عقب سنوات من التأخير والعديد من نكسات الرحلات التجريبية، أصبحت المركبة الفضائية بوينغ ستارلاينر جاهزة أخيراً للقيام بأول عملية إطلاق مأهولة لها، والمهمة في طريقها للانطلاق من فلوريدا في 6 مايو أيار القادم، حاملة رائدي فضاء ناسا سوني ويليامز وبوتش ويلمور إلى محطة الفضاء الدولية، ما يمكن أن يكون انتصاراً تاريخياً طال انتظاره لبرنامج ستارلاينر المحاصر.
واتخذ مسؤولو بوينغ و ناسا قراراً، يوم الخميس، بالمُضي قُدُماً في محاولة الإطلاق خلال أقل من أسبوعين، بينما أشار كين باورزوكس، المدير المساعد لإدارة مهمة العمليات الفضائية التابعة لناسا، إلى أن السادس من مايو أيار «ليس تاريخاً سحرياً»، وأضاف «سننطلق عندما نكون جاهزين».
وفي حال نجاحها، ستنضم ستارلاينر إلى المركبة الفضائية كرو دراغون التابعة لشركة سبيس إكس في القيام برحلات روتينية إلى المحطة الفضائية، مع إبقاء الموقع المداري مزوداً بالكامل برواد فضاء من وكالة ناسا ووكالات الفضاء الشريكة.
ويعد سيناريو بتحليق المركبتين بانتظام هو أحد السيناريوهات التي انتظرتها وكالة الفضاء الأميركية منذ فترة طويلة.
وستصبح كل من المركبة الفضائية كرو دراغون وستارلاينر بمثابة نسخة احتياطية للأخرى؛ ما يمنح رواد الفضاء خيار الاستمرار في الطيران، حتى لو أدت مشكلات فنية أو نكسات أخرى إلى توقف إحدى المركبات الفضائية.
وكانت بوينغ و سبيس إكس قد طوَّرتا مركباتهما الخاصة في إطار برنامج الطاقم التجاري التابع لناسا بالشراكة مع القطاع الخاص.
شراكة ناسا وبوينغ
وكانت بوينغ فضلت ناسا، خلال الأيام الأُولى للبرنامج في توقيع عقود الشراكة التي يعود تاريخها إلى عام 2014، على شركة سبيس إكس التي اعتبرتها الوكالة ذات طبيعة متقبلة وشابة، خاصةً أن الشراكة بين ناسا وبوينغ تمتد من منتصف القرن الماضي.
ولم تتصور ناسا أن المركبة التابعة لسبيس إكس ستعمل من تلقاء نفسها لما يقرب من أربع سنوات قبل أن تصل ستار لاينر التابعة لشركة بوينغ إلى أول رحلة تجريبية مأهولة.
رؤية الشركات الثلاث
خلال عام 2016 خططت ناسا، بحسب جدولها الزمني، أن تسبق ستارلاينر المركبة الفضائية كرو دراغون إلى منصة الإطلاق، لكن السباق بين بوينغ وسبيس إكس اتخذ منعطفاً واضحاً بحلول عام 2020؛ إذ تعثرت الرحلات التجريبية الأولى لمركبة ستار لاينر خلال العام السابق؛ ما دفع مسؤولي ناسا وبوينغ إلى التفكير ملياً في ما يخصُّ معرفة الخطأ الذي حدث.
مشكلات ستارلاينر
لم تلتحم ستار لاينر بالمحطة الفضائية في تلك المهمة بسبب مشكلات في البرامج، بما في ذلك مشكلة في الساعة الداخلية للمركبة الفضائية، التي توقفت لمدة 11 ساعة.
وفي الوقت نفسه صنعت سبيس إكس التاريخ في مايو أيار من عام 2020 مع إطلاق رحلتها التجريبية ديمو-2 التي تحمل رائدي الفضاء بوب بينكن ودوغ هيرلي في مهمة لمدة شهرين إلى محطة الفضاء الدولية.
تقوم مركبة كرو دراغون التابعة لشركة سبيس إكس برحلات روتينية، تحمل رواد فضاء ناسا، وحتى تدفع للعملاء والسياح منذ ذلك الحين، وقامت المركبة الفضائية حتى الآن بنحو 13 مهمة مأهولة إلى المدار.
انتكاسات ستارلاينر
ويعمل قسم الفضاء في بوينغ بشكل منفصل عن فريق الطيران التجاري، ويسعى المسؤولون في ناسا وعملاق الفضاء الأميركي بشكل روتيني إلى إجراء هذا التمييز.
أوضح مسؤولو ناسا أنهم يعملون بشكل وثيق مع بوينغ أكثر من أي وقت مضى؛ إذ يشرف الموظفون على الأرض في منشآت بوينغ على بعض الإصلاحات التي وضعتها الشركة قبل رحلة ستارلاينر القادمة.
وكان من ضمن الانتكاسات اكتشاف طاقم مهندسي ستارلاينر خلال اختبار الطيران الأخير في عام 2022 أن خطوط التعليق الخاصة بمظلة ستارلاينر لديها عتبة فشل أقل مما كان متوقعاً في البداية.
ومن ضمن الانتكاسات الأخرى كان العثور على بعض الأشرطة التي تم استخدامها أيضاً لحماية أحزمة الأسلاك قابلة للاشتعال، واضطرت بوينغ إلى إزالة واستبدال نحو ميل من المواد.
وقد تحتاج بوينغ حتى إلى تنفيذ إعادة تصميم لبعض صمامات المركبة الفضائية بسبب مشكلات التآكل، ومع ذلك، من غير المتوقع أن يتم تنفيذ هذه الترقية حتى الرحلة الثانية المأهولة، المقرر إجراؤها في عام 2025، على أقرب تقدير.
(جاكي واتلز-CNN)