مع التطور المستمر في التكنولوجيا، يشهد قطاع الضيافة تحولاً جذرياً يهدف إلى تحسين تجربة النزلاء وتقديم خدمات أكثر كفاءة وفاعلية، ومع ذلك، هذا التطور السريع ليس بدون تحدياته.
التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، أصبحت تلعب دوراً بارزاً في تشغيل الفنادق وتحسين جوانب عديدة من الخدمات، مثل أتمتة تسعير الغرف وتقديم توصيات الطعام؛ ما يُسهم في تعزيز تجربة الإقامة بشكل عام.
ومع ذلك، يثير هذا التحول العديد من الأسئلة حول تأثيره على التفاعل الإنساني الذي يُعد جزءاً لا يتجزأ من جوهر صناعة الضيافة.
اعتماد التكنولوجيا في الضيافة: خطوة للأمام؟
أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من تجربة النزلاء في الفنادق. في دراسة حديثة، أبدى 74% من المسافرين رغبتهم في رؤية التكنولوجيا تسهم في تحسين تجربتهم الفندقية، بينما أبدى 73% من النزلاء تفضيلهم لاستخدام التكنولوجيا الذاتية في الفنادق لتقليل التواصل الشخصي.
تُمكِّن هذه التطورات الفنادق من تقديم خدمات مخصصة وتحسين الكفاءة، إلا أنها تثير أيضاً مخاوف حول فقدان الطابع الإنساني في التعاملات.
سيباستيان بازين، الرئيس التنفيذي لفنادق أكور، في حديثه لـCNN الاقتصادية، أكّد على هامش القمة العالمية لمستقبل الضيافة أهمية التفاعل البشري في تجربة الضيافة.
وأوضح قائلاً «الذكاء الاصطناعي التوليدي ربما شاهدنا نحو 5% فقط من تأثيره على صناعة الضيافة.. أريد الحفاظ على التفاعل البشري، لا أريد أن تهيمن الروبوتات».
ويرى بازين أن التكنولوجيا يمكن أن تعزز تجربة العملاء قبل وصولهم إلى الفندق وحتى بعد مغادرتهم، ولكن من الضروري الحفاظ على التفاعل البشري الذي يجذب المسافرين لاكتشاف الثقافات والتواصل مع السكان المحليين.
الذكاء الاصطناعي
في حين أن التكنولوجيا تقدم حلولاً مبتكرة وفعالة لتحسين تجربة العملاء، إلّا أن هناك مخاوف مشروعة حول تأثير الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي على التفاعل الإنساني في قطاع الضيافة.
وقال غاي هاتشينسون، رئيس منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في هيلتون، لـCNN الاقتصادية إن التكنولوجيا ستعزز تجربة العملاء، لكنها لن تحل محل الأشخاص.
وأوضح قائلاً «أعتقد أن التكنولوجيا ستستمر في النمو وستستمر في المساهمة، لكنها لن تستبدل التفاعل البشري… ستعزز الخدمة، لكنها لن تحل محل الأشخاص».
هذه الرؤية تعكس الواقع الذي تواجهه الصناعة اليوم، بينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر توصيات دقيقة بناءً على تفضيلات النزلاء ويساعد في تقديم خدمة أكثر سرعة وكفاءة، إلا أن بعض النزلاء قد يشعرون بفقدان الطابع الشخصي الذي يجعل تجربة الإقامة مميزة.
الأمان والخصوصية في عصر التكنولوجيا
واحدة من التحديات الرئيسية التي تبرز مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا في قطاع الضيافة هي قضايا الأمان والخصوصية؛ يشعر 31% من النزلاء بعدم الارتياح من مشاركة بياناتهم الشخصية عبر تطبيقات الفنادق، وهو ما يضع مسؤولية كبيرة على عاتق الفنادق لضمان حماية هذه البيانات.
في هذا السياق، أشار ستيفن أنسيل، المدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في مجموعة حياة، لـCNN الاقتصادية إلى أن التكنولوجيا يجب أن تُستخدم بحذر لضمان توفير خدمات متميزة مع حماية حقوق النزلاء، «نحن في حياة نركز على الرعاية، ونتعامل مع التكنولوجيا بحذر، لكننا نؤمن بأنها ستحدث تغييرات كبيرة في الصناعة».
وأضاف أن التركيز على تلبية احتياجات الموظفين والعملاء على حد سواء سيظل أولوية، مع مراعاة التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على اللمسة الإنسانية.
فرصة وتحدٍ
التكنولوجيا، وعلى وجه الخصوص الذكاء الاصطناعي، تقدم فرصاً كبيرة لتطوير قطاع الضيافة، ولكنها تمثل أيضاً تحدياً يتعلق بالحفاظ على التفاعل البشري الذي يُعد جوهر تجربة الضيافة.
على الرغم من الفوائد الواضحة التي تقدمها، مثل تحسين الكفاءة وتوفير خدمات مخصصة، فإن فقدان الجانب الإنساني يظل مصدر قلق للنزلاء والعاملين في القطاع على حد سواء.
في نهاية المطاف، يبقى التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع الضيافة هو تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على جوهر التفاعل الإنساني.
هذا التوازن يمكن أن يكون مفتاح نجاح الفنادق في المستقبل، حيث يتوقع أن تستمر التكنولوجيا في التطور بسرعة، لكن الحفاظ على العلاقة بين النزيل والفندق سيظل العنصر الحاسم في تجربة الضيافة الناجحة.