مؤشرات متزايدة على أن قطاع الطيران العالمي بات يعاني من نقص في أعداد الطيارين، بينما تشير التوقعات إلى تفاقم هذه الأزمة خلال السنوات المقبلة، ليصل حجم النقص إلى 65 ألف طيار بحلول عام 2030، بحسب شركة الاستشارات الإدارية العالمية «أوليفر وايمان».
الشرق الأوسط أحد أبرز المناطق التي ستعاني من نقص الطيارين، في ظل تنامي حركة الطيران ودخول لاعبين جدد إلى السوق، كما هي الحال في السعودية على سبيل المثال.
تقول «أوليفر وايمان» إن الحل يتطلب جهوداً مشتركة من قبل الجهات المعنية، وعلى رأسها شركات الطيران والحكومات الساعية إلى تنمية قطاع الطيران، في حين قد تعتمد الحلول قصيرة الأجل في بعض الأسواق على استقدام الطاقات المطلوبة من أسواق تمتلك فائضاً، كبعض مناطق آسيا وأمريكا اللاتينية.
قال أندريه مارتينيز، الشريك ورئيس قسم النقل والخدمات لمنطقة الهند والشرق الأوسط وإفريقيا في «أوليفر وايمان»، في حديثه لـCNN الاقتصادية، «نتوقع نقصاً كبيراً في أعداد الطيارين على المستوى العالمي، وقبل الجائحة كنا قد خلصنا إلى أنها قضية كبيرة، والآن بعد الجائحة ومع الكثير من الأشخاص الذين يعيدون التفكير في حياتهم المهنية، ومع عمليات التسريح، بات النقص في أعداد الطيارين ملموساً بشكل أكبر من قبل».
وقال «على المستوى العالمي نتوقع أن يصل النقص في أعداد الطيارين إلى نحو 65 ألف طيار بحلول عام 2030، وبالنظر إلى كل منطقة على حدة وبالحديث عن الشرق الأوسط، لدينا نحو 16 ألف طيار، والطلب يتماشى إلى حد كبير مع الاحتياجات».
وأضاف «النقص في حدود ثلاثة في المئة، لكن نتوقع خلال السنوات المقبلة ما لم تكن هناك إجراءات استثنائية أن يصل عدد الطيارين في المنطقة إلى نحو 17 ألف طيار، فيما الطلب سيكون فوق 33 ألف طيار، وبالتالي فالنقص في منطقة الشرق الأوسط سيكون في حدود 16 ألفاً، أي نحو 50 في المئة من العدد المطلوب».
ووفق مارتينيز، هناك مشكلة في ما يخص نقص الطيارين على المستوى العالمي، لكن في العديد من مناطق العالم، لا سيما في أمريكا اللاتينية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، هناك فائض في الطيارين يمكن استخدامه في المناطق الأخرى كالشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية.
وتابع «نعتقد أنه وبشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط هناك إجراء يجب أن يُتخذ، إذ لدينا قطاع طيران نشط وقوي جداً في المنطقة، لدينا شركات طيران تعيد تحديث أعمالها وتتابع توسيع أسطولها وشبكتها، ولدينا العديد من خطوط الطيران الجديدة التي تدخل إلى السوق كما هي الحال في السعودية».
وأوضح أنه بالنظر إلى أسواق أخرى كالهند، فهناك تطور وزيادة كبيرة في الأساطيل، وهو ما يزيد الطلب على الطيارين والكوادر والمهنيين.
وقال «نتيجة لذلك، نرى (طيران الإمارات) أعلنت أنها بصدد توسيع مرافق التدريب الخاصة بها لاستيعاب احتياجات أسطولهم المقبل، وسيساعد ذلك في تقليل حجم النقص، لكن ما زلنا نعتقد أن هناك نقصاً كبيراً يجب معالجته، وإجراءات تحتاج لأن توضع موضع التنفيذ من قِبل كلٍ من شركات الطيران وأكاديميات التدريب والحكومات في المنطقة».
وأشار مارتينيز إلى أن متوسط عمر الطيارين في المنطقة 47 عاماً، وبالتالي فالكثير منهم سيصلون إلى التقاعد خلال السنوات القليلة المقبلة، وهذا أيضاً يتطلب زيادة تدريب الطيارين لمواكبة نمو القطاع.
وبالنسبة للإمارات، قال مارتينيز «لاحظنا أن شركات الطيران لا تزال تتوسع في توظيف المزيد من الطيارين».
وأشار إلى وجود معلومات من شركات أخرى في منطقة الخليج تفيد بأنها تقوم بالتوظيف لتعويض الطيارين الذين يغادرون الخدمة، لكنه لفت إلى أن الطيارين الذين يغادرون أكثر من الذين يلتحقون بقوة العمل، وبالتالي فتلبية احتياجات الأساطيل والطائرات الجديدة تتطلب توظيف المزيد.
وحول السوق السعودية، توقع مارتينيز احتياجات كبيرة في ما يخص الطيارين، وبمعدل زيادة يصل إلى عشرة في المئة سنوياً من أجل تلبية احتياجات السوق.
وأضاف أنه ما لم تُتخذ إجراءات محددة، فإن النقص في السوق السعودية قد يصل إلى ما بين 25 و30 في المئة عن الاحتياجات.
وبخصوص الحلول الممكنة، أوضح أن البلدان تعتمد مقاربات مختلفة في التعامل مع الاحتياجات، فبعض الدول لديها أكاديميات طيران قوية، والبعض الآخر لا يزال يستورد الاحتياجات من بلدان أخرى في المنطقة وخارجها، بل ومن الطيارين العاملين في السلك العسكري أيضاً.
وختم بالقول «من الضروري مشاركة العديد من الجهات المعنية، بدءاً من شركات الطيران، التي يجب عليها توفير رؤية واضحة للاحتياجات وحجم الأسطول والطائرات التي ستدخل الخدمة ونوعها وسن التقاعد وغير ذلك، وصولاً إلى الجانب الحكومي الذي يرغب في تطوير وتنمية قطاع الطيران».