البيئية، ولكن لا تنعكس تلك الدراية إلّا على الخيارات اليومية لثلاثة في المئة فقط.. فكيف يستطيع الخطاب الإعلامي إحداث تغيير فعلي في ثقافة المستهلك؟

تأثيرات الإعلام

التأثير الإدراكي

يحدث هذا النوع من التأثير عندما ينجح الخطاب الإعلامي في التأثير على طريقة تفكير الفرد.. أبرز طرق التأثير هي عرض الحقائق والبيانات المُثبتة علمياً، فمثلاً، اهتمام المنصات الإعلامية المختلفة بعرض نتائج أبحاث علمية مرتبطة بالبيئة قد يساعد في توصيل الصورة الكاملة لحجم تأثير النشاط الإنساني على البيئة، ومدى خطورة الوضع الذي وصلنا إليه بالفعل.

التأثير على المعتقدات

يستطيع الإعلام تشكيل القناعات الفردية من خلال إظهار أجزاء من العالم لا يستطيع المتلقي دائماً رؤيتها بنفسه، لذا فإن عرض الأخبار المرتبطة بالظواهر البيئية شديدة الوطأة التي تعاني منها بقاع عدة على مستوى العالم قد يساعد المتلقي في الشرق الأوسط على إدراك فداحة الوضع، وبالتالي تبني خيارات مستدامة.

التأثير على المواقف

الموقف هو الحكم الذي نصدره بشأن شيء ما أو شخص ما، وهو القدرة على تمييز الأفكار والمبادئ.

والمعلومات التي تعرضها لنا وسائل الإعلام تحفزنا على إصدار أحكام بشأن تلك المعلومات، وتستطيع وسائل الإعلام إشعال انتماءاتنا ومساعدتنا على تبني مواقف جدية تجاه قضايا المناخ وغيرها من القضايا البيئية والسياسية والاجتماعية.

صناعة الإعلام في قفص الاتهام

على الرغم من ضرورة تأثير الإعلام على الوعي البيئي للشعوب، تسهم صناعة الإعلام نفسها في زيادة الانبعاثات الضارة في الجو.

فمنذ تطور الطباعة، اعتمدت وسائل الإعلام على طباعة الصحف والمجلات وكانت المذيبات السامة، والأحبار، والغبار، ومياه الصرف الصحي، من المنتجات الثانوية لطباعة الصحف لمدة قرنين من الزمان.. وقد أثرت ظروف مماثلة على العاملين في صناعة الأفلام، حيث يزيد غبار القطن من خطر الإصابة بالرئة البنية.

في العصر الحديث، انتقلنا إلى الإعلام الصوتي والمرئي عبر الأجهزة الإلكترونية بشتى أشكالها، وسعياً لاقتناء التحديثات منها بشكل دوري، يتخلى العديد منّا بانتظام عن هذه الأجهزة لاقتناء النماذج الأحدث، الأمر الذي يتسبب في تزايد مفرط للنفايات الإلكترونية، فوفقاً لبيانات ستاتيستا تصل النفايات الإلكترونية العالمية إلى 53.6 طن متري سنوياً، ما يعادل التخلص من 1000 جهاز حاسب شخصي كل ثانية، في حين لا تتخطى حصة النفايات الإلكترونية الموثقة، التي سيتم جمعها وإعادة تدويرها بشكل صحيح، نسبة 17.4 في المئة فقط. يوجد في كل حاسب آلاف المواد المختلفة، والتي غالباً ما تكون مميتة.

من ناحية أخرى يتسبب النظام الرقمي في 3.5 في المئة من الغازات الدفيئة المنبعثة، إذ تولد الحملة الإعلانية الواحدة 70 طناً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ما يعادل البصمة الكربونية لسبعة أشخاص خلال عام، وفقاً لشركة المعلومات الخاصة بالإعلام «كولبيسا»، ومقرها مدريد.

في الكونغرس العالمي للإعلام بأبوظبي، تسنّى لـ«CNN الاقتصادية» مقابلة الدكتور خالد المدفع رئيس مدينة الشارقة للإعلام، ومحادثته بشأن دور صناعة الإعلام في التأثير على الثقافة البيئية لشعوب الشرق الأوسط، وإدارة البصمة الكربونية للصناعة.