ماذا ستفعل إذا علمت أن طائرتك التي تحلق على ارتفاع 12 ألف متر فوق سطح الأرض تحلق بلا طيار؟

الطائرات بدون طيار موجودة بالفعل، لكن استخدامها كان يقتصر على أغراض الاستطلاع والمراقبة فقط، ولم تُستخدم في الرحلات التجارية من قبل، لكنك قد تجد نفسك مستقلاً طائرة بلا طيار لنقلك إلى وجهتك المفضلة حول العالم قريباً، إذ يعمل مصنعو الطائرات على قدم وساق لتحقيق هذا الهدف في أقرب وقت، في حين تتطلع شركات الخطوط الجوية للوصول إلى هذه اللحظة بحماس شديد، على الجانب الآخر تستشعر نقابات الطيارين هذا الخطر الوشيك الذي قد يقلص الطلب على الطيارين بشكل كبير.

مصنعو الطائرات

هناك عدد من الشركات الناشئة التي تطمح لتحويل حلم الطائرات التجارية ذاتية القيادة إلى واقع ملموس، ومن بينها شركة «ميرلن» التي يقع مقرها في بوسطن بولاية ماساتشوستس، إذ تمكنت الشركة من تصنيع خمسة نماذج لطائرات ذاتية القيادة نجحت في التحليق لأكثر من 800 ساعة في الهواء بدون طيار، وتسعى الشركة للتعاون مع هيئة الطيران المدني في نيوزيلندا وإدارة الطيران الفيدرالية الأميركية للتصديق على تلك النماذج والسماح بدمج التكنولوجيا التي تقدمها في الرحلات التجارية المتجهة لنيوزيلندا، حتى تصل إلى مرحلة إطلاق الطائرات الكبيرة بطواقم أقل عدداً من المعتاد، وإطلاق الطائرات الصغيرة بدون طواقم على الإطلاق، وفقاً للموقع الإلكتروني للشركة.

وكانت عملاقة تصنيع الطائرات «إيرباص» قد انتهت من مشروع التاكسي الطائر ذاتي القيادة، وأجرت 500 رحلة تجريبية، تم تخصيص ما يقرب من 450 منها لجمع البيانات وتحسين خوارزميات التحكم الآلي في الطائرة.

أما شركة «إكس وينغ»، فتعمل حالياً مع شركاء الخدمات اللوجستية السريعة مثل «يو بي إس» لنقل البضائع بطريقة أكثر كفاءة وأقل تكلفة إلى وجهات إقليمية مختلفة، إذ نجحت لأول مرة في تجربة نموذج الطائرات المُسيرة في عام 2021، وتمكنت من توجيه طائرة ذاتية القيادة إلى وجهة مُحددة دون تدخل طيار السلامة المتواجد في قمرة القيادة، إذ استعانت بفريق «إكس وينغ» الأرضي للتحكم في الرحلة.

وتخطط الشركة للبدء بنقل البضائع من وإلى المطارات الصغيرة بطائرات ذاتية القيادة بالكامل كخطوة تمهيدية تجاه تحقيق حلمها بتسيير طائرات ركاب بلا طيارين بشريين على الإطلاق.

لماذا تسعى الشركات لتطبيق هذه التكنولوجيا؟

الإجابة الفورية هي «الأرباح»، فالشركات المصنعة تطمح لتطوير منتجات يمكن بيعها بمبالغ ضخمة، بينما تسعى شركات الطيران إلى خفض التكلفة وزيادة عدد الرحلات.

ومن المتوقع أن يسهم هذا النوع من الطائرات في تحقيق العديد من الفوائد لقطاع الطيران، أبرزها تحسين الأرباح وتقليل التكلفة وتعزيز عنصر السلامة والتغلب على أزمة نقص الطيارين.

نقص الطيارين

في خمسينيات القرن الماضي، كانت الطائرات المدنية تحتاج لخمسة أشخاص في قمرة القيادة (اثنان من الطيارين، ومهندس طيران، ومشغل راديو، وملّاح)، لكن على مر السنين أدت التطورات التقنية في الاتصالات اللاسلكية وأنظمة الملاحة ومعدات المراقبة على متن الطائرة إلى إزالة الحاجة تدريجياً إلى بعض الأدوار الوظيفية، ما جعل من الممكن قيادة طائرة ركاب بأمان كامل في وجود اثنين من الطيارين فقط.

وتؤخذ احتياطات خاصة للتأكد من سلامة الطيارين أثناء الرحلة، على سبيل المثال يتناول كل طيار وجبة مختلفة عن الآخر تحسباً لحدوث أي أعراض مرضية ناتجة عن تناول الطعام.

وعلى الرغم من وضع الطائرات على وضعية «القيادة الذاتية» بعد إقلاعها بفترة وجيزة، فإن ذلك لا يمنع من الحاجة لتدخل الطيار البشري من آن لآخر أثناء تحليق الطائرة.

وتعالت الأصوات مؤخراً لإيجاد استراتيجيات للاكتفاء بطيار واحد فقط بدل اثنين في الطائرات التجارية لتقليل التكلفة وتخطي أزمة «نقص الطيارين» التي من المتوقع أن تستمر لعدة سنوات.

ففي مؤتمر للمديرين التنفيذيين لشركات الطيران في واشنطن العام الماضي، توقع المديرون أن يحتاج القطاع لنحو 14 ألف طيار جديد كل عام، بينما المتاح ستة آلاف طيار فقط، ما يزيد الضغوط على شركات الطيران لمواكبة الطلب المتزايد على السفر الجوي.

وفي عام 2021، أعلنت شركة كاثي باسيفيك وإيرباص أنهما تعملان على رحلات جوية طويلة المدى في وجود طيار وحيد في قمرة القيادة.

السلامة

يُعد الطيران إحدى وسائل النقل الأكثر أماناً في العالم، فمن بين 25 مليون رحلة تم إطلاقها العام الماضي، شهد قطاع الطيران المدني 48 حادثة فقط منها أربع حوادث مميتة، وفقاً لتقرير منظمة الطيران المدني الدولي.

تقول شركة «إكس وينغ» على موقعها إن 70 إلى 80 في المئة من حوادث الطائرات ترجع إلى عنصر الخطأ البشري، في حين تتخذ أداة «سوبر بايلوت» -الموجودة في الطائرات ذاتية القيادة- قرارات آمنة ودقيقة ولديها مستشعرات تعمل على مدار الساعة، وهي مصممة لتلبية معايير السلامة الخاصة بصناعة الطيران، لذلك ترى الشركة أن تقنيات التحكم الآلي ستوفر رحلة أكثر أماناً للركاب مقارنة بالطائرات التقليدية التي تحتاج للعنصر البشري.