الذكاء الاصطناعي واقع لا بد من التعامل معه والاستثمار في آليات تطبيقه من تقنيات وكوادر بشرية، هذا ما أكده محمد الملا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للإعلام، خلال مشاركته في منتدى الإعلام العربي 2024، والذي تمحورت مناقشات عدة فيه حول هذه التكنولوجيا.
كما قدمت قمة الإعلام العربي للحضور فرصة اختبار قدرات الذكاء الاصطناعي من خلال حديقة الذكاء الاصطناعي، التي أبرزت عدداً من الرواد الإعلاميين الراحلين، منهم الشاعر والكاتب الإماراتي حبيب الصايغ، والكاتب الصحفي المصري محمد حسنين هيكل، وغيرهم من خلال نماذج ثلاثية الأبعاد.
تقوم فكرة الحديقة على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة لإعادة إنشاء الصور الرمزية لهؤلاء الإعلاميين والصحفيين باستخدام تقنيات استنساخ الصوت وتدريب نموذج ذكاء اصطناعي وذلك بالاعتماد على نصوصهم وأعمالهم ومحاضراتهم وأحاديثهم والمحتوى المتاح على الإنترنت عنهم.
وتضمنت القمة أجندة موسعة تشمل جلسات وورش عمل تسلط الضوء على موضوعات مهمة تتعلق بقطاع الإعلام، أبرزها استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير المشهد الإعلامي العربي، بهدف التوصل إلى أفكار ومقترحات تعزز قدرة الإعلام العربي على أداء رسالته بشكل كامل.
وقالت شيماء السويدي، مديرة براند دبي، الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، عضو اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي، إن جانباً من الفعاليات المصاحبة للقمة تبرز تطبيقات إبداعية مختلفة للذكاء الاصطناعي ذات علاقة بعالم الإعلام.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في الإعلام
في عام 2022، قدرت السوق العالمية للذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام والترفيه بنحو 15 مليار دولار، ومن المتوقع أن تنمو السوق بنسبة 18.4 في المئة بين عامي 2023 و2030، وفقاً لأبحاث جراند فيو.
ومع انتشار استخداماته في عدة أقسام في غرف الأخبار، لا سيما إطلاق مذيعين ومذيعات مدعومين بالذكاء الاصطناعي، هل تهيمن هذه التكنولوجيا والروبوتات على مجال الإعلام؟
يقول الخبراء إنه من غير المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان الصحافة التقليدية بالكامل، ولكن بالتأكيد سيكون له تأثير عميق على مسؤوليات وعمليات الصحفيين والمذيعين.
فكشفت دراسة نشرها مركز بحوثات الجزيرة أن 62.5% من الأشخاص أبدوا عدم موافقتهم على أن يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر في غرف الأخبار، وأبدى نحو 80 في المئة منهم عدم اقتناعهم بالتزام الذكاء الاصطناعي بأخلاقيات المهنة.
وخلال منتدى الإعلام العربي 2024 الذي أقيم في دبي، قال عاصم جلال، الشريك الإداري في شركة G&K للاستشارات الإدارية، خلال مقابلة مع CNN الاقتصادية، «وصل الذكاء الاصطناعي في الإعلام إلى مرحلة متقدمة، ولكن لم يصل إلى مرحلة الذكاء العام الذي يساوي الناس أو يفوقهم».
وأضاف أنه لا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل كلي في الوقت الحالي لأن بعض المعلومات «ممكن أن تكون غير صحيحة، فتحري الدقة أمر مهم لأن الذكاء الاصطناعي ما زال يواجه مشكلة الهلوسة».
وحذر جلال من تخوف الصحفيين من استيلاء الذكاء الاصطناعي على وظائفهم، مؤكداً أن كل إعلامي يجب أن يضفي «أسلوب تناول الأخبار الخاص بهم مع إبراز وجهات نظر مختلفة بالإضافة إلى تزويد الموضوع بنوع من التحليلات والإبداع، ولكن إذا كانت وظيفتهم نمطية مثلاً تشمل تدقيق مصادر أو إجراء بحث على الإنترنت أو ترجمة لغات فيجب أن ينتبهوا من أن يستبدلوا بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي».
فإنتاج الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بالأعمال النمطية أعلى من إنتاجية البشر، وخطر استبدال غرف الأخبار الأشخاص الذين يقومون بتلك الأعمال بغرض التوفير موجود.
ولكن من جهة أخرى يقول محمد العلي، الرئيس التنفيذي لشركة تريندز، إن الاعتماد الكبير على الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون تكلفته كبيرة بسبب الإنفاق على برامج الاشتراك والتحديث وأعمال الصيانة المستمرة.
ووفقاً للعلي تشير دراسات أجرتها تريندز إلى أن الحل الأنسب للتوفير هو المواءمة بين العنصر البشري والتكنولوجيا.
وقال العلي، «يجب أن يتأقلم الصحفي على استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لأن هذا الأمر أصبح الشغل الشاغل في العالم وهذه الأدوات ممكن أن تساعده بأن يكون أسرع في عمله».
وفقاً لدراسة أجرتها وكالة أسوشيتد برس، واحد من كل أربعة أشخاص عاملين في صناعة الأخبار العالمية يستخدمون الذكاء الاصطناعي لإنتاج المحتوى وجمع المعلومات بغرض زيادة إنتاجيتهم.