شهد يوم المناخ بمؤتمر كوب 28 مناقشة أحد أهم المواضيع الخاصة بالاقتصاد والصحة، وهي الخسائر المالية الناجمة عن الأزمات الصحية الناتجة عن تغير المناخ.

ووفقاً للمؤتمر، يقدر أن تصل الخسائر المالية بسبب الأزمات الصحية الناجمة عن تغير المناخ إلى ما بين 2 و4 مليارات دولار سنوياً بحلول عام 2030، ما سيؤدي إلى تفاقم الفقر، خاصة في المناطق النائية ومحدودة المصادر، كما يحذر معهد سويس ري -الذي يوفر التثقيف في مجال المخاطر والتأمين للعملاء وأصحاب المصلحة- من أن التأثير الأكبر لتغير المناخ هو أنه قد يقضي على ما يصل إلى 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050، وهذا بالطبع إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار 3.2 درجة مئوية.

لا يمكننا فصل تغير المناخ عن قطاع الصحة، إذ إن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة الأمراض المعدية، ما يزيد من الأعباء الصحية والتكاليف الطبية، فعلى سبيل المثال يتوفى 7 ملايين شخص كل عام بسبب تلوث الهواء، أي أكثر من عدد الوفيات عالمياً خلال جائحة كورونا بأكملها.

كما أن اضطرابات الطقس والكوارث الطبيعية تهدد إمدادات الغذاء، ما يؤدي إلى شح في بعض المواد الغذائية وارتفاع أسعارها.

وشدد بيتري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، على تأثير الأزمات المناخية العام الماضي مثل الجفاف المستمر في شرق إفريقيا، والأمطار في باكستان، وموجات الحر القياسية في الصين وأوروبا، على عشرات الملايين.

كما أسهمت هذه الأزمات في انعدام الأمن الغذائي، وعززت الهجرة الجماعية، وكلفت خسائر وأضراراً بمليارات الدولارات.

فمثلاً، تسببت الفيضانات الشديدة في باكستان الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة في صيف عام 2022 في مقتل أكثر من 1700 شخص، بينما تضرر نحو 33 مليوناً، كما أنه بحلول أكتوبر تشرين الأول تشرد نحو 8 ملايين شخص داخلياً بسبب الفيضانات.

وتبرز المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن مجموع الأضرار والخسائر الاقتصادية قُدرت بمبلغ 30 مليار دولار.

ويتوقع البنك الدولي أن نحو 40 في المئة من الفقر المتعلق بالمناخ ستسببه الآثار الصحية المباشرة لتغير المناخ.

إذاً، الحل هو زيادة التمويل في هذا المجال، وهو الأمر الذي حث عليه رئيس مؤتمر الأطراف سلطان الجابر، فشدّد الجابر على ضرورة التزام الدول المتقدمة بتوفير مبلغ 100 مليار دولار من التمويل المناخي سنوياً للدول النامية، ومضاعفة تمويل التكيف بحلول عام 2050 حتى تجديد موارد صندوق المناخ الأخضر.

وقالت صفاء الجيوسي، مستشارة العدالة المناخية في أوكسفام، لـ«CNN الاقتصادية» إن الكوارث الطبيعية لها صلة مباشرة بالاستثمار المالي، وأضافت أن دعم الرعاية الصحية يعني دعم الحد من تغير المناخ.

وأكد الجابر أهمية الاستثمار في الصحة كجانب حاسم في المرونة المناخية، مشدداً على أنه يجب النظر إلى هذه النفقات على أنها استثمارات وليست تكاليف.

وتُظهر أبحاث من منظمة الصحة العالمية أن بين عامي 2030 و2050، من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ فيما يقرب من 250 ألف حالة وفاة إضافية سنوياً، وهذا بسبب نقص التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.

وعلى الرغم من المساهمة بشكل بسيط في الانبعاثات العالمية، فإن البلدان منخفضة الدخل والدول الجزرية الصغيرة النامية تتحمل أقسى الآثار الصحية، ففي المناطق المعرضة للخطر كان معدل الوفيات من الظواهر الجوية الشديدة في العقد الماضي أعلى بـ15 مرة منه في المناطق الأقل عرضة للخطر وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، كما أنه مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض يخرج البعوض من موائله الحالية، ما ينشر الأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك والشيكونغونيا وفيروس غرب النيل، وفقاً لكلية ستانفورد للاستدامة.