إثر عام عاصف لقطاع التكنولوجيا تصدرت فيه شركاته عناوين الأخبار، بموجات تسريح متلاحقة وغير مسبوقة، تتركّز الأنظار على ما يمكن أن يحمله عام 2023 لقطاع لطالما قدّم نموذجاً شبه مثاليّ في التغلب على الأزمات الاقتصادية، وتحويل المفاجآت غير السارّة إلى فرص مُربِحة.
«مايكروسوفت»
هذا الأسبوع، أصدرت «مايكروسوفت» تقرير أرباحها للربع الثاني من السنة المالية 2023، والذي أشار إلى ارتفاع طفيف بنسبة اثنين في المئة في إيراداتها التي وصلت إلى 52.7 مليار دولار أميركي، مقارنة بالفترة ذاتها قبل عام حين سجلّت 51.7 مليار دولار، على الرغم من انخفاض أسهم الشركة 30 في المئة العام الماضي.
أشارت «مايكروسوفت» في تقريرها إلى أن أرباحها كانت مدعومة بنجاح خدمة «أزور» للحوسبة السحابية التي ارتفعت إيراداتها 31 في المئة، ولفتت الشركة إلى أن إيرادات شبكة (LinkedIn) للتواصل المهني ارتفعت بنسبة 10 في المئة في الربع الثاني من السنة المالية.
وبحسب توقعات الخبراء، قد تُقدّم «مايكروسوفت» أداء مميزاً على مدار 2023، بفضل تفرّدها في تقديم خدمات سحابية قويّة، إضافة إلى توجه الشركة لتنويع استثماراتها خلال العام الجديد، خصوصاً صفقاتها المرتقبة للاستثمار في شركة ألعاب الفيديو (Activision Blizzard) وشركة (OpenAI) المطوّرة لتطبيق Chat GPT للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الشراكة المتوقعة مع منصة البث الرقميّ «نتفلكس».
وبينما تحتفل «مايكروسوفت» بأرباحها الفصلية، يستعد نحو عشرة آلاف من موظفيها لترك مكاتبهم، فعلى الرغم من الأرباح الفصلية التي فاقت التوقعات، قررت الشركة تسريح 5 في المئة من موظفيها في إطار خطتها الواسعة لخفض النفقات للتكيف مع التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده البلاد.
من الجدير ذكره أن للشركة نحو 221 ألف موظف على مستوى العالم، 122 ألفاً منهم يعملون داخل الولايات المتحدة، وفقاً لإشعار إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات بتاريخ 30 يونيو حزيران 2022.
«نتفلكس»
في المقابل، أعلنت منصّة البث الرقمي «نتفلكس» عن ارتفاع محدود لإيراداتها السنوية بمقدار 1.9 في المئة في الربع الرابع من 2022، بالرغم من ارتفاع عدد مشتركيها الإجمالي بنسبة 4 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
استطاعت «نتفلكس» خلال الربع الأخير من العام الماضي جذب أكثر من 7.66 مليون مشترك جديد، متفوقة على توقعاتها التي لم تزد على 4.5 ملايين مشترك جديد. وفي نهاية 2022، وصل عدد مشتركي خدمة البث الرقمي إلى أكثر من 230 مليون مشترك حول العالم.
وتتوقع الشركة استمرار نمو أرباحها في 2023، لا سيما بعد إتاحة الخدمة الجديدة المزوّدة بإعلانات تجارية مقابل تكلفة اشتراك أقل، بالإضافة إلى توقعات بأن تمنع المنصة قريباً خاصية مشاركة الحسابات بين عدة أشخاص، لضمان زيادة عدد المشتركين.
قد لا نرى اسم «نتفلكس» على قائمة شركات التكنولوجيا التي أعلنت تسريح عدد كبير من موظفيها مؤخراً مثل «أمازون» و«مايكروسوف» و«ألفابت»، لكن موظفي منصة البث الرقمي لم يسلموا من هذا القرار العام الماضي.
ففي مايو أيار 2022، أعلنت الشركة تسريح 2 في المئة من موظفيها، وهو ما كان يعادل نحو 150 موظفاً، تلته موجة تسريحات ثانية في يونيو حزيران من العام نفسه حين قررت الشركة تسريح 300 من موظفيها بعد إعلانها عن خسارتها لمشتركين للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات، وتزامنت هذه القرارات مع خسائر منيت بها الشركة خلال النصف الأول من العام، قبل أن تتدارك الأزمة وتستعيد صدارة منصات البث الرقمي في العالم.
وفي النصف الثاني من 2022، ظهرت علامات التعافي، إذ زاد عدد المشتركين في المنصة، ومنذ ذلك الحين لم تستغنِ «نتفلكس» عن أي من موظفيها، لكن بنهاية العام عينت الشركة مديرَين تنفيذيَين جديدَين، هما غريغ بيترز وتيد سراندوس، اللذان حلّا محلّ ريد هايستينغز الذي تنحّى عن منصبه بعد أن شغله لمدة 23 عاماً.
«إنتل»
تعلن شركة الرقائق العملاقة «إنتل» نتائجها السنوية في السادس والعشرين من يناير كانون الثاني 2023، ومن المتوقع أن يظهر التقرير انخفاض إيرادات الشركة بنحو 30 في المئة وألا يتجاوز 14.5 مليار دولار أميركي.
تأتي هذه التوقعات بعد انخفاض سعر سهم الشركة 49 في المئة على مدار 2022، قبل أن يسجل ارتفاعات تصل إلى 13 في المئة منذ بداية العام الجديد، وهو ما تم ربطه بالتغيّرات التي شهدتها أسواق التقنية خلال العام الماضي، خصوصاً أن «إنتل» من روّاد تصنيع الرقائق المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر، التي انخفضت مبيعاتها 28 في المئة في 2022.
في غضون ذلك، تمر شركة الرقائق العملاقة بتحول كبير تحت إشراف الرئيس التنفيذي، بات جيلسنجر، وقد تكشف الشركة هذا العام عن مزيد من التفاصيل بخصوص خطط إعادة الهيكلة والاستغناء عن موظفين، وهو ما بدأ بالفعل في كاليفورنيا وأوريغون.
حتى الآن، لم تذكر «إنتل» عدد الوظائف الإجمالية التي ستلغيها في إطار خطتها لخفض التكاليف بمقدار 3 مليارات دولار في 2023. ومن ناحية أخرى، أعلنت الشركة الأميركية العام الماضي عن خططها لاستثمار ما يصل إلى 80 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي على صناعة الرقائق الإلكترونية خلال السنوات العشر المقبلة.