يواجه قطاع الشحن البحري في الوقت الراهن تقلبات وتغيرات غير مسبوقة، نتيجة لحالة عدم اليقين الجيوسياسي وتغير متطلبات المستهلكين عالمياً، إضافة إلى الأهداف البيئية التي باتت تعتبر مطلباً رئيساً في القطاع.

ووفق خبراء في قطاع الشحن البحري، تدفع حدة التقلبات باتجاه وضع المزيد من الضغوط على شركات القطاع، وتجعل الاستراتيجيات طويلة الأجل غير فعالة ما لم تقترن بمرونة تجعلها قابلة للتماهي مع المتغيرات.

ويتوقع الخبراء أن تزيد متطلبات الاستدامة من تكاليف صناعة النقل البحرية، لتصل في النهاية إلى المتعاملين النهائيين كون الشركات لا تستطيع تحملها وحدها.

وقالت إيما هويل، مدير تطوير الأعمال في الشرق الأوسط لمجموعة «إنفورما ماركتس ماريتايم أند كروز»، إن «الصناعة البحرية تواجه العديد من التحديات، بما في ذلك التغير في طلب المستهلكين وعدم اليقين الجيوسياسي، وكذلك الوصول إلى نهاية الوباء».

لكن على الرغم من هذه التحديات، توقعت أن يستمر القطاع بالنمو في السنوات المقبلة، مدفوعاً بعوامل مثل زيادة حجم التجارة، إضافة إلى الزخم التكنولوجي والأهمية المتزايدة للاستدامة.

من جهته، قال أندرس أوسترغارد، الأمين العام لجمعية الإمارات للنقل البحري، «التحدي الرئيس الذي يواجه قطاع الشحن في الوقت الراهن هو التقلبات، فالتجارة العالمية أكثر تقلباً من أي وقت مضى، وكل شيء يتغير».

وأضاف «نرى الكثير من التغيرات الجيوسياسية والديموغرافية، كما نرى التحول الأخضر أو المستدام وأهدافاً بيئية جديدة، وبالتالي فالتقلب هو التحدي الرئيس لصناعتنا».

لا وقت للاستراتيجيات

وحول إمكانية التغلب على التحديات بوضع استراتيجيات محكمة، قال أوسترغارد «الآن ليس هناك وقت للاستراتيجيات، ففي حال تم وضع الاستراتيجية في الوقت الراهن فيجب أن تُراقب وتُوجه، ما يعني أن العالم بات يتغير بشكل يومي في الوقت الراهن، وما أعنيه بأن الاستراتيجية التي توضع يجب أن تراقب عن كثب وتوجه هو أن تكون جاهزة لما قد يحمله الغد».

وأكد أن الوقت الراهن هو وقت إدارة الأعمال عن كثب والانفتاح والاستعداد لتغير بيئة العمل في شتى القطاعات.

هل سيدفع العملاء تكاليف الاستدامة؟

وفيما يخص الاستدامة وكيف ستؤثر على أعمال شركات الشحن، قال أوسترغارد، «إحدى التأثيرات ستأتي من خلال التحول من الوقود التقليدي كالديزل إلى الميثانول أو الأمونيا ما يعني المزيد من التكاليف، وهذه التكاليف لا يمكن تحملها من قبل شركات الشحن فقط، بل سيتم نقلها إلى العملاء وأخيراً ستدفع من قبل المستهلكين ما يعني مزيداً من التضخم».

وحول أسعار الوقود البديل كالميثانول، قال «من الصعب تحديد سعر معين، فإلى الآن ليست هناك سوق راسخة، وبالتالي فلا بد من بناء هذه السوق أولاً، ثم بعدها نحصل على السعر المحدد، لكن من الممكن القول كمؤشر تقريبي إن سعر الوقود البديل سيكون ضعف الوقود التقليدي».

أرباح شركات الشحن

وأشار أوسترغارد، إلى أن قطاع الشحن حالياً شديد التقلب، قائلاً «ففي حين رأينا أرباحاً قياسية في مجال الحاويات خلال العام الماضي بأكمله فخلال العام الجاري رأينا الأسعار انخفضت، وقطاع البضائع السائبة يعاني ويمر بوقت صعب من حيث العائد، والشحن البحري في مجال النفط والغاز كذلك».

وحول توقعات أرباح شركات الشحن، قال «على المدى القريب للعام الجاري، ستكون الأرباح ضمن المستويات التي نشهدها حالياً، ولا شك أن التقلب سيكون عنصراً أساسياً فيما يمكن أن نشهده».