اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2024.. هل ستتخذ منعطفاً آخر؟ هذا هو التساؤل الدارج بين قطاعات التكنولوجيا وخبراء التسويق والإعلان، بل وأيضاً بين الأفراد والشركات المستخدمين منصات التواصل الاجتماعي.
يأتي عام 2024 باتجاهات جديدة في قطاع تطبيقات التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي، فمع استمرار التحديثات المتتالية وتسابق منصات التواصل الاجتماعي في جذب المزيد من المستخدمين، وأيضاً الاحتفاظ بهم، وهو التحدي الحقيقي الذي يواجه المنصات، تتزايد الاتجاهات نحو التطوير من التطبيقات المختلفة لتلك المنصات الاجتماعية.
وبالطبع دائماً ما تتطلع الشركات لأهداف العائدات لاستثماراتها، وهو الأمر الذي ينعكس على الخطط المالية والتسويقية وتحديد مؤشرات الأداء.
ووفقاً لتقريرٍ حديث صادر عن وكالة أبحاث السوق وإدارة منصات التواصل الاجتماعي هووتسويت، فإن العلامات التجارية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومحتوى الترفيه، ومنصاتها الاجتماعية عالية الأداء، تقترب من الفوز بعائدات كبيرة عند وضع واتباع استراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي.
أحدث اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2024
تشير الإحصاءات لمؤشرات أداء المنصات الاجتماعية المختلفة إلى الاتجاه نحو تجربة اجتماعية مختلفة جذرياً عن ذي قبل، إذ طرأت عدة تغيرات على هذا القطاع، الأمر الذي أدى إلى دفع شركات التطبيقات التكنولوجية ومنصات التواصل الاجتماعي لموجات من التحديثات لأنظمة وأدوات تلك التطبيقات، وذلك وفقاً لعدة مؤسسات بحثية مثل (ستاتيستا)، و(ديماند سيج)، و(هووتسويت)، و(أوبرلو)، و(سمارت إنسايتس)، وغيرها ممن تتابع وتحلل أداء المنصات الاجتماعية.
تؤثر العديد من العوامل على تحديد الاتجاهات الجديدة أو ما يعرف بالترند، خاصةً في قطاع وسائل التواصل الاجتماعي.
ولعل أشهر وأحدث هذه المتغيرات هو ظهور وسيطرة الذكاء الاصطناعي على المشهد، إذ أصبح دمج أدوات الذكاء الاصطناعي هدفاً أساسياً في شتى المجالات ومختلف القطاعات.
وبالحديث عن العنصر البشري الأكثر تأثيراً في هذه الأيام، فهناك الجيل زد، إذ تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي هم الجيل زد وجيل الألفية.
أما التحول الآخر الذي طرأ على قطاع التواصل الاجتماعي في 2024 فهو تغيير استراتيجية المحتوى، وبمعنى آخر أصبح يتعين على المسوقين التكيف مع نمو المتابعين الأبطأ، والتركيز على نوع المحتوى ونسب التفاعل والمشاركة بدلاً من مجرد التوسع وزيادة عدد المتابعين.
أما عن نوع المحتوى المفضل للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي فتشير الإحصاءات إلى أنه المحتوى الترفيهي، ويؤكد آخر استبيان أجرته وكالة هووتسويت أن المحتوى الترفيهي المستخدم من قبل الشركات على المنصات الاجتماعية لغرض الدعاية والتواصل مع المتابعين يعزز من عائدات الاستثمار لتلك الشركات أو العلامات التجارية.
ويوصي التقرير بأن الشركات يجب أن تشمل المحتوى الترفيهي ضمن خطتها التسويقية إذا كانت تسعى لكسب العائدات والاحتفاظ بالعملاء.
وتقول ماري حداد، خبيرة التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي لـ«CNN الاقتصادية»، إن عام 2024 سيشهد تحولاً في المحتوى، وتوضح أن «الاعتماد سيكون على الإبداع في المحتوى ونوعية المحتوى فالكيف سيكون أهم من الكم».
وأضافت أن المحتوى الذي يتبنى طريقة «السرد القصصي» لعرض منتجٍ ما أو خدمة أو علامة تجارية هو الذي سيجذب المتابعين، أما ضمان بقاء المتابعين وتفاعلهم فتقول حداد إن «المحتوى الحقيقي» هو الذي سيفرض نفسه، وأضافت، «هذا ما سيصدقه الجمهور».
كما أكدت خبيرة التواصل الاجتماعي أن «استمرار المتابع لا يأتي من الترند ولكن عندما يشعر بأن هناك قيمة تضاف إليه عند متابعة حسابٍ ما».
والأمر الآخر هو ارتفاع أهمية محتوى الفيديو وزيادة نسبة مشاركته على المنصات، إذ تشير الأهمية المتزايدة لمحتوى الفيديو على منصات مثل (تيك توك) و(يوتيوب) إلى تحول محوري في تفاعل المستخدم.
اتجاه الذكاء الاصطناعي
سميت 2023 المنقضية بعام الذكاء الاصطناعي، أما في عام 2024 الحالي فاستخدام الذكاء الاصطناعي سيصعد بسرعة الصاروخ.
إذ تفيد المؤسسات في شتى القطاعات بأنها تخطط لمضاعفة استخدامها الذكاء الاصطناعي في مختلف الأنشطة، بل وحتى مضاعفته ثلاث مرات أو أربع مرات في بعض الحالات، وذلك وفقاً لاستفتاء أجرته وكالة الأبحاث هووتسويت.
ولكن أيضاً كشف هذا الاستطلاع أن الجمهور العام لا يتبنى بالضرورة الذكاء الاصطناعي والمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي بقدر ما يتدفق المسوقون على وسائل التواصل الاجتماعي لاستخدامه.
يقول 62 في المئة من المستهلكين إنهم أقل احتمالية للمشاركة أو الثقة في المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، وفقاً لاستطلاع هووتسويت لمستهلكي وسائل التواصل الاجتماعي في 2024.
وعلى الرغم من ذلك فإن الذكاء الاصطناعي أمر لا مفر منه على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقليص استخدامه الآن سيكون بمثابة العودة من أجهزة الكمبيوتر إلى الآلات الكاتبة، وفقاً لما يقوله الخبراء.
وترى ماري حداد أن سمة شركة ما أو علامة تجارية ليس لها وجود ثابت وحقيقي على منصات التواصل الاجتماعي «بمثابة تهديد لهذه الشركة على المدى البعيد».
وأوضحت «يمكن لهذه الشركة أن تستمر لعام، أو اثنين، أو ثلاثة على الأكثر، ولكن سيأتي منافس آخر ليبتلع هذه الشركة التي ليست لها وجود للتسويق عن طريق منصات التواصل الاجتماعي» وأضافت يمكن أن تتمتع الشركة بمنتجات أو خدمة عالية الجودة لكن هذا لن يكون كافياً بدون وجود «حقيقي وفعال» على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد أدت أدوات مثل (تشات جي بي تي)، و(ميد جورني)، و(بارد) وغيرها من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية إلى جعل إمكانات إنشاء المحتوى أكثر سهولة، ومن المتوقع أن يرتفع استخدام المسوقين لهذه الأدوات في أنشطة وسائل التواصل الاجتماعي.
لذلك سيكون التحدي الحقيقي في عام 2024 هو مواكبة سرعة تطور الذكاء الاصطناعي وإعادة تعريف معنى المحتوى الأصلي، أو الحقيقي، أو الموثوق، بمعنى أنه لم يعد الأمر يتعلق بمن (أو ماذا) يقوم بإنشاء المحتوى الخاص بك، إنما سيتعلق الأمر بالتجربة الخاصة للعلامة التجارية التي سينشئها هذا النوع من المحتوى للعميل.
استراتيجية المحتوى وتنوع منصات التواصل الاجتماعي
تقول حداد إنه مع وجود عدة منصات للتواصل الاجتماعي على مختلف أشكالها وأنواعها، «من المشكلات التي تواجهني مع العملاء دائماً هي أن بعضهم يريدون إنشاء المحتوى نفسه لاستخدامه على المنصات المختلفة».
وتوضح خبيرة التسويق الرقمي أن «الشركات المختلفة المسؤولة عن المنصات المتنوعة مثل تويتر وميتا وغوغل، دائماً ما تهتم بنوع المحتوى وجودته التي تناسب المستخدمين لضمان بقائهم واستمرارهم، وبالتالي تستطيع هذه الشركات بيع الإعلانات لهؤلاء المستخدمين طوال الوقت»، وتابعت «لا يجب إنشاء أي محتوى لا يتواكب مع طبيعة المنصة فكل واحدة من هذه المنصات لديها طابع خاص ومحتوى معين يتماشى معها».
وتشير الإحصاءات المختلفة عن أداء مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي إلى حدوث تغير في توجه الشركات نحو استخدام المنصات الاجتماعية وفقاً لأهداف الشركة وعائدات الاستثمار، إذ تترك بعض الشركات المنصات الكبرى إذا لم تجد قيمة حقيقية في وجودها على هذه المنصة.
وتؤكد حداد «ليس من الضروري الحضور على جميع المنصات الموجودة في السوق، بل يجب على الشركة أو العلامة التجارية اختيار المنصة التي تتماشى مع أهداف الشركة التسويقية، وبالتالي تعود بالنفع في صورة عائدات لهذا الاستثمار».
المحتوى الترفيهي أساس اتجاهات منصات التواصل الاجتماعي في 2024
قد تكون كلمة «ترفيه» أو «تبني هذا المبدأ» شيئاً غريباً بالنسبة لبعض المؤسسات خاصة الجادة منها أو التي لا تنتمي لفئة الترفيه.
ويتساءل البعض «هل يمكنك حتى ربط الترفيه بشيء قابل للقياس، مثل عائدات الاستثمار؟».
حقيقة الأمر، ووفقاً لنتائج الاستبيان وآراء المستخدمين؛ فإن هذا هو الواقع الآن، إذ يقول المستخدمون لمنصات التواصل الاجتماعي إن السبب الرئيسي لاستخدامهم هذه المنصات بعد هدف التواصل مع الأهل والأصدقاء، هو هدف الترفيه والاسترخاء الذهني، وذلك وفقاً لاستطلاع الاتجاهات الاجتماعية لعام 2024.
وهل تعرف ماذا قالوا أيضاً؟ إنهم لا يحبون الأمر عندما تركز العلامات التجارية بشكل كبير على الترويج الذاتي، ويقول 34 في المئة من المشاركين في الاستبيان إن هذا الأمر يمثل تحولاً سلبياً كبيراً في كيفية إدراكهم للعلامات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي.
في عام 2024، ستنجح العلامات التجارية التي تنشر محتوى ترفيهياً على مواقع التواصل الاجتماعي في جذب انتباه الجمهور والمشاركة وكسب حصة سوقية أعلى من العلامات التجارية التي تحافظ على نشر الأشياء القديمة نفسها.
تأثير الجيل زد
هذا هو الجيل الذي ولد ونشأ بين عامي 1997 و2013، وهم أيضاً الجيل الذي وجد وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التكنولوجيا المختلفة جزءاً لا يتجزأ عن حياتهم منذ نعومة أظافرهم.
لذلك أصبح هذا الجيل الأكثر تعاملاً مع هذه التطبيقات ما جعلهم يحددون الاتجاهات المختلفة لتلك الوسائل، وفي المقابل عكفت شركات التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي على التطور باستمرار بما يتماشى مع ميول هذا الجيل بالتحديد.
وعلى الرغم من المؤشرات السلبية التي تنم عن مخاطر الصحة النفسية بسبب الاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعي، خاصةً من قبل الجيل زد، ما أدى إلى الدعوات المستمرة للتراجع عن هذه المنصات، فإن الواقع يعكس دور وسائل التواصل الاجتماعي في التسويق والمبيعات، وخاصة في تعزيز تجربة العملاء.
ومع ارتفاع مقاييس استخدام الجيل زد، يجب على المسوقين في عام 2024 تكييف استراتيجياتهم لتتوافق مع اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي المتطورة لهذا العام.
وتشير أحدث البيانات إلى أن 4.95 مليار شخص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي وذلك حتى عام 2024، أي ما يعادل 61 في المئة من سكان العالم، ويعد فيسبوك وسيلة التواصل الاجتماعي الرائدة بمقدار 3.05 مليار مستخدم حول العالم.
ومن المتوقع أن يصل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على مستوى العالم إلى 5.17 مليار بحلول نهاية عام 2024.
هذه الأرقام وفقاً لعدد من وكالات أبحاث السوق منهم (ستاتيستا)، و(ديماند سيج)، و(هووتسويت)، و(أوبرلو)، و(سمارت إنسايتس).