أيام قليلة تفصل العالم عن استقبال عام جديد، ومع اقتراب احتفالات رأس السنة الميلادية نشهد العديد من العروض المضيئة التي تنير سماء البلدان المختلفة معلنة عن بداية عام جديد.

كانت دائماً ما تتميز هذه الاحتفالات بالعروض المبهرة للألعاب النارية في سماء ليل العواصم الكبرى، ولكن مؤخراً وتحديداً بدايةً من 2012 بدأ العالم يتجه لإضافة عروض جديدة أكثر إبهاراً وأكثر استدامة للبيئة، ألا وهي عروض المسيّرات المضيئة أو ما يعرف بالطائرات بدون طيار.

أصبحت عروض الطائرات بدون طيار أو المسيّرات المضيئة ذات شعبية متزايدة في جميع أنحاء العالم، وهذا ليس بالغريب، إذ تتميز هذه العروض بتقديم البهجة والإبهار في صورة أشكال فنية مضيئة في السماء مع تزامن موسيقي ومؤثرات بصرية أخرى.

أول عرض على الإطلاق

عرض (SPAXEL سباكسيل) للمسيّرات المضيئة في سماء لينز، النمسا

بدأت هذه العروض الجديدة مستخدمة التكنولوجيا الحديثة للمسيّرات المضيئة في عام 2012 عندما قُدم أول عرض للمسيرات المضيئة باستخدام 50 طائرة بدون طيار في مدينة لينز بالنمسا في عام 2012.

تضمّن العرض 50 طائرة بدون طيار مزودة بمصابيح LED، والتي خلقت مجموعة متنوعة من الأشكال والأنماط في سماء الليل، ومنذ ذلك الحين، أصبحت عروض الطائرات بدون طيار شائعة ومتطورة بشكل متزايد، إذ تضم العروض مئات أو حتى آلاف الطائرات بدون طيار.

تطور عروض المسيّرات المضيئة

درون 100 عرض سباكسيل في سماء لينز، الصورة لغريغور هارتل، موقع إليكترونيكا

في عام 2018، أذهلت شركة إنتل العالم عندما حلقت طائراتها بدون طيار في عرض (شوتينغ ستار Shooting Star) الذي ضم نحو 1218 طائرة في سماء بيونج تشانج بكوريا الجنوبية، وكان ذلك للاحتفال بافتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018.

وفي عام 2020، حطمت الشركة الصينية (شنتشن دامودا لتكنولوجيا التحكم الذكي) هذا الرقم القياسي من خلال تحليق 3051 طائرة بدون طيار، ليكون هذا أكبر عرض للطائرات المضيئة بدون طيار على الإطلاق مسجلاً رقماً قياسياً ضمن موسوعة غينيس.

تعتمد هذه العروض على تكنولوجيا متطورة للتحكم في طائرات العرض الذي يقدم لوحات فنية استعراضية متعددة لتكوين أشكال مضيئة مختلفة بتزامن دقيق في سماء الليل.

فكيف تعمل هذه المسيّرات المضيئة؟

حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2018 يتضمن عرضاً ضوئياً لـ1,218 طائرة بدون طيار لشركة إنتل

هناك العديد من العوامل التي تدخل في تقديم عرض ضوئي ناجح للطائرة بدون طيار، ويتراوح ذلك من نوع الطائرة بدون طيار ووزنها، إلى الخوارزميات التي توجه الطائرات بدون طيار في مسارات طيرانها المحسوبة بدقة.

تتميز الطائرات بدون طيار المستخدمة في العروض الضوئية بخفة الوزن للغاية وتتكون من بطارية ووحدة LED وأجهزة استشعار لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS). وكلما كانت الطائرة بدون طيار أخف وزناً، قلّت الطاقة التي تحتاج إليها للبقاء في الهواء وأصبح التحكم فيها أسهل.

تعمل هذه المسيرات المضيئة في مسار رحلتها الاستعراضية وفقاً لبرمجة وإعدادات مسبقة، يقوم المصممون للاستعراض بالتخطيط والإعداد لها على مدار عدة أسابيع أو أشهر، إذ تعد هذه هي الخطوة الأطول، والأهم، والأصعب لتنفيذ العرض النهائي.

يخطط المصممون للمهمة باستخدام خوارزميات خاصة وبرامج رسوم متحركة ثلاثية الأبعاد، وباستخدام خوارزميات مصممة خصيصاً، تستطيع فِرَق تخطيط الطيران إنشاء المسارات المثالية لكل طائرة بدون طيار، يحدث هذا عادةً من خلال عملية تكرارية لتسهيل وإنشاء مسارات الطيران الملائمة.

وفي الخطوة الأخيرة قبل قيام العرض بساعات، تُشحن البطاريات لجميع الطائرات بدون طيار ويتم تحميل كل طائرة بنسخة كاملة من مخطط العرض، يتحكم في العرض لجميع الطائرات طيّار واحد من على الأرض باستخدام كمبيوتر مركزي.

عروض أكثر أماناً وصديقة للبيئة

في حين أن الألعاب النارية تظل شكلاً شائعاً من أشكال الترفيه في العديد من الاحتفالات، فإنها قد تكون خطيرة وتشكل خطر الإصابة أو الضرر، تعتبر عروض الطائرات بدون طيار بديلاً أكثر أماناً، حيث لا يوجد خطر حدوث انفجارات أو حرائق، وهذا يجعلها خياراً مثالياً للأحداث التي تكون فيها السلامة أولوية قصوى.

بالإضافة إلى كونها أكثر أماناً، تُعد عروض الطائرات بدون طيار أيضاً أكثر صداقة للبيئة من الألعاب النارية، يمكن للألعاب النارية أن تنتج ملوثات ضارة بالإضافة لتسببها في تلوث الصوت الضوضائي، في حين أن عروض الطائرات بدون طيار لا تنتج أي انبعاثات وبحد أدنى من الضوضاء.

تُستخدم عروض الطائرات بدون طيار للاحتفال ببعض أكبر الأحداث في العالم، بما في ذلك الألعاب الأولمبية واحتفالات ليلة رأس السنة.