تلقى العالم صباح يوم الأحد نبأ وفاة الممثل الكندي الأميركي ماثيو بيري، والذي اشتهر بشخصية تشاندلر في المسلسل الكوميدي الشهير فريندز.
توفي بيري عن عمر يناهز الـ54 في حادث غرق داخل حوض الاستحمام في منزله في لوس أنجلوس يوم السبت، وفقاً لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، نقلاً عن مصادر إنفاذ القانون الأميركية.
ولكن ما زالت التحقيقات مستمرة لإثبات سبب الوفاة، إذ قال مصدر في إنفاذ القانون لشبكة CNN، إن الشرطة في لوس أنجلوس تحقق في وفاة بيري، وقال المصدر إنه لا يوجد حالياً أي شبهة جنائية، لكن الحادث لا يزال قيد التحقيق من قبل قسم جرائم السرقة والقتل بشرطة لوس أنجلوس.
وقالت مجموعة تلفزيون وارنر براذرز في بيان لشبكة CNN، «لقد صُعقنا بخبر وفاة صديقنا العزيز ماثيو بيري، كان ماثيو ممثلاً موهوباً بشكل لا يصدق، وجزءاً لا يمحى من عائلة مجموعة تلفزيون وارنر براذرز»، وتابع البيان موضحاً مدى عبقرية وتأثير بيري على العالم من خلال موهبته الفنية الاستثنائية وبالأخص في نمط التمثيل الكوميدي، وقالت الشركة إن أثر بيري سيظل حياً في قلوب الكثيرين ممن أحبوه وأحبوا فنه.
مسلسل التسعينيات الشهير
تأتي شعبية ماثيو بيري العريضة حول العالم، في أميركا، وأوروبا، بل وأيضاً الشرق الأوسط والوطن العربي من خلال شخصيته التي لعبها في المسلسل الكوميدي الشهير فريندز، المسلسل الذي صدر في أوائل التسعينيات واستمر عرضه من خلال عشرة مواسم كاملة على مدار عقد من الزمن.
هذا المسلسل الشهير كان له أثر أسطوري على عدة أجيال وليس فقط جيل التسعينيات الذين عاصروه منذ بداية عرضه في ذلك الوقت، وقد امتد أثر المسلسل ذي الحبكة البسيطة التي تروي يوميات ستة أصدقاء من الشباب في العشرينيات من العمر، وتعرض حياتهم اليومية بما فيها من تحديات في جوانب العلاقات والعمل.
أثر ثقافي وأيديولوجي
جاء المسلسل التلفزيوني الكوميدي الشهير في التسعينيات ليغير المشهد العام ويؤثر على ثقافة وفكر الشباب آنذاك.
تدور أحداث المسلسل في نيويورك، ويتناول حياة 6 شباب بالغين يعيشون ويكبرون معاً على مدى 10 سنوات.
وفي حين أن العمل الفني الشهير قد غير الاتجاه العام في صناعة المحتوى التلفزيوني في أميركا في بداية التسعينيات، إلا أنه كان له تأثير ثقافي هائل على الشباب في جميع أنحاء العالم.
من الناحية الثقافية، أحدث مسلسل فريندز طفرة بين الشباب في عدة اتجاهات، ومن أهمها تقديم وجهة نظر مختلفة تماماً حول العمل والاستقلال وإعالة الذات مالياً دون الاعتماد على الآباء، أيضاً ركز لأول مرة على فكرة البحث عن الشغف وتحقيق الذات عن طريق العمل الحر على سبيل المثال، وليس فقط السعي وراء وظيفة اعتيادية بدوام ثابت يومياً.
وأباح أيضاً فكرة إنه يمكن للشباب عدم معرفة أهدافهم في الحياة والعمل مبكراً، على خلاف المبدأ المعتاد والتوقعات المعهودة وقتها، فلم يعد مبدأ الاستقرار الوظيفي مصدر قلق وأصبح اقتصاد الوظائف المؤقتة، وهو سوق يتميز بوظائف مستقلة قصيرة المدى تشبه تلك التي تلعبها راتشيل وجوي وفيبي في مسلسل فريندز، شيئاً شائعاً جداً، ليصبح المسلسل الكوميدي، عملاً فنياً يخاطب الشباب بلغة جديدة، سلسة، مرحة ومرنة، مغايرة للأنماط والقوالب المتاحة في ذلك الوقت.
كيف أصبح فريندز مسلسل أقوى من الزمن؟
والغريب أن هذا المسلسل ببساطة فكرته وحبكته ظل موجوداً بقوة لتتابعه أجيال متتالية حتى وقتنا هذا، ونحن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.
وبعد انقضاء أكثر من 25 عاماً على بداية عرض المسلسل ذي العشرة مواسم، استمر عرضه على منصات المشاهدة المختلفة مثل نتفليكس، وهولو، وأمازون برايم، حتى قررت مجموعة وارنر براذرز سحب المسلسل وعرضه حصرياً على منصاتها الخاصة مثل إتش بي أو.
الأمر الذي غير من استراتيجية المنصات ولفت انتباه الشركات المختلفة مثل نتفليكس و أمازون لتبدأ إنتاج أعمالها الخاصة، وذلك لتجنب خطر اختفاء المحتوى أو قلة توفره.
فعندما كانت منصات البث مثل هولو، ونتفليكس، وأمازون أكبر المسيطرين على سوق المنصات، استخدمها الأشخاص في الغالب لمشاهدة المسلسلات القديمة التي انتجت من قبل والتي كانوا يستضيفونها فقط على منصاتهم مقابل مبلغ مالي، ولكنهم لم ينشئوها أو ينتجوها بأنفسهم، فعلى سبيل المثال كانت الأعمال الأكثر شعبية على منصة نتفليكس في عام 2018 مسلسلي ذا أوفيس وفريندز، وفقاً لشركة التحليلات جامب سوت، نقلاً عن فوكس.
أدت شعبية هذه العروض المنتجة سابقاً إلى تحويلها إلى أدوات فعالة فيما عُرف بـ حرب المنصات، ووفقاً لمجلة فوربس دفعت نتفليكس نحو 100 مليون دولار مقابل حق بث مسلسل فريندز في عام 2015، وبعد ثلاث سنوات دفعت المبلغ نفسه تقريباً مجدداً للاحتفاظ بالمسلسل طوال عام 2019، وانتهى حقها في البث للعمل التلفزيوني في عام 2020.
وفي يوليو 2019، أنفقت شركة وارنر ميديا نحو 500 مليون دولار لضمان حقوق ملكية مسلسل فريندز وعرضه على منصتها إتش بي أو ماكس التي أُطلقت في مايو 2020.
لكن نتفليكس أشارت إلى أن هذا الأمر ساعد في توفير المزيد من الأموال لإنفاقها على إنتاج أعمالها الأصلية، والتي فازت بالفعل بالكثير من المشاهدات، بل وأيضاً بالجوائز العالمية، مثل المسلسل الشهير ذا كراون الذي يروي تاريخ العائلة المالكة في بريطانيا.
فريندز يحطم الأرقام
اجتذبت الحلقة الأولى من مسلسل فريندز، عند عرضها في سبتمبر عام 1994، نحو 22 مليون مشاهد، وتوالت التعليقات الإيجابية على المسلسل الجديد وقتها، استمر المسلسل لمدة عشرة مواسم على مدار عقد من الزمن مستولياً على عرش المسلسلات الأكثر شعبية والأكثر مشاهدة.
ارتبطت الأجيال من المتابعين بشخصياته الستة حتى إنهم حفظوا سطوراً من نصوص الممثلين، وظلت تُردد وتُستخدم حتى يومنا هذا في المواقف الحياتية الكوميدية وفي حملات الدعاية الإعلانية وغيرها من المواقف.
وبُثت الحلقة الأخيرة في مايو عام 2004 لتجلب حجم مشاهدة هائل بنحو 52 مليون مشاهد، ما جعلها في المرتبة الثالثة كأكثر حلقة نهائية مشاهدة من أي مسلسل آخر على الإطلاق في ذلك الوقت.
في زمن سابق هو أقل معرفةً بتكنولوجيا الاتصالات والإنترنت، ومشاهدين أقل تعرضاً لهوس وسائل التواصل الاجتماعي، استطاع مسلسل فريندز أن يحتل مرتبة عالية وأن يُحدث أثراً ممتداً على أجيال كثيرة، ولكن اليوم تمر أسرة المسلسل الأكثر شعبية بجانب المعجبين من حول العالم بوقت حزين على فراق أول الأصدقاء من ضمن الستة في عائلة فريندز.