سيصل عدد الناطقين باللغة العربية عام 2050 إلى 720 مليون شخص، والمزيدُ من الدعم مطلوبٌ للنهوض ب صناعة النشر والصناعات الإبداعية وإفساح المجال أمام الأجيال القادمة للتعرف على البُعد الثقافي والحضاري للغة العربية وتحويل الإرث العربي بشكل خلّاق وفاعل في مختلف مجالات النشر و المحتوى الإبداعي.
هذا ما قاله علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة في الإمارة خلال لقاء خاص مع «CNN الاقتصادية» بمناسبة المؤتمر الدولي الثالث للنشر العربي والصناعات الإبداعية الذي عقد في أبوظبي في 28 أبريل نيسان.
الثقافة والاقتصاد: تلازم المسار
قال بن تميم إن النشر العربي تخطى مرحلة الاعتباطية والعشوائية وأصبح صناعة قائمة بحد ذاتها، لافتاً إلى أهمية دخول الثقافة في الاقتصاد.
ولفت إلى أن هناك نقصاً في البحوث العلمية في العالم العربي، وألمح إلى التأثير المباشر للثقافة على النمو الاقتصادي والتنمية، داعياً إلى تبني دراسات تظهر الترابط الفعلي بين قيم الإبداع الإنتاجية في الاقتصاد.
كانت الأمم المتحدة قد أدرجت تنشيط الصناعات الإبداعية ضمن أهداف الاستدامة لما توفره من مزايا إنتاجية وقيمة مضافة للاقتصاد سواء عبر خلق فرص عمل أو المساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتوسيع قاعدة الصادرات الوطنية، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (الأونكتاد)، فإن الاقتصاد الإبداعي يسهم بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وكانت الإمارات قد تبنت في الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية النهوض بقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية لتسجل مساهمة بنسبة خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المحلي بحلول عام 2031، ما يعزز مكانة الدولة على خريطة الإبداع الثقافي العالمي ويجعلها وجهة جاذبة للمبدعين في المجال الثقافي من مختلف أنحاء العالم.
أبوظبي.. تجربة ملهمة
ركز بن تميم على الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات في هذا المجال من خلال خلق نظام بيئي متكامل ومحفزات قوية ترعى الثقافة بدعم واستثمار من قبل القطاع الخاص.
وأشار كذلك إلى التجربة الملهمة التي خاضتها أبوظبي كونها أسهمت في دعم الترجمة وإيجاد حلول لضعف البحث العلمي ومشروع كلمة الذي تضمن ترجمة أكثر من 1000 كتاب إلى أكثر من 16 لغة.
وينشط مركز أبوظبي للغة العربية في لعب دور محوري لتكثيف جهود الاستراتيجية الإبداعية الوطنية، وذلك من خلال وضع الاستراتيجيات العامة لتطويرها والنهوض بها علمياً وتعليمياً وثقافياً وإبداعياً، وتعزيز التواصل الحضاري وإتقان اللغة العربية على المستويين المحلي والدولي، ودعم المواهب العربية في مجالات الكتابة والترجمة والنشر والبحث العلمي وصناعة المحتوى المرئي والمسموع وتنظيم معارض الكتب.
ويعمل المركز لتحقيق هذه الأهداف عبر برامج متخصصة وكوادر بشرية وشراكات مع كُبرى المؤسسات الثقافية والأكاديمية والتقنية.
ودعا بن تميم إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص في تقييم المنح والتمويل للمشاريع الشابة بهدف تحقيق استدامة هذه المشاريع.
وكشف بن تميم عن تطوير مشروع (بارق) الذي هو عبارة عن معجمية أدبية باللغة العربية قائمة على الذكاء الاصطناعي مع جامعة نيويورك أبوظبي، يتعرف الباحث من خلاله على المعجمية العربية في كل المراحل التعليمية ويشكل منصة تسهِّل عمل المؤلفين والمبدعين باللغة العربية.
وشدد بن تميم على أهمية إشراك المواهب وتطوير الأدوات والمهارات لتمكين أصحاب المواهب من معرفة البُعد الحضاري للثقافة واللغة العربية لتكون ثقافة عابرة للحدود.