ليس من المفاجئ أن قطاعي التكنولوجيا والاستدامة أحد أبرز المواضيع التي يتناولها مؤتمر الأطراف أو كوب 28، وفي صلب هذين القطاعين بالطبع الذكاء الاصطناعي.
تُقدر كمية الانبعاثات التي ينتجها قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بين 1.8 في المئة و2.8 في المئة من إجمالي الانبعاثات العالمية، وفقاً لأليانز، شركة رائدة للخدمات المالية.
وأثار الانتشار السريع للذكاء الاصطناعي مخاوف متعلقة بتأثيره البيئي، خصوصاً فيما يتعلق بمراكز البيانات، إذ يتوقع أن يستهلك قطاع التكنولوجيا نحو 20 في المئة من الكهرباء عالمياً، وأن يسهم بنحو 5.5 في المئة من انبعاثات الكربون العالمية بحلول عام 2025، وفقاً لمنصة ديجيتال واتش أوبسيرفتوري.
الجدير بالذكر أن مشكلة الكربون المرتبطة بقطاع الذكاء الاصطناعي تدور بشكل أساسي حول مرحلتين حاسمتين: التدريب والنشر.
فتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي تتطلب كميات كبيرة من الطاقة وتتسبب في انبعاثات كربونية هائلة، فمثلاً أنتج تدريب برنامج جي بي تي-3 المدعوم بالذكاء الاصطناعي 552 طناً مترياً من انبعاثات الكربون، أي ما يعادل قيادة مركبة ركاب لأكثر من مليوني كيلومتر.
أما النشر، فيثير مخاوف بشأن الاستهلاك العالمي للطاقة الناتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.
وتضاعف مقدار طاقة الحوسبة المطلوب لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة كل 3 إلى 4 أشهر منذ عام 2012، وفقاً لباحثي أوبن إي آي.
لكن من ناحية أخرى، للذكاء الاصطناعي ميزات في الحد من تغير المناخ، حيث يستخدم برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحليل وتوقع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وقال سلال حسن، مؤسس شركة تقنيات أحياَ (Ahya)، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لقياس البصمات الكربونية لمختلف القطاعات، لـ «CNN الاقتصادية» إن شركته تستخدم نماذج لغوية كبيرة لتوليد خطط لخفض الكربون.
تخزين المعلومات
لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مراكز بيانات ضخمة، وتنتج هذه المراكز التي تشغل الخدمات الرقمية نحو 2 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، متساوية مع قطاع الطيران، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.
وتعتمد الحكومات والشركات على هذه المراكز لمعالجة البيانات وتحليلها، وكلما زاد حجم البيانات زادت الحرارة الناجمة عنها، ما يؤدي إلى زيادة حاجتها للتبريد.
هذه المراكز ينتج عنها 1.22 ميغاواط من الحرارة، ما يكفي لتشغيل الكهرباء في 122 منزلاً لعائلات ذات حجم متوسط، ولتبريدها يُستخدم أكثر من 7 ملايين لتر من المياه يومياً، أي ما يعادل حاجة 55 ألف شخص.
لكن شركات مثل أمازون تعوض استهلاكها الهائل للمياه من خلال إعادة استخدام 96 في المئة من مياه مراكز بياناتها في مزارع قريبة لتلك المراكز.
كما ترفع الشركات الكبرى في قطاع التكنولوجيا المدعومة بالذكاء الاصطناعي جهودها للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عنها، وإزالة الكربون من الاقتصاد العالمي بأكمله، حيث تُظهر العديد من الشركات استعدادها للاستثمار المادي لهذا الهدف.
مبادرات عمالقة التكنولوجيا
تعتمد شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل متزايد على الطاقة المتجددة، خاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وذلك بسبب تكلفتها المعقولة وللالتزام بالمعايير البيئية، فمثلاً أصبحت شركة ألفابيت، الشركة الأم لغوغل، شركة محايدة للكربون عام 2007، وبعد عشر سنوات أصبحت أول شركة توازي إجمالي استهلاكها للكهرباء مع الطاقة المتجددة.
كما تخطط ألفابيت بحلول عام 2030 أن تصبح أول شركة عملاقة تعمل طول الوقت على طاقة خالية من الكربون.
أما شركة أبل، فتعتبر مثالاً قوياً في كيفية نقل عملياتها الخاصة من الوقود الأحفوري، والعمل بجهد لتحفيز مورديها على الاعتماد على الطاقة المتجددة بالكامل بحلول عام 2030.
فوفقاً لموقع الشركة، يلتزم أكثر من 300 مورد، يمثلون أكثر من 90 في المئة من إنفاق الشركة المباشر على تصنيع منتجاتها، باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المئة لتصنيع جميع منتجات أبل بحلول عام 2030.
وعلى الرغم من هذا التقدم، فإنه لا يزال يتعين على أبل أن تكون أكثر شفافية بشأن انبعاثات سلسلة التوريد، وفقاً لتقرير صادر عن معهد الشؤون العامة والبيئية غير الربحي، إذ يذكر التقرير توقف شركة أبل عن مطالبة مورديها بالكشف عن انبعاثاتهم هذا العام.