أعلنت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس يوم الخميس عن مجموعة من المتطلبات الجديدة الملزمة للوكالات الأميركية التي تهدف إلى منع استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق تمييزية.

وبحلول نهاية العام، من المفترض أن يكون المسافرون قادرين على رفض عمليات فحص التعرف على الوجه في الفحوصات الأمنية بالمطارات دون خوف من أن يؤدي ذلك إلى تأخير خطط سفرهم أو تعريضها للخطر، وهذه مجرد واحدة من الضمانات الملموسة التي تحكم الذكاء الاصطناعي والتي تقول إدارة بايدن إنها تنشرها عبر الحكومة الأميركية، في خطوة أولى رئيسية نحو منع إساءة استخدام الحكومة للذكاء الاصطناعي.

ويمكن لهذه الخطوة أيضاً تنظيم قطاع الذكاء الاصطناعي بشكل غير مباشر باستخدام القوة الشرائية الكبيرة للحكومة، وتغطية حالات تتراوح بين الفحوصات التي تجريها إدارة أمن النقل والقرارات التي تتخذها الوكالات الأخرى والتي تؤثر على الرعاية الصحية والتوظيف والإسكان للأميركيين.

وبموجب المتطلبات التي تدخل حيز التنفيذ في الأول من ديسمبر كانون الأول، سيتعين على الوكالات التي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي التحقق من أنها لا تُعرض حقوق الشعب الأميركي وسلامته للخطر.. بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على كل وكالة أن تنشر عبر الإنترنت قائمة كاملة بأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها وأسباب استخدامها، إلى جانب تقييم مخاطر تلك الأنظمة.

كما توجه السياسة الجديدة الصادرة عن مكتب الإدارة والميزانية (OMB) الوكالات الفيدرالية إلى تعيين مسؤول رئيسي للذكاء الاصطناعي للإشراف على كيفية استخدام كل وكالة للتكنولوجيا.

وقالت هاريس للصحفيين في مكالمة صحفية يوم الأربعاء «يقع على عاتق قادة الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص واجب أخلاقي ومجتمعي للتأكد من اعتماد الذكاء الاصطناعي وتطويره بطريقة تحمي الجمهور من الضرر المحتمل، مع ضمان قدرة الجميع على الاستمتاع بفوائده الكاملة»، وأضافت إن إدارة بايدن تعتزم أن تكون السياسات بمثابة نموذج عالمي.

وتأتي تصريحات يوم الخميس وسط الاعتماد السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي من قبل الحكومة الفيدرالية، وتستخدم الوكالات الأميركية بالفعل التعلم الآلي لرصد النشاط البركاني العالمي، وتتبع حرائق الغابات، وإحصاء الحياة البرية التي يتم تصويرها في التصوير الفوتوغرافي بطائرات بدون طيار، وهناك المئات من حالات الاستخدام الأخرى قيد التنفيذ.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الأمن الداخلي أنها توسع استخدامها الذكاء الاصطناعي لتدريب ضباط الهجرة، وحماية البنية التحتية الحيوية، ومتابعة التحقيقات المتعلقة بالمخدرات واستغلال الأطفال.

وقالت شالاندا يونغ، مديرة مكتب الإدارة والميزانية، إن القيود المفروضة على كيفية استخدام الحكومة الأميركية الذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد في جعل الخدمات العامة أكثر فاعلية، مضيفة أن الحكومة بدأت بزيادة المواهب الوطنية لتوظيف 100 متخصص في الذكاء الاصطناعي «على الأقل» بحلول صيف هذا العام.

وقالت يونغ «سيتم دعم هذه المتطلبات الجديدة بمزيد من الشفافية»، مسلطة الضوء على متطلبات إعداد التقارير الخاصة بالوكالة، «لا يمثل الذكاء الاصطناعي مخاطر فحسب، بل يمثل أيضاً فرصة هائلة لتحسين الخدمات العامة وإحراز تقدم في التحديات المجتمعية مثل معالجة تغير المناخ وتحسين الصحة العامة وتعزيز الفرص الاقتصادية العادلة».

قرارات بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي

تحركت إدارة بايدن بسرعة للتعامل مع خبراء التكنولوجيا الذين يقولون إنها يمكن أن تساعد في اكتشاف علاجات جديدة للأمراض أو تحسين سلامة السكك الحديدية، على الرغم من سهولة إساءة استخدامها لاستهداف الأقليات أو تطوير أسلحة بيولوجية.

في الخريف الماضي، وقّع بايدن على أمر تنفيذي كبير بشأن الذكاء الاصطناعي، ومن بين أمور أخرى، وجّه الأمر التنفيذي لوزارة التجارة للمساعدة في مكافحة التزييف العميق الناتج عن الكمبيوتر من خلال وضع إرشادات حول كيفية وضع علامة مائية على المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وفي وقت سابق، أعلن البيت الأبيض عن التزامات طوعية من جانب شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة بإخضاع نماذجها لاختبارات السلامة الخارجية.

لقد كانت السياسات الجديدة للحكومة الفيدرالية يوم الخميس في طور الإعداد منذ سنوات، إذ أصدر الكونغرس لأول مرة تشريعاً في عام 2020 يوجه مكتب الإدارة والميزانية لنشر إرشاداته للوكالات بحلول العام التالي.

ومع ذلك، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مكتب المحاسبة الحكومية، فقد تجاوز مكتب الإدارة والميزانية الموعد النهائي في عام 2021، ولم تصدر مسودة سياساتها إلا بعد عامين، في نوفمبر تشرين الثاني 2023، رداً على أمر بايدن التنفيذي.

ومع ذلك، تمثل سياسة مكتب الإدارة والميزانية الجديدة أحدث خطوة اتخذتها إدارة بايدن لتشكيل قطاع الذكاء الاصطناعي، ولأن الحكومة من أكبر مستخدمي التكنولوجيا التجارية فمن المتوقع أن يكون لسياساتها المتعلقة بشراء واستخدام الذكاء الاصطناعي تأثير قوي على القطاع الخاص.

وتعهد المسؤولون الأميركيون يوم الخميس بأن مكتب الإدارة والميزانية سيتخذ إجراءات إضافية لتنظيم العقود الفيدرالية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ويطلب تعليقات الجمهور حول كيفية القيام بذلك.

لكنّ هناك حدوداً لما تستطيع حكومة الولايات المتحدة إنجازه من خلال الإجراءات التنفيذية، وقد حث خبراء السياسة الكونغرس على تمرير تشريع جديد يمكن أن يضع القواعد الأساسية لصناعة الذكاء الاصطناعي، لكن القادة في كلا المجلسين اتخذوا نهجاً أبطأ وأكثر تعمداً، ولا يتوقع سوى القليل من الناس تحقيق نتائج هذا العام.

وفي الوقت نفسه، أعطى الاتحاد الأوروبي هذا الشهر موافقته النهائية على قانون الذكاء الاصطناعي الأول من نوعه، مرة أخرى في تجاوز الولايات المتحدة في تنظيم التكنولوجيا الحرجة والمدمرة.

(CNN- بريان فونج وسام فوسوم)